حوار| وزيرة التجارة السودانية: الرئيس السيسي صاحب رؤية ثاقبة فى بناء مصر الحديثة

 د. آمال صالح وزيرة التجارة والتموين بجمهورية السودان خلال حوارها مع «الأخبار »
د. آمال صالح وزيرة التجارة والتموين بجمهورية السودان خلال حوارها مع «الأخبار »

د. آمال صالح وزير التجارة والتموين بجمهورية السودان واحدة من الوزراء بالحكومة الانتقالية لجمهورية السودان الشقيقة، والتي مثلت بلدها خلال منتدى تعزيز التكامل الاقتصادى العربى الذى استضافته القاهرة مؤخراً، أكدت فى حوار خاص أجرته معها جريدة « الأخبار» على عمق العلاقات الاستراتيجية والمهمة بين مصر والسودان على كل الأصعدة تماشيا مع الروابط التاريخية وأواصر التعاون والتآخى التى تربط بين البلدين الشقيقين ، مشيرة فى الوقت ذاته إلى رغبتها فى تحقيق التكامل الاقتصادى الشامل بين مصر والسودان فى أسرع وقت ممكن حتى ينعم شعبا البلدين بالخير والنماء والاستقرار ..

مؤكدة أن الأيام القليلة القادمة ستشهد العلاقات المصرية - السودانية مرحلة جديدة فارقة من العلاقات التجارية والاقتصادية لم يسبق لها مثيل من قبل وستكون منعطفاً جديداً يعكس مفهوم التكامل الاقتصادى بين البلدين ..

كما طالبت بضرورة تكاتف الجهود وتذليل العقبات أمام تحقيق التكامل الاقتصادى بين جميع الدول العربية ، مشيرة إلى أن التحديات الراهنة والظروف الصعبة التى يشهدها العالم أثرت بالسلب على المنطقة العربية وتستوجب إعادة النظر فى العلاقات الاقتصادية بين الدول العربية تمهيداً لتشكيل تكتل عربى قادر على مواجهة الأحداث العالمية التى تحيط بنا .

شاركتم مؤخراً فى منتدى تعزيز التكامل الاقتصادى العربى الذى استضافته القاهرة .. ماذا تعكس لكم تلك المشاركة ونتائجها؟

بالفعل نشكر الشقيقة مصر قيادة وحكومة وشعبا على استضافة فاعليات منتدى تعزيز التكامل الاقتصادى بين الدول العربية ، الذى نظمه البرلمان العربى بالمشاركة مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية ، وكانت فاعليات المنتدى ناجحة وهادفة وشاركت جمهورية السودان فى المنتدى ممثلة فى وزارة التجارة والتموين ، وتضمنت الورقة التى طرحتها ضرورة تذليل العقبات ووضع خطط فورية وهادفة نحو تحقيق وتعزيز التكامل الاقتصادى بين الدول العربية .

ماذا عكست زيارتكم للقاهرة مؤخراً ؟

- كل مشاعر الحب والإخاء والألفة والصداقة الحميمة .. مصر أم الدنيا وتستحق أن يطلق عليها قلب العالم وما يقوم به الرئيس عبدالفتاح السيسى من نهضة وتنمية شاملة فى البشر والحجر خير دليل على أن أرض العروبة تسير فى الطريق الصحيح .. والخطوات الإصلاحية والمشروعات القومية التى تقوم بها مصر قيادة وحكومة وشعباً تعكس قوة وإرادة هذا الشعب الأبى الذى يسعى إلى بناء وطنه والحفاظ على مجده .. تحية تقدير وإعزاز للرئيس عبدالفتاح السيسى صاحب الرؤية الثاقبة والهادفة فى بناء مصر الحديثة .

هل لاقت دعوتك للتعاون العربى من أجل الاكتفاء الذاتى من الغذاء استجابة من المشاركين ؟

أنا تكلمت بوضوح وأردت أن أضع الحقيقة كاملة ليس لدينا ما نخفيه عن الآخرين .. بالفعل التقيت بعدد من رجال الأعمال وأصحاب الشركات العربية الذين أبدوا رغبتهم للاستثمار فى السودان وأكدوا على أهمية الترتيب لزيارة السودان .. ودعوة السودان للاستثمار فيها وخاصة فى مجال زراعة القمح لتحقيق الاكتفاء الذاتى منه دعوة صادقة ،وتأتى من القيادة السودانية .. هناك رغبة فى مساعدة دول العالم العربى على تجاوز أزماته الغذائية وخاصة بعد قيام الحرب الروسية - الأوكرانية .. ودعوتى إلى تعظيم الاستفادة من الموارد الاقتصادية التى تزخر بها المنطقة العربية وخاصة السودان وإقامة مشروعات مشتركة سينعكس آثارها إيجابيا على الاقتصاد العربى والأفريقى على حد سواء.

