«عقوبات روسيا» تجر الغرب نحو هاوية اقتصادية

إحدي محطات تنقيب الغاز فى روسيا
إحدي محطات تنقيب الغاز فى روسيا

 

مددت الولايات المتحدة حتى نهاية العام الجارى إعفاء المعاملات المالية المرتبطة بمشتريات الطاقة الروسية من العقوبات المفروضة على موسكو.

وقالت متحدثة باسم وزارة الخزانة الأمريكية لوكالة فرانس برس إن الإعفاء الذى كان سارياً لغاية 24 يونيو الجارى مدد حتى 5 ديسمبر. 


وفى سياق متصل قالت وكالة «بلومبرج» إن الولايات المتحدة على عكس تحمسها فى البداية بدأت الآن تدرك حجم الخسائر التى سببتها لنفسها من خلال العقوبات ضد روسيا ونقلت الوكالة عن مصادر لم تذكر هويتها أن فرض عقوبات صارمة على موسكو وقرار العديد من الشركات مغادرة السوق الروسية، فى البداية، جعل البيت الأبيض ينتشي، والآن أدرك أن هذا الوضع يضرب الاقتصاد الأمريكي، مضيفة أنه بات هناك قلق متزايد بشأن العواقب بالنسبة لأمريكا نفسها.ووفقا للمصادر ذاتها فى البداية أعجبت الإدارة الأمريكية بحجم دعم الغرب لمسار العقوبات، وكيف غادرت الشركات السوق الروسية واحدة تلو الأخرى، مما زاد الضغط على روسيا.

 

ولكن الآن بدأ المسئولون الأمريكيون فى واشنطن يلاحظون تدريجيا أن سلاسل التوريد تتعطل، وأن التأمين على إمدادات الحبوب أصبح مستحيلا، ونتيجة لذلك، أصبح التأثير السلبى لرحيل الشركات الغربية واضحا على العديد من الجوانب الاقتصادية. ووضعت العقوبات الغربية ضد روسيا، أوروبا والولايات المتحدة تحت ضغوط اقتصادية تاريخية من حيث التضخم وزيادة الأسعار والطاقة، كما التهمت الحرب ميزانية الاتحاد الأوروبي ووفقا لتقرير صادر عن كابيتال إيكونوميكس، فإن أوروبا معرضة للخطر بشكل خاص بسبب معدل نموها الضئيل 1% واعتمادها الشديد على واردات الوقود والغذاء، حيث تنتج أوروبا اليوم حصة أقل بكثير من الناتج العالمي. وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن بعض المصانع الأوروبية التى كانت تعتمد منذ فترة طويلة على الطاقة الروسية منخفضة التكلفة، أغلقت أبوابها على خلفية ارتفاع أسعار الطاقة العالمية.


ولفت تقرير للصحيفة إلى أن تكاليف الطاقة الصناعية فى أوروبا ارتفعت فى أعقاب «العملية العسكرية الروسية الخاصة فى أوكرانيا»، ما يعوق قدرة المصنعين على المنافسة فى السوق العالمية، مشيرا إلى أن أسعار الطاقة وصلت إلى أعلى مستوى لها خلال 13 عاما بعد ارتفاعها بنسبة 50 ٪ فى عام 2022 وأشارت الصحيفة إلى أن المصانع فى أوروبا تسعى جاهدة لإيجاد بدائل للطاقة الروسية، مشيرة إلى أن روسيا كانت زودت الاتحاد الأوروبى بحوالى 40 ٪ من الغاز فى عام 2021، وألمانيا أكبر اقتصادات المنطقة، تعد هى واحدة من أكثر الاقتصادات اعتمادا على الغاز الروسي.


وكتبت الصحيفة الأمريكية تقول إن الصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة مثل تلك المتخصصة فى صناعة الصلب والكيماويات والأسمدة، تغلق مصانعها الأوروبية وسط ارتفاع التكاليف وما وصف بمخاوف من قطع روسيا للإمدادات ولفت تقرير صحيفة «وول ستريت جورنال» إلى أن ارتفاع تكاليف الطاقة، الناجم جزئيا عن الحرب فى أوكرانيا، يجعل من الصعب على المصانع الأوروبية التنافس مع البلدان التى تنخفض فيها أسعار الطاقة، مشيرا على سبيل المثال، إلى أن الغاز الطبيعى الآن أكثر تكلفة بثلاث مرات فى أوروبا مما هو عليه فى الولايات المتحدة.


ومن جانبها كشفت صحيفة الجارديان البريطانية أن غلاء أسعار المعيشة فى أوروبا أصبح هو الشاغل الأهم للمواطن الأوروبى والذى طغى على شواغل أخرى بما فيها الحرب فى أوكرانيا وأوضح الكاتب -فى مقال نشرته صحيفة «الجارديان» البريطانية- أن أحد استطلاعات الرأي، الذى أجرى فى عشر دول أوروبية ( فنلندا وفرنسا وألمانيا و إيطاليا وبولندا والبرتغال ورومانيا وإسبانيا والسويد إلى جانب بريطانيا) فى الفترة ما بين 28 أبريل و11 مايو، أظهر أن معظم من شملهم الاستبيان أعربوا عن رغبتهم فى سرعة انتهاء الحرب فى أوكرانيا أكثر من رغبتهم فى محاسبة روسيا جراء العملية العسكرية الخاصة التى شنتها فى أوكرانيا فى آواخر فبراير الماضي.


وكشف الاستطلاع أن هناك العديد من المشاركين يرون أن الحرب هناك يجب أن تنتهى فى أسرع وقت ممكن حتى لو كان المقابل هو تنازل أوكرانيا عن جزء من أراضيها.