محطات مهمة في تاريخ «نيللي كريم» .. فراشة الدراما المصرية

نيللي كريم
نيللي كريم

كتبت: مايسة أحمد

ليست فنانة عادية.. فهي استطاعت تقديم كافة أنواع الفنون بدأتها مع رقص الباليه والفوازير، ثم الأعمال الدرامية المختلفة، فكانت ومازالت مثل الفراشة التي تنتقل بكل خفة وإبداع بين الشخصيات التي تتوحد معها..

 

ولدت نيللي محمد السيد عطا الله في مدينة الإسكندرية، لأب مصري من مدينة الزقازيق، وأم روسية من أصول أرمينية، سافرت مع والديها في أواخر السبعينات - وهي في السادسة من عمرها - لتقيم في روسيا لنحو 10 أعوام، حيث أدخلها والدها مدرسة لتعليم رقص الباليه بعد اكتشافه موهبة ابنته، بالإضافة إلى مدرستها الأساسية هناك، ثم عادت وعائلتها إلى مصر عام 1991، وتخرجت من معهد الباليه بأكاديمية الفنون، واتجهت إلى الدراسات العليا في إخراج فن الباليه، اشتركت نيللي في دار الأوبرا المصرية، وبدأت تعرف كواحدة من أفضل راقصات الباليه هناك، وشاركت في العديد من العروض بالمهرجانات في مصر وروسيا ودول أخرى، وحصلت على العديد من الجوائز، منها جائزة تقديرية كأفضل راقصة باليه من مسابقة الباليه العالمية في اليابان، والجائزة الأولى من مسابقة القاهرة لرقص الباليه، بالإضافة إلى جائزة الدولة الروسية التقديرية. 

 

وتقول نيللي عن تلك الفترة: “حياتي لم تكن مرفهة، فوالدي كان يعمل مهندسا بالأكاديمية البحرية بالإسكندرية، ولديّ أخ واحد كان يدرس الطب وأمي روسية، وأحب الباليه وأجيد العزف على البيانو، وكانت حياتنا مستقرة ولا ينقصنا شيء، لكن والدي توفى وعمري 16 عاما، وأرتبكت حياتنا ماليا بعد وفاته، فبدأت رحلة عمل وكفاح مبكرا، وعملت في تدريس الباليه بالمركز الروسي وعمري 17 عاما، وأنا سعيدة بهذه التجربة التي خلقت مني شخصية قوية، وحاليا أشجع أولادي على الإعتماد على أنفسهم، مضيفة أمي أهم شخصية في حياتي، وقد تولت مسئولية الأسرة بقوة بعد وفاة أبي، وبعد زواجي كنت استكمل دراستي للإخراج في أكاديمية الفنون، وأعمل في نفس الوقت، وكانت أمي  المسئولة عن تربية أولادي، وقد تعلمت منها أن المرأة عامود البيت، ولابد أن تكون قوية فكريا وثقافيا وبدنيا حتى تستطيع دعم أولادها، وأنا أؤمن أن وراء كل امرأة ناجحة أمًا قوية، فلولا أمي ما حققت أي نجاح”.

أول السلم

عام 1999 عرض المخرج أشرف لولي على نيللي المشاركة في فوازير “حلم ولا علم” مع صلاح عبد الله، وبالفعل شاركت بها ولفتت الأنظار بأدائها المتميز، مما دفع “سيدة الشاشة العربية”، الفنانة الراحلة فاتن حمامة، لاختيارها للمشاركة معها في مسلسل “وجه القمر” مع المخرج عادل الأعصر عام 2000، ومن هنا كانت انطلاقتها كممثلة متميزة، لكنها قررت تغيير اسمها من نيللي محمد، إلى نيللي كريم، تيمناً بأكبر أولادها.

 

أما أولى بطولاتها فكانت في مسلسل “المستحي” الذي قدمت بعده عدة مسلسلات أقل شهرة، وأول أعمالها السينمائية كان فيلم “شباب على الهوا” عام 2002، إلا إنها لم تحقق الإنطلاقة والشهرة السينمائية إلا مع المطرب الراحل عامر منيب في فيلم “سحر العيون”.

