‏« من قتل سارة Who Killed Sara».. مسلسل فقد البوصلة لهذه الأسباب!

مسلسل ‏Who Killed Sara
مسلسل ‏Who Killed Sara

محمد كمال

تؤكد المسلسلات المكسيكية تفوقها في الأعوام الأخيرة، خاصة تلك التي تدور في إطار الجريمة الغامضة في ظل الحبكات المتماسكة التي تقدمها، على غرار “Perdida،You Can’t Hide Monarca”بجزئيه، و”Control Z”، فتلك الأعمال تتسم بأمرين، الأول أن حضور الشرطة ليس عاملا أساسيا فيها، ففي المسلسل الأول نجد صراع السجناء داخل السجن، والمنظمات التي تقودهم من الخارج، والثاني إمرأة تهرب وتخفي شخصيتها الحقيقية، والرابع يتعلق بجرائم الإنترنت داخل أسوار إحدى الجامعات، أما الأمر الثاني فهو مرتبط بالمسلسل الثاني أكثر، لكنه شبه رئيسي في كل الأعمال، وهو ارتباط الصراع بوجود أسرة ثرية فاسدة تسيطر على الأوضاع وتحقق مكتسبات على حساب الجميع، وهو ما ظهر جليا في شركة “Monarca” التي تقودها عائلة “كارزانا”.

 

آخر الأعمال المكسيكية التي تم طرحها مؤخرا، كان الجزء الثالث والأخير من مسلسل “Who Killed Sara”، وهو أحد المسلسلات الذي ينطبق عليه تلك الشروط السابقة، ومن عنوانه يتضح أننا أمام جريمة قتل تتعلق بـ”سارة” و”من قتل سارة؟”، وهو السؤال الذي يسير ويظل محور الأحداث على مدار الأجزاء الثلاث، فقد بدأ عرض الجزء الأول من المسلسل على منصة “نتفلكس” في إبريل العام الماضي، ثم تم طرح الجزء الثاني في ديسمبر من نفس العام، قبل أن تقوم المنصة بعرض الجزء الثالث خلال شهر مايو المنقضي من هذا العام، والذي كان الأخير، ومن خلاله تم حل اللغز ومعرفة قاتل “سارة” الحقيقي.

 

يعتبر الجزء الثالث من المسلسل هو الأقل من حيث المستوى، رغم ظهور شخصيات جديدة كان من المفترض أن تضيف قوة للحبكة على غرار شخصية الطبيب “رينالدو”، والذي يعد الشخصية الرئيسية في الجزء الثالث، لكن الأزمة الدرامية في هذا الجزء ظهور “رينالدو” الذي جعل الأحداث تخرج تماما عن المسار الذي ظهر خلال الجزئين، بأن الصراع داخل حدود مجموعة الأصدقاء فقط، وأن حالة الشد والجذب والإثارة التي فرضها المسلسل في جزئين حول وجود شبهات بنسب متساوية بين جميع أصدقاء “سارة” لوجود دوافع لدى الجميع- وهي النقطة الأقوى في المسلسل - قد تلاشت تماما بمجرد ظهور الطبيب “رينالدو”، الذي يعد مدير مركز “ميدوسا للأبحاث”، ولديه مستشفى في السر يستخدمها لعلاج أمراض الفصام والمثلية الجنسية، وكانت “سارة” هي المريض رقم “صفر” بالنسبة له.

 

منذ الظهور الأول لـ”رينالدو”، نستطيع الجزم والإيقان، بأنه قاتل “سارة”، ويتبقى فقط معرفة التفاصيل، وهي النقطة التي جعلت المسلسل يفقد جزء من هويته، وهو ما حافظ عليه خلال جزئيين، لأن دائرة الشكوك تتمحور داخل مجموعة من الأصدقاء وعائلاتهم، وهو ما نجح المسلسل في إظهاره، ففي الجزء الأول نجد “أليكس” الذي خرج لتوه من السجن بعد قضاء عقوبة لعدة أعوام، ويبدأ في مهمة البحث عن قاتل شقيقته “سارة” من خلال مطاردة عائلة “لازكانو” الثرية الذين نعرف من الأحداث أنهم أصدقائه القدامى، ومنهم “رودلفو” حبيب شقيقته.

 

يسير المسلسل في خطين، عرض من خلالهما جميع الشخصيات في الماضي والحاضر، وفي كل حلقة نجد أن كل شخصية لديها دافع قوي لقتل “سارة”، حتى مع زيادة الشخصيات، لكن يظل الأمر داخل إطار تلك الدائرة الأصدقاء والرحلة القديمة، فقد أظهر المسلسل ببراعة التغييرات التي طرأت على جميع الشخصيات بمرور الوقت، وكيف تحولوا من شباب يافعين منطلقين إلى أشخاص متبلدي المشاعر، ولا ينظرون إلا لمصلحتهم فقط، حتى على مستوى أولياء أمورهم والمشاكل التي تسببت فيها عائلة “لازكانو” الثرية.

 

وجود شخصية الطبيب “رينالدو” جعل الدراما تخرج عن مسارها وتأخذ منحنى آخر لمعرفة قاتل “سارة” الحقيقي الذي أفقد المسلسل التماسك الدرامي الذي ظهر في الجزء الأول تحديدا، وبدأ في التراجع نسبيا خلال الجزء الثاني، لكنه فقد بوصلته تماما في الجزء الثالث، ويبدو أن قرار صناع المسلسل بأن يتخذوا هذا الإنحراف في الأحداث، جاء بعد نجاح الجزئين، وأنهم أرادوا طرح فكرة جديدة يظهر من خلالها أسباب تبدو منطقية لاستغلال وقتل “سارة”، لكنها دراميا لم تخدم المسلسل ولم تحافظ على تماسك حبكته للنهاية.