التكامل الاقتصادى

 لكن التكامل الاقتصادى العربى كلام قديم وحلم صعب المنال ؟

أتفق معك ، لكننا نواجه ظروفاً استثنائية صعبة وما يشهده العالم من حولنا كانت له نتائج سلبية ومباشرة على الأوضاع المعيشية للشعوب العربية الأمر الذى يجعلنا نأخذ القضية بقدر من الجدية .. لا يمكننا أن نقف مكتوفى الأيدى والعالم يشهد تطورات لا مثيل لها لمواجهة الأزمات التى تمر به ..

الوطن العربى لديه إمكانيات كبيرة ويتمتع بموقع استراتيجى فريد ولديه موارد طبيعية لا تقدر بثمن ، وأيدٍ عاملة ومدربة ..

كيف نغفل عن كل ذلك ولا ننتهز الفرصة ونتقارب ونتحد ونتعاون معا لخدمة شعوب المنطقة العربية ، والتكامل الاقتصادى شىء أساسى لجميع الدول العربية ..

ويحقق الوحدة الاقتصادية وخاصة أننا وطن واحد من حيث اللغة والموقع الجغرافى وامتداد العروبة من المحيط إلى الخليج بالإضافة إلى ثقافة واحدة و موارد طبيعية وخيرات تنعم بها جميع الدول العربية ..

بخلاف نهرالنيل الذى يربط جميع الدول من الجنوب حتى البحر المتوسط وهو ما جعل شعبى مصر والسودان شعبا واحدا تربطهما روابط مشتركة ومصالح متبادلة ورؤية مشتركة ..

كما تجمعنا بالسعودية روابط بحرية مشتركة وأواصر تعاون لخدمة البلدين وبما يتمتع به البلدان من ذهب ومعادن ونفط.

ربنا خلقنا بنوع من التكامل بين هذه البقعة من الأرض .. والتعاون والمحبة هو المطلوب بين الدول العربية فى تلك المنطقة نحن أقرب للتكامل من أى جهة أخرى.

لكن أزمة الغذاء جراء الحرب الروسية - الأوكرانية أثرت بالسلب على جميع الدول العربية .. فكيف يمكن تحقيق تكامل اقتصادى فى ظل تلك الأزمات ؟

قوة الإرادة تحقق المستحيل والظروف الصعبة التى يشهدها العالم وكانت لها سلبيات على الدول العربية كفيلة بأن نعيد التفكير فى مصالحنا بآليات أفضل من أى وقت مضى .. نحن فى أمس الحاجة إلى التكاتف والتلاحم من أجل مصالح شعوبنا .. أقولها صراحة السودان قادر على أن يكون سلة غذاء العالم وخاصة الدول العربية لما يملكه من أراض خصبة شاسعة وموارد طبيعية ضخمة وأيدٍ عاملة ومياه متدفقة وثروة حيوانية لا مثيل لها فى العالم وهو الأمر الذى يمكنه تأمين الغذاء للوطن العربى وتعويض نقص القمح الأوكرانى والروسي.

توافق عربى

 هل ذلك يحتاج إلى توافق عربى نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء عربياً ؟

بكل تأكيد ولذلك أطالب وأدعو جميع الدول العربية والشركات العربية للاستثمار بالأراضى السودانية الخصبة حتى يمكننا تحقيق الاكتفاء الذاتى لبلداننا من القمح وكل المحاصيل الزراعية ، لكن لن يحدث ذلك إلا بتحقيق التكامل العربي.

 لكن هناك تحديات كبيرة تواجه تحقيق ذلك عربياً ؟

صحيح .. هناك تحديات كبيرة لكن ينبغى علينا تخطى الصعاب وهناك تحديات عامة وأخرى خاصة بالدول، مشيرة إلى وجود التحديات الخاصة بالدولة وعلى رأسها : البنية التحتية والنقل والموانئ واللوجستيات وارتفاع تكاليف التجارة والقيود الإدارية وكثرة المستندات غير الضرورية..

ومن ثم على الدول العربية وضع القوانين التى تنظم انتقال رؤوس الأموال والاستثمار فى الدول ..

بخلاف ضرورة فتح الحدود أمام التجارة البينية بين جميع الدول العربية وتذليل كل العقبات التى تعيق حركة التجارة ..

والعمل على عقد شراكات عربية - عربية تدعم المصالح المشتركة بين البلدين وتفتح مجالات الاستثمار المتبادل .. وخير مثال أن السودان يشارك فى السوق العربية بـ 51% من قيمة تجارته مع الدول الخارجية ..

الاستعمار هو الذى عمل الحدود بين الدول وفى السابق لم تكون تلك الحدود موجودة ..

ومن ثم ضرورة إزالة الحواجز الجمركية ومنع الازدواج الضريبى وعمل إجراءات وبيئة تشريعية اقتصادية متشابهة بين الدول العربية وتعهد اتحاد الغرف العربية على تعزيز التنسيق والتواصل بين الجهات الرسمية والمختصّة وبين اتحاد الغرف العربية والجهات المنتسبة إلى منظومة الاتحاد لإزالة هذه المعوقات التى تؤدى إلى هجرة الاستثمارات خارج الوطن العربى مما يحول دون تحقيق تكامل اقتصادى عربى ..

تذكر رحلة الشتاء والصيف كما جاءت بالقرآن الكريم ..

لابد من وجود تكامل بين الدول العربية فى الموارد البشرية والتعليم وفى كل مناحى الحياة والتدريب .. ولتحقيق ذلك لابد من البعد عن الأنا .. واستخدام لغة العطاء والوئام بين الدول العربية.

لكن هناك قصور فى المضى قدماً نحو تحقيق التكامل الاقتصادى العربى ؟

نعترف بأنه لدينا قصور فى تحقيق التكامل الاقتصادى العربى .. التبادل التجارى بين الدول العربية لا يتعدى 16% لكن بين دول الاتحاد الأوروبى وصل إلى 70% هناك فجوة كبيرة وغياب التنسيق بين جميع الدول العربية فى تحقيق التكامل الاقتصادى .. التجارة العربية تحتاج إلى قرار مصيرى وهناك كلام كثير وقرارات كثيرة لكنها لم تنفذ .. لدينا زخم كثير من الاتفاقيات لكن لا تنفذ.

العلاقات الاستراتيجية

 ماذا عن العلاقات المصرية - السودانية وخاصة فى مجال التجارة ؟

لا يمكن لأحد أو جهة ما ..

أن تعكر صفو العلاقات المصرية - السودانية ؛ فهى باقية للأزل وهنا أتحدث بصراحة على عمق العلاقات الاستراتيجية والمهمة بين مصر والسودان على كل الأصعدة ،والتى تتماشى وتعكس الروابط التاريخية وأواصر التعاون والتآخى الذى يربط بين البلدين الشقيقين ، نحن مصير مشترك وشعب واحد لا ينقصنا إلا تحقيق التكامل الاقتصادى الشامل بين القاهرة والخرطوم فى أسرع وقت ممكن حتى ينعم شعبا البلدين بالخير والنماء والاستقرار ..

وأشير هنا إلى أن الأيام القليلة القادمة وخاصة فى شهر يوليو المقبل ستشهد العلاقات المصرية - السودانية مرحلة جديدة فارقة من العلاقات التجارية والاقتصادية ، لم يسبق لها مثيل من قبل وستكون منعطفاً جديداً يعكس مفهوم التكامل الاقتصادى بين البلدين ..

وذلك من خلال اجتماعات مصرية -سودانية قمت بها خلال مشاركة السودان فى منتدى تعزيز التكامل الاقتصادى العربى من أجل التحضير لملتقى كبير لوضع بروتوكول مصرى - سودانى للتكامل التجارى بين البلدين .

هذا يعنى أن هناك روابط اقتصادية وتجارية جديدة تربط مصر والسودان قريباً ؟

نعم .. سوف يكون هناك عدة لقاءات مع الوزيرة نيفين جامع وزيرة التجارة والصناعة وبين وزارة التجارة والتموين فى السودان ، وسوف نعلن للعالم كيف يكون حجم العلاقات التجارية بين الشقيقتين مصر والسودان وسوف تكون نتائج تلك اللقاءات التى ستتم برعاية القيادة فى البلدين لرفع التعاون التجارى والاقتصادى بين مصر والسودان ليكون أكثر فائدة للجانبين..

من خلال إتاحة كل سلع السودان وأراضيها لمصر والشركات المصرية للاستثمار فيها من أجل فتح وتوسيع أفق التعاون المشترك للارتقاء بالمواطنين بين البلدين..

والعمل على تحقيق تكامل عربى حقيقى بين مصر والسودان يكون نموذجا للتكامل العربى الشامل بين جميع الدول العربية.

التبادل التجارى

 ما حجم التبادل التجارى بين مصر والسودان ؟

فى مصر والسودان نتبادل البشر والسلع .. بالفعل تعد مصر ثانى أكبر شريك تجارى للسودان بعد الإمارات وطبقا للإحصاءات الرئيسية ارتفعت قيمة التبادل التجارى بين مصر والسودان لتصل إلى 1.2 مليار دولار العام الماضى ..

وفى الأيام القليلة القادمة كما ذكرت ستشهد العلاقات التجارية بين البلدين منعطفا كبيرا يحقق آمال وطموحات الشعبين ويلبى احتياجاتهما من كل السلع والخدمات .. السودان تستورد من مصر الكثير من السلع الأساسية والاستراتيجية أهمها اللدائن ومصنوعاتها والسكر والأسمدة والحبوب . .

كما تعمل فى مصر أكثر من 315 شركة سودانية تتوزع استثماراتها بين الصناعة والتجارة والزراعة والخدمات التمويلية وقطاعات الإنشاءات والسياحة والاتصالات، ويحتل القطاع الصناعى المقدمة حيث تعمل 73 شركة باستثمارات تقدر بـ 50.4 مليون دولار، فيما يحتل النشاط التمويلى المرتبة الثانية بـ 7 شركات واستثمارات تقدر بـ 21.3 مليون دولار.

وماذا عن المواقف المشتركة بين البلدين تجاه بعض القضايا الإقليمية ؟

مصر والسودان لا غنى لإحداهما عن الأخرى ، والتعاون والتنسيق بينهما من أجل الصالح المشترك هو المنطق الطبيعى للأمور ..

ولا يمكن إغفال الروابط التاريخية بين البلدين ومن ثم فالمصير واحد وكلا البلدين هما عمق إستراتيجى للآخر وهو ما تحرص عليه القيادة السياسية بين الدولتين ، والزيارات المتبادلة للقيادة السياسية لكلا البلدين تعكس حرصهما على تبادل الرؤى والأفكار بما يضمن استقرار وأمن البلدين فمصر تحرص على دعم السودان على كل الأصعدة من أجل استقراره والحفاظ على أمنه وسيادته - وكذلك السودان حريص جدا على دعم مصر ومساندتها فى كل المشروعات والقرارات التى تقوم بها وتحقق الصالح العام ..

وهناك الكثير من الملفات والقضايا الإقليمية التى يعد تنسيق مواقف البلدين بشأنها أمراً حيوياً لصالح الشعبين والأمة العربية والقارة الأفريقية والمنطقة بكاملها، فى مقدمتها بالطبع ملف مياه النيل ، التعاون بين دول حوض النهر لصالح الجميع، ملف الأمن والاستقرار فى حوض البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

 من وجهة نظرك كيف يمكن تحقيق العدالة التموينية ؟

التبادل التجارى والتجارة أساس الربحية ..

أما التنمية والتموين فيختلفان تماما ..

حيث لابد من العمل على كيفية الحصول على المنتج وتوصيله إلى المستهلك وأعمل جاهدة على تخفيف حدة الفقر ..

وزارة التموين السودانية أعدت برنامجا يسمى « سلعتى « ..

بالمشاركة مع الحكومة السودانية من خلال تمويل السلع اللوجستية ..

وتوصيلها عبر برنامج « سلعتى « إلى المستهلك عبر تجمعات تعاونية هى المعنية بتنظيم الأفراد وتوصيل السلعة من المستورد إلى المستهلك .

إقرأ أيضاً|لقاءات مكثفة لسفير مصر في نواكشوط مع كبار المسئولين الموريتانيين