في الصميم

معركة تأمين الغذاء

جلال عارف
جلال عارف

بجهد هائل، وبتوفيق من الله.. تواجه مصر آثار الأزمة الاقتصادية التى تعصف بالعالم كله بعد كارثة كورونا ومع حرب أوكرانيا. الخطوة الأهم هنا هى توفير السلع الغذائية الأساسية وفى مقدمتها القمح وتحمل الأعباء الهائلة لارتفاع الاسعار العالمية فى سلع اساسية فى مقدمتها النفط. فى الميزانية الجديدة يكلفنا هذان البندان (القمح والنفط) أكثر من عشرة مليارات دولار اضافية. هذا مع الجهد الناجح الذى يُبذلَ لزيادة المساحة المزروعة بالقمح ولزيادة انتاجية الفدان لنقلل إلى أقصى حد فواتير الاستيراد ولتفادى التقلبات الخطيرة فى أسواق عالم مضطرب.

الحمد لله.. لدينا احتياطى من السلع الغذائية الأساسية لنهاية العام والعمل يجرى استعداداً لما بعد ذلك. استمرار الحرب سيجعل أزمة الغذاء تتفاقم وأسعار القمح والنفط تستمر فى الصعود.. روسيا وأوكرانيا يوفران ثلث احتياجات العالم من القمح. المشكلة حتى الآن هى تعذر التصدير بسبب الحرب، لكن استمرار القتال سيعقد المشكلة مع تراجع المساحات المزروعة هناك، ومع أزمة أكبر فى انتاج الاسمدة.

ورغم كل التحذيرات الدولية من أزمة طعام تهدد مئات الملايين فى العالم وتضرب الأمن والاستقرار فى مناطق عديدة، فإن التحرك العالمى لمواجهة الأزمة مازال قاصرا. ربما لأن الأطراف الاساسية فى الصراع الدائر الآن بعيدة عن هذا الخطر. ليست فقط روسيا وأوكرانيا، وأيضا أمريكا وأوروبا. كلها لا تعانى من نقص فى السلع الغذائية الأساسية. لهذا نجد التحرك لمواجهة أزمة النفط والغاز على أشده لأن مصانع أوروبا تحتاجه بشدة، ولأن المواطن الأمريكى يشكو من أسعار بترول السيارات فى عام الانتخابات (!!) أما التحرك الجاد لمواجهة الأزمة الأهم وتأمين الغذاء للعالم فيمضى «محلك سر» حتى إشعار آخر!!

نتحمل فى مصر الفواتير المرتفعة لارتفاع اسعار السع الغذائية والبترول. ندفع ـ مع شعوب العالم ـ تكلفة حرب يجب أن تتوقف فوراً. التسلى بتبادل الاتهامات بالمسئولية عن توقف تصدير القمح الأوكرانى والروسى لعالم تهدده أزمة الطعام لم يعد مجديا (!!) الحاجة ماسة لتحرك دولى يُحمِل أطراف الصراع مسئولية أزمة الغذاء التى تهدد العالم، ويرغمها على إيقاف الحرب وتوجيه ميزانيتها إلى دعم توفير الغذاء بدلاً من دعم مصانع السلاح!

نحمد الله على ما حققناه من أجل تأمين احتياجاتنا من السلع الأساسية لكن من حقنا ومن واجبنا أن نرفع الصوت فى وجه من يطالبوننا بالاستعداد لحرب بلا نهاية: كفى.. فالحرب لم تعد بالوكالة. والعالم كله يدفع الثمن!