إنها مصر

الوعى والقانون !

كرم جبر
كرم جبر

المجتمعات تحمى نفسها بالوعى والقانون.
الوعى بإعادة إحياء القيم الأخلاقية، وبثها فى النفوس، ليعلم كل من يستخدم وسائل التواصل الاجتماعى أن فى يده سلاحاً خطيراً، إما أن يكون صالحاً أو فاسداً، يجلب الدفء أو يشعل الحرائق، يكون أداة للتواصل أو وسيلة للتراشق.

والقانون، بنشر الثقافة القانونية، والمحاسبة السريعة والعقوبات الحاسمة حال ارتكاب الجريمة، وبالعدالة الناجزة التي تسير عجلتها الآن بمعدلات كبيرة، وإذا جاء العقاب، فسوف يفكر من يسىء الأدب ألف مرة قبل أن يسىء للآخرين.

أصبح كثير من الناس متحفزين وكأنهم يضعون أصابعهم على الزناد، وينصبون أنفسهم حراساً على الفضيلة، ويطلقون الاتهامات دون سند أو دليل، وغير مستعدين أن يستمعوا لبعضهم البعض.

وفى زمن فيس بوك نحتاج أقصى درجات الوعى فالجزاءات وحدها لا تكفى، وإذا أُغلق موقع بإجراءات قانونية، يستطيع صاحبه أن يفتح موقعاً وأكثر بعد لحظات بأسماء وهمية.

وأصبحت القضايا المثارة مثل حقول الألغام، وتتخذ شكل الصراع التناحرى، ويظهر الكائن الشرير «فيس بوك» ويمنح للناس ساحات مفتوحة للتراشق دون ضوابط أو إفساح مسافة للعقل، لإبداء الآراء بهدوء وعقلانية.

فى قضايا الزواج والطلاق - مثلاً - تظهر النساء فى صورة سيئة لا تمت للحقيقة، وتبتعد المعالجة عن المهنية والمصداقية، وهى فى النهاية ليست ظواهر مجتمعية، ولا تحدث إلا على نطاق ضيق، وتبتعد تماماً عن هموم ومشاكل الناس، ولا تعكس واقعاً ملحاً فى المجتمع.
الأزمة ليست زواج المطلقات ولكن بالدرجة الأولى العنوسة وعزوف الشباب والشابات عن الزواج، وارتفاع سن الزواج وتسير مواقع التواصل الاجتماعى عكس ذلك.

ونستيقظ كل يوم أو ننام على فتنة مفتعلة تحقق أعلى درجات المتابعة والتعليق، وتشغل مساحات كبيرة من اهتمامات الرأى العام.
شجار وليس حوارا، صراع وليس كلاما، افتعال وليس انفعالا، وأسهل طريقة لكسب الترند هى سب وقذف الآخرين وتشويه صورتهم، وقد يصل الفعل إلى حد الجرائم المعاقب عليها قانونياً.

الضحايا لا يدركون أنه ليس فيها منتصر والكل مهزوم، ففى كارثة البنات المنتحرات بسبب نشر صور فاضحة - مثلاً - ماتت البنت وتجنى أسرتها الألم والحزن، وحصدت الأسرة التى قامت بالتشهير الخزى والعار، ودخل الشباب السجن ينتظرون مصيرهم المظلم.
القانون والحسم والوعى والضرب على أيدى المسيئين.