حكايات| القهوجي الطائر.. يوسف صاحب أحلى «كوباية شاي» يحلم بدخول «الزمالك»

القهوجي الطائر يوسف محمد
القهوجي الطائر يوسف محمد

القهوجي الطائر.. بطل لحكاية أليمة تفطر القلوب.. سطر حروفها بصبر وعزيمة ومسيرة طويلة من السعي والكفاح والتضحية، لكسب لقمة العيش وليعول نفسه، فلم يمنعه فقدان قدميه وحرمانه من أجمل أيام طفولته من اختيار العمل في إحدى المقاهي بحي باب الشعرية بالقاهرة.

 

لا يأس مع «يوسف» ولا حياة بدون «القهوجي الطائر» هو الشعار الدائم لهذا الفتى، الذي بات يقضي ساعات عمله بالكامل أمام «نصبة الشاي»، ورغم ظروفه الصحية والمادية إلا أنه يحافظ على ابتسامة رضا لا تفارق محياه.

 

يوسف عبدالله محمد ابن محافظة القليوبية، الذي تحدى إعاقته ببتر ساقيه وفقدان نصف جسده وهو في عمره 7 سنوات، عندما كان يلعب مع أصدقائه فوق قضبان القطار بشبين القناطر، ليصبح قعيدا على كرسي متحرك، وقرر أن يخوض معركته في الحياة بالتحدي والعزيمة والإصرار.

 

 

داخل المقهى تعالت أصوات الزبائن منادين «يا يوسف» ليطير ابن الـ21 عامًا على الأرض ملبيًا الطلبات رغم جسده الثقيل وابتسامته الجذابة، ملبيا نداء زبائنه معتمدا على يديه في الحركة والعمل، وبعد دقائق ولحظات من الصمت.

 

يروي القهوجي الطائر أنه تعرض لحادث قطار أصيب فيه ببتر قدميه حين كان في أول مراحل طفولته؛ إذ أنه أثناء زيارته إلى جده بشبين القناطر، كان يلعب مع أصدقائه وعندما سقطت الكرة فوق قضبان القطار، ذهب مسرعا لإعادتها، ولم يكن يتوقع ما ينتظره، مضيفا: «ما عرفتش في الأول أجيبها ولما شديتها لقيت القضبان بيمل بي للخلف ووقع على رجلي»، وبين ليلة وضحاها استيقظ فجأة على جسده ولكن بدون أرجل.

 

 

اختار القهوجي الطائر العمل في المقهى التي يمتلكها صديقه «بدر»، الذي اعتبره بمثابة أخيه، كونه لم يجد عملا مناسبا لظروفه الصحية؛ حيث يبدأ عمله من الساعة 12 ظهرا، ويتركه في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، ليذهب إلى منزل صديقه بدر الذي يعيش معه.

 

بابتسامة عريضة وثقة بلا حدود يتحدث الشاب يوسف عن لمسته الخاصة في إعداد المشروبات الساخنة فيقول: «أنا مشهور بالقهوة في باب الشعرية والناس بتحبها من إيدي وبرده أحلى كوباية شاي».

 


تعرض يوسف للكثير من الصدمات والأذى والتنمر من بعض الناس، والنظرات التي تلاحقه عندما يرونه في الشارع أو المدرسة، فكان يواجه ذلك في البداية دون استسلام، ورغم ذلك كانت تؤذيه نظرات الشفقة، وهو ما دفعه إلى ترك التعليم وهو في الفصل الدراسي السادس الابتدائي والعمل كقهوجي ليعول نفسه، على حد تعبيره.

 

ويختتم القهوجي الطائر حديثه بقوله: «أنا عايش مع بدر في شقته من صغري ومش عاوز اضغط عليه أكتر من كده، فأنا نفسي في مشروع كشك يكون مصدر رزق لي، وشقة أتزوج فيها، وأذهب إلى نادي الزمالك لمشاهدة جميع المبارايات».