شىء من الأمل

معاليه سابق !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

لدعم لبنان وهو يتعرض لعدوان إسرائيلى عام ٢٠٠٦ سافر وفد شعبى مصرى بيروت على متن طائرة عسكرية لأن مطار بيروت كان وقتها مغلقا بسبب العدوان، وكنت واحدا من هذا الوفد الشعبى المصرى الذى ضم بعض المسئولين ..

وقد التقى الوفد بالرئاسات اللبنانية الثلاث، رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ورئيس البرلمان ..

وكان كل عضو فى الوفد يقدم نفسه قبل أن يتكلم فى هذه اللقاءات، وفوجئت بأحد اعضاء الوفد يقدم نفسه بأنه مرشح سابق لرئاسة الجمهورية فى الانتخابات التى جرت فى مصر قبلها ببضعة أشهر وخاضها عدد غير معروف من المرشحين! ..

وبغض النظر عن أن ذلك ذكرنى بالممثل الشهير توفيق الدقن فى أحد الأفلام وهو يتباهى بتعريف نفسه بأنه (ساقط ابتدائية)، إلا أنه أكد لى أن كثيرا من أصحاب المناصب  بعد تركها يطيب لهم أن يتعامل معهم الناس وكأنهم لم يتركوها بعد، ولذلك يحرصون دوما على ألقابهم السابقة، خاصة لقب معاليه الذى يطلق على الوزير وأيضاً المحافظ ..

بل وصل الأمر التباهى بالترشح فى انتخابات رئاسية سابقة خرج منها خالى الوفاض من أصوات الناخبين! 

وإذا كان الكثير من أصحاب المناصب سابقا لا ينسون مناصبهم بعد تركها ولا يريد أن ينساها أيضا غيرهم، فإنهم عادة على العكس ينسون أفكارهم وآراءهم ومواقفهم وهم فى مناصبهم ويتحولون إلى أشخاص مختلفين يتبنون أفكارا أخرى مختلفة ويطرحون آراء كانوا يرفضونها ويتخذون أيضا مواقف كانوا يستنكرون على غيرهم اتخاذها، وهم فى مناصبهم السابقة، وهو ما يثير التساؤل حول هذا التغير والتبدل الذى حدث لهم بمجرد تركهم للمنصب الرسمى..

وأيضاً يثير التساؤل حول عدم قيامهم وهم فى مناصبهم بتنفيذ ما يقولون به بعد أن تركوا هذه المناصب؟! 

 نعم إن رؤية ومواقف الإنسان تتغير وتختلف حسب موقعه ..

فمن يتحمل مسئولية ستجده ينظر إلى الأمور بمنظار تلك المسئولية بينما ينظر المعارض إلى الأمور بمنظار آخر مختلف، ولذلك يقول المثل الشعبى الشهير إن (من يده  فى النار. ليس مثل الذى يده فى الماء)، وهذه حقيقة بالفعل، لكن المسئول السابق جمع بين  حال من يده فى النار ومن يده فى الماء ولذلك ليس مستساغا أن يحدث له هذا الانقلاب والتغير فى المواقف والآراء والأفكار ..

وبالتالى لا تفسير لذلك التبدل والتغير بعد ترك المنصب إلا أنهم كانوا يقولون وهم فى مناصبهم ما لا يقتنعون به ويقررون قرارات لا يتحمسون لها أو بالأصح يعارضونها، ربما لأن ذلك فى تصورهم يمد آجال مناصبهم ولا يحولهم سريعا إلى سابقين ..

ولله فى خلقه شئون وشجون!