حوار| سفير الاتحاد الأوروبي: توقيع وثيقة الشراكة المصرية الأوروبية.. الأحد

كريستيان برجر خلال حواره مع «الأخبار»
كريستيان برجر خلال حواره مع «الأخبار»

أنابيب الغاز استثمار رابح لاستغلالها فى نقل الهيدروجين الأخضر
من الضرورى وجود اتفاق يعالج قضايا ملء وتشغيل سد النهضة

أجرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أمس الأربعاء أول زيارة لها إلى القاهرة منذ توليها منصبها، حيث ألتقت الرئيس عبدالفتاح السيسي. وأكد السفير كريستيان برجر رئيس وفد الاتحاد الأوروبى فى مصر لـ «الأخبار» على أهمية توقيع مذكرة تفاهم ثلاثية بين مصر والاتحاد الأوروبى وإسرائيل لتصدير الغاز الطبيعى إلى أوروبا.

وأوضح برجر أن سامح شكرى وزير الخارجية ومسئول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبى جوزيب بوريل سيوقعان وثيقة أولويات الشراكة فى لوكسمبورج الأحد المقبل، والتى تحدد ملفات الشراكة المصرية الأوروبية حتى عام 2027، وإلى تفاصيل الحوار.
 

ما أجندة زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية إلى مصر؟

تعد الزيارة مهمة للغاية لأنها أول زيارة لرئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى مصر، كما أنها تأتى فى خضم تغيرات كبيرة تحدث فى العالم.. وتناولت مباحثاتها  مع الرئيس عبدالفتاح السيسى ملف الطاقة وإمدادات الغاز الطبيعى إلى أوروبا، حيث تم  الانتهاء من اتفاق ثلاثى مع مصر وإسرائيل لتصدير الغاز من مصر إلى أوروبا، كما تمت مناقشة قضية الأمن الغذائى والوضع فى أوكرانيا والحرب الروسية، إذاً المواضيع الثلاثة الرئيسية ستكون العلاقات الثنائية والأمن الغذائى والطاقة.

وهل تمت المفاوضات لتصدير الغاز للاتحاد الأوروبى بعد نشوب الحرب فى أوكرانيا؟

بدأت المباحثات قبل الحرب، للحاجة إلى تنويع مصادرنا من الغاز الطبيعي، وقد عززت الحرب فى أوكرانيا من تلك الحاجة، لأنه يجب علينا تقليل الاعتماد على الغاز الروسي.

الشراكة المصرية الأوروبية 

ما أبرز ملامح وثيقة أولويات الشراكة المصرية الأوروبية التى سيتم توقيعها؟

يوم الأحد القادم 19 يونيو الجارى سيعقد اجتماع مجلس الشراكة بين مصر والاتحاد الأوروبى فى لوكسمبورج، برئاسة الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل ووزير الخارجية سامح شكري ، وثيقة أولويات الشراكة ستكون هى الثانية من نوعها، الأولى تم إقرارها فى 2017، الوثيقة الجديدة تستمر حتى عام 2027.

وهى تتضمن تقريباً الملامح الرئيسية لوثيقة أولويات الشراكة الأولى، حيث تشمل دعم جهود مصر فى الوصول لاقتصاد قوى وحديث، وكيفية التعاون فى قضايا السياسة الخارجية، والتعاون فى مجال تحقيق الاستقرار والحوكمة، كما أضفنا مجالات جديدة مع تغير الأولويات التنموية، مثل الطاقة فى ظل تحول مصر إلى مركز للطاقة فى منطقة شرق المتوسط وشمال إفريقيا.

بالإضافة لجهود مصر فى الاستفادة من الطاقة المتجددة كطاقة الرياح والطاقة الشمسية، وكذلك الهيدروجين الأخضر، الذى يحظى باهتمام العديد من الشركات الراغبة فى التعاون مع مصر.. المجال الآخر الذى تم استحداثه كان نتيجة جائحة فيروس كورونا، وهو تصنيع اللقاحات لخدمة القطاع الدوائى فى مصر، وكذلك لصالح المستهلكين فى شمال إفريقيا والقارة بشكل عام، أما المجال الثالث فهو تغير المناخ فى وقت تستعد فيه مصر لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة لأطراف اتفاقية المناخ كوب 27.. إذن بنية اتفاق أولويات الشراكة المرتقب توقيعه يتشابه مع الاتفاق السابق مع أجزاء جديدة.

كيف يتعاون الاتحاد الأوروبى ومصر فى مواجهة تحديات الأمن الغذائى التى تؤرق العالم حالياً بعد اندلاع الحرب الأوكرانية؟

محصول القمح متوفر، ولكن الأزمة فى كيفية شحنه وتفريغه ونقله، وهذا ما أدى لمضاعفة السعر خلال الثلاثة أو الأربعة أشهر الأخيرة، لذلك أنشأنا آلية «الغذاء والقدرة على التكيف» لمساعدة جيراننا المباشرين فى شمال أفريقيا والشرق الأوسط بما يشمل مصر التى حددت حصتها بـ100 مليون يورو، واتفقنا مع الحكومة المصرية على أن توجه تلك المبالغ لتطوير مناطق تخزين القمح ودعم مجتمع المزارعين لمنحهم فرصاً أفضل للوصول إلى التسهيلات التمويلية، وأنواع أحدث من البذور والتكنولوجيا خاصة فى مجال الري، كما أطلقنا آلية لمساعدة شركائنا فى إفريقيا بمناطق الساحل والقرن الإفريقى ودول جنوب الصحراء، وعلى الصعيد العالمى يشارك الاتحاد الأوروبى فى مجالات الأمن الغذائى بما يقارب 3 مليارات يورو.

هناك مؤشرات على أن الحرب فى أوكرانيا ستطول.. هل تعمل أوروبا على الاستعداد لذلك؟ وهل قد يؤثر ذلك على التعاون مع الشركاء مثل مصر؟

موقفنا من الحرب واضح بأن على روسيا أن توقف عدوانها على أوكرانيا وتنسحب من الأراضى التى احتلتها.. رئيسة المفوضية الأوروبية زارت كييف قبل أيام وبحثت كيفية دعم أوكرانيا وإعادة إعمارها وطلب انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، أما بشأن التعاون مع الشركاء فأعتقد أن الوضع الحالى يحتم مزيدا من التعاون معهم لأن العديد من مقومات الأمن والاستقرار التى اعتدنا عليها على مدار سنوات قد أصبحت فى خطر، لذلك علينا العمل على تقوية التعاون الدولى من أجل التكيف مع تداعيات الحرب.

التضامن المشترك 

بعد سنوات من الحديث عن دعوات الانفصال عن الاتحاد الأوروبى نجد الآن طلبات من مقدونيا وأوكرانيا وغيرهما للانضمام له.. هل الحرب أثبتت أهمية دور الاتحاد الأوروبي؟

نعم، فقد رأينا كيف أن الاتحاد الأوروبى مهم فى تحقيق الاستقرار، وأيضاً فى ضمان الأمن من خلال التضامن المشترك بين الدول الأعضاء، لذلك من أجل التطلع لمستقبل أفضل هناك 6 دول فى منطقة البلقان تسعى للانضمام، وانضمت لها مؤخراً 3 دول هى جورجيا ومولدوفا وأوكرانيا قدمت طلبات الانضمام للاتحاد، ومن المتوقع خلال أيام أن تقدم المفوضية الأوروبية تقييمها للطلب الأوكراني.

كيف يمكن للاتحاد الأوروبى دعم سعى مصر للربط مع اليونان وقبرص فى مجال الطاقة خاصة عبر خطوط أنابيب تحت البحر؟

فى العام الماضى أطلق الاتحاد الأوروبى مشروع «بوابة عالمية» لربط الدول والقارات، وبالطبع إفريقيا وأوروبا، والربط الكهربائى بين مصر واليونان قد يكون أحد تلك الأفكار، وكما تعلم هناك مذكرة تفاهم بين البلدين لإتاحة تصدير الكهرباء من مصر إلى اليونان، وقد يستغرق ذلك وقتاً، لكن ذلك المفهوم مهم ونحتاج لتلك العلاقة طويلة الأمد، والربط بين صادرات الكهرباء والغاز، والذى يعتبر تعاوناً على المدى القصير، لكن الحلول بعيدة المدى تتمثل فى الهيدروجين، والبنية التحتية التى تستخدم حالياً فى نقل الغاز يمكن تكييفها بسهولة لنقل الهيدروجين، وبالتالى فإن الاستثمارات الحالية فى قطاع الغاز لن تذهب سدى، وإنما سيتم توجيهها مستقبلاً لتستخدم فى نقل الهيدروجين.

هل الحاجة لتسريع الانتقال إلى الطاقة المتجددة تحفز المستثمرين الأوروبيين على الاستثمار بمصر التى تملك كافة المقومات من شمس ورياح وغيرهما؟

بالطبع، فأزمة المناخ والحرب فى أوكرانيا يوفران فرصاً، لأننا نحتاج للاستثمار فى تكنولوجيات جديدة وشركات جديدة قد تأتى وتقدم خدماتها، وهذا سيجذب المستثمرين الأوروبيين، فعلى صعيد التعاون الحكومى يمكننا الحديث عن وضع إطار ذلك الاستثمار، لكن فى النهاية تلك الشركات هى من تحدد كيفية الاستثمار، ومجال الهيدروجين الأخضر بالتحديد محل اهتمام كبير من قبل الشركات.

الطاقة المتجددة 

مع تبقى نحو 150 يوماً على مؤتمر المناخ .. هل تعتبره فرصة لمصر لجذب الاستثمارات فى الطاقة المتجددة؟

أعتقد أن المؤتمر فرصة جيدة لمصر لعرض ما تفعله بمجال البيئة ومكافحة تغير المناخ، والعديد من الشركات والمنظمات المصرية لديها أفكار ممتازة فى ذلك المجال، وسيوفر المؤتمر فرصة لعرضها على الحضور فى كوب 27 ومن بينهم المستثمرون، ونحن نعمل مع رئاسة المؤتمر، ونعتقد أن هناك أهمية كبيرة لعقد اجتماعات بشأن كيفية تنفيذ ما تم الاتفاق عليه فى مؤتمر جلاسكو والتحضير لمؤتمر العام المقبل فى الإمارات.. ونحن ندعم جهود مصر فى التنظيم عبر آليات الأمم المتحدة.

مع اقتراب الملء الثالث لسد النهضة.. ما الدور الأوروبى فى خروج المفاوضات من حالة الجمود الحالية؟

فى البداية أود أن أؤكد ضرورة وجود اتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا، ونحن مستعدون للعب دور فى المفاوضات إذا طُلب منا ذلك، وقد كان هناك اقتراح بأن يكون الاتحاد الأوروبى وسيطاً ضمن آخرين، لكن حتى الآن الاتحاد يتمتع بدور مراقب، ونحن مستعدون للوساطة بما نملكه من خبرات فى القارة الأوروبية بشأن أنهار عابرة للحدود مثل الدانوب والراين وغيرهما، قد تصعب المقارنة مع الوضع فى النيل، ولكن فى النهاية نعلم كيفية التعاون فى تلك الأمور، ونعتقد أنه بمجرد التوصل لاتفاق هناك آفاق واسعة لتعاون دول حوض النيل، والاتحاد الأوروبى مستعد لدعم ذلك التعاون اقتصادياً بين الدول الثلاث فور التوصل إلى اتفاق.

بعد الملء الثانى للسد، صدر بيان من الاتحاد الأوروبى يرفض الإجراءات الأحادية.. هل مازال ذلك الموقف قائماً؟

كما قلت، نحتاج إلى اتفاق بين الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا يعالج قضايا الملء ومدته وكيفية التشغيل، وكذلك مستقبل التعاون بين الدول الثلاث.

كيف ترون دعوة الرئيس السيسى إلى إجراء حوار وطني؟

نرحب بإجراء أى حوار من ذلك النوع، وهناك العديد من القضايا التى يمكن مناقشتها، ونؤمن بشدة بدور المجتمع المدنى والذى يعد قضية ترتبط مباشرة بعمل الاتحاد الأوروبي، لذلك نرحب بهذا الحوار ونتطلع إلى مخرجات الحوار ورؤية تنفيذها على أرض الواقع.

قضية الهجرة واللاجئين 

تدفق اللاجئين نتيجة الحرب فى أوكرانيا شكل عبئاً على الدول الأوروبية، كيف تتعاملون معه، وهل يمكن أن يؤثر على دعمكم للدول المستقبلة للاجئين؟

قضية الهجرة واللاجئين لطالما كانت محل نقاش داخل الاتحاد الأوروبي، والرئاسة الفرنسية الحالية للاتحاد أعلنت أنه قريباً سيتم الإعلان عن اتفاق طوعى لاستقبال للاجئين، ومنذ ما قبل الحرب الأوكرانية كان اللاجئون يأتون لأوروبا عبر الشرق باتجاه اليونان وأغلبهم سوريون وأفغان وغيرهم، بالإضافة إلى الأفارقة عبر البحر المتوسط من ليبيا إلى إيطاليا أو من المغرب إلى إسبانيا.

ووفق إحصاءات الأمم المتحدة العام الحالى هناك 100 مليون لاجئ ونازح حول العالم، وقد شهدت الدول الأوروبية موجة من المواطنين الأوكرانيين عبروا الحدود، تقدر أعدادهم بنحو 4 إلى 5 ملايين شخص، وقد عاد البعض لأوكرانيا مع استقرار الأوضاع فى بعض المناطق، وقد تم منحهم «وضعية خاصة للحماية» داخل دول الاتحاد، عبر السماح بدخول سوق العمل والخدمات الاجتماعية.

وشهد الاتحاد خلال السنوات الأخيرة موجة لاجئين تلو الأخرى، ونحتاج إلى اتفاق بين الدول الأعضاء بشأن ذلك الملف، حيث تحملت دول جنوب القارة الكثير من العبء، وحالياً بعد أزمة أوكرانيا استقبلت بولندا ودول البلطيق ووسط أوروبا مثل المجر وغيرها اللاجئين الأوكران.

نحن نرى الهجرة سلوكاً طبيعياً نحتاج فقط إلى إدارته بشكل جيد، فمن الطبيعى أن يبحث الإنسان عن وظيفة وحياة أفضل، والمثال على إدارة الهجرة نتعاون مع مصر فى برنامج لتحضير من يرغب فى الهجرة إلى الدول الأعضاء، وذلك بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، وتشارك فيه الدول بشكل فردى مثل ألمانيا.

مع وقوع اشتباكات مؤخراً فى طرابلس.. كيف يمكن لمصر والاتحاد الأوروبى العمل معاً لاستعادة الأمن فى ليبيا؟

مصر والاتحاد الأوروبى متفقان على ضرورة توصل العملية السياسية إلى نتائج ملموسة، وهذا يتطلب إجراء انتخابات، وقد رأينا العام الماضى تأجيل الانتخابات التى كان متفقاً عليها فى ديسمبر 2021، ونحن ندعم جهود بعثة الأمم المتحدة فى ليبيا وعملية برلين، وقد شهدنا بعض المؤشرات الإيجابية مؤخراً مثل تعاون البنكين المركزيين، حيث يرأس الاتحاد الأوروبى ومصر والولايات المتحدة بشكل مشترك اللجنة الاقتصادية المشتركة بين الطرفين الشرقى والغربى فى ليبيا، لكن المطلوب بشكل عاجل أن تمضى العملية السياسية قدماً.

إقرأ أيضاً|البنك الدولي: الحرب في أوكرانيا تتسبب في تراجع النمو العالمي لـ2.9%