نوبة صحيان

ذكرى سياسى لا يتكرر

أحمد السرساوى
أحمد السرساوى

يظل السياسى والصحفى والمحامى النابه مكرم عبيد باشا ظاهرة وطنية وإنسانية بامتياز، يصعب تكرارها مهما تعاقب من سنين.  

إنه نموذج ما أشد حاجتنا إليه اليوم فى حياتنا الحزبية، رمز للعطاء بلا حدود، لم يتكسب، ولم يدعه ثراؤه العريض لحياة الترف والترفع عن مشاكل الناس.. بل قاده للإغداق بالمال والجهد ليحقق مصالح البلاد والعباد.

 كان وليام «وهذا اسمه الأول» المتحدث الرسمى لثورة ١٩ ومحاميها الأول.. فكرّس من أجلها فقهه القانونى رفيع المستوى بعد دراسات عليا بلندن وباريس.. وكان صاحب قلم عربى فصيح ملأ به «جريدة الوقائع» شرحا وتفسيرا لقضيتنا الوطنية.

ومنذ أيام حلت ذكراه الـ٦١ منذ وفاته بعد حياة حافلة امتدت لـ ٧١ عاما ملأها بالعلم والعمل والخبرة ونكران الذات، وهى صفات جندها جميعا للبلد.
 استوزر ٩ مرات فى عدة حكومات، وزيرا للمواصلات والتموين والمالية فلم يُعرف إلا كفؤا نزيها بعيدا عن الشبهات، فضلا عن شجاعته فى محاربة الفساد بكل جرأة، لدرجة اتهامه الصريح لحكومة سياسى بقدر مصطفى باشا النحاس!!

 إنها أمور لم تأت من فراغ.. فلأسرة عبيد «تقاليدها العريقة» ما أسهمت فى تكوين الابن «مكرم».. كانت أملاكها بمديرية قنا تفوق الألف فدان يتوسطها قصرهم الكبير.. وكان يُشرف على هذه المساحات أسراب من الفلاحين، كانوا محل عناية الأسرة اجتماعيا وصحيا وتعليميا.

 وقد عُرف عن الجد المؤسس مكرم عبيد «الكبير» اهتمامه البالغ بهم حتى إنه عنَّف أحد أبنائه عندما سمعه يقول إنهم «خدم».. وصحح له أنهم الأهل والأقارب، وكان يسمى العاملين بالقصر «موظفين»، والفلاحين فى الأرض «شركاء».

هكذا سار على نهجه أولاده السبعة.. وليام أو مكرم «الابن» وحلمى ورياض وجورج وليندا ومرجريت وفكرى الابن الأصغر الذى أكمل لاحقا المسيرة السياسية لشقيقه الأكبر ولكن مع الرئيسين السادات وبدايات مبارك. 

 المثير أن هذه التقاليد ما زالت سارية فى العائلة حتى الآن.. فأنا محظوظ بصداقة بعضهم، منهم سيدة مرموقة مازالت تعامل «دادا» أولادها وكأنها تماما أحد أفراد عائلة عبيد.. فالمجد للأخلاق.