 

أزواج وأبناء

قررت نيللي – وبشكل مفاجئ - الزواج وعمرها 16 عاما فقط، بعد أن شعرت بالحب إتجاه رجل الأعمال بهاء صبري، وذلك في تسعينيات القرن الماضي، وأستمر زواجهما 9 سنوات، وأثمر عن أبنائهما “كريم ويوسف”، لكنهما انفصلا بعد ذلك، وفي عام 2004 تزوجت من خبير التغذية هاني أبو النجا، وأنجبت إبنتان هما “سيليا وكندة”، لكنهما انفصلا عام 2015، وعن أعمار أبنائها الآن، فيبلغ عمر كريم 25 سنة، ويوسف 20 ويدرسان خارج مصر في مجالي تصميم الديكور والسينما، أما سيليا فعمرها 13 سنة، وكندة 8 سنوات ولازالا في مراحل الدراسة الإلزامية.

 

وتقول نيللي عن أسلوب تربيتها: “أبنائي جميعا لديهم هوايات فنية ورياضية، وربيتهم جميعا على الإعتماد على النفس منذ صغرهم، وأنا مؤمنة أننا يجب أن نشجع أبناءنا على العمل مبكرا، لأن العمل يخلق منهم شخصية مسئولة، وأنا طلبت من ابنتي سيليا البحث عن عمل خلال فترة الصيف رغم أن عمرها لم يتجاوز الـ13”.

 

بعد انفصال نيللي عام 2015 للمرة الثانية، لم تغلق قلبها أمام الحب، ففي 11 أغسطس عام 2021 تزوجت من لاعب الإسكواش هشام عاشور، وردّت على الإنتقادات التي تعرّضت لها بسبب فارق السن بينها وبينه - والذي بلغ 8 سنوات، فهي من مواليد 1974 وهو مواليد 1981 – بالقول: “الحب ليس فيه حسابات وأول ما تهتم بكلام الناس ستصاب بالهلع.. أنا أمشي مع قلبي وإحساسي والباقى توفيق من ربنا”، مضيفة القرار ليس سهلاً لأي رجل أن يتزوج نجمة، خاصة لو كان رجلاً شرقياً، وهذا يحدث حينما يكون الرجل عنده ثقة زائدة في نفسه مليون بالمئة، والناس تقول اللي هي عايزاه.. أهم شيء أني مبسوطة ومش بركز مع كلام للناس”.

أفلام ومسلسلات

شاركت نيللي في العديد من الأعمال الفنية المميزة، منها مسلسل “حديث الصباح والمساء” مع ليلى علوي وخالد النبوي ومحمود الجندي وإخراج أحمد صقر عاما 2001، وفي العام التالي شاركت في فيلم “شباب على الهوا”، وفي عام 2003 قدمت تجربة جديدة عليها من خلال مشاركة الفنان الراحل عامر منيب تصوير أغنية “شوق وحنين” بطريقة الفيديو كليب، وفي نفس العام شاركت بمسلسل “أبيض في أبيض”، والفيلم التركي-المصري، “هروب مومياء”.

 

ومنذ عام 2004 أنطلقت نيللي وأصبحت تشارك في عدة أفلام بنفس العام، فقدمت أفلام “إسكندرية نيويورك” و”غبي منه فيه” و”حبك نار”، وفي عام 2005 شاركت في مسلسل “العميل 1001” وأفلام “فتح عينك” و”حرب أطاليا” و”أنت عمري”، والأخير حصلت عنه على جائزة أفضل ممثلة من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

 

توالت بعدها أدوار البطولة، فقدمت عام 2006 فيلم “آخر الدنيا” مع يوسف الشريف وإخراج أمير رمسيس، وعام 2007 “أحلام الفتى الطايش” – الذي ظهرت فيه بشخصيتها الحقيقية - مع رامز جلال وحسن حسني وإخراج سامح عبد العزيز، وعام 2008 شاركت في مسلسل “نسيم الروح” مع السوري أيمن زيدان، وفيلم “إحنا إتقابلنا قبل كده” مع حسن حسني، وعام 2009 شاركت في مسلسل “هدوء نسبي” مع السوري عابد فهد وفيلم “واحد صفر” مع إلهام شاهين وزينة، وعام 2010 شاركت في فيلم “زهايمر” مع النجم عادل إمام و”678” مع بشرى، ومسلسل “الحارة” مع نخبة كبيرة من النجوم بقيادة المخرج سامح عبد العزيز، وفيلم “الرجل الغامض بسلامته” مع هاني رمزي، وعام 2012 شاركت في المسلسل الإذاعي “العهد” مع القدير عبد الرحمن أبو زهرة وآيتن عامر.

 

 بنت عمرها ثمانين 

قدمت نيللي أهم وأبرز أدوارها في مسلسل “بنت اسمها ذات” في رمضان عام 2013، وتحدثت عن تجربتها في المسلسل أثناء إستضافتها في أحد البرامج التي يقوم الماكيير بإظهار الضيف في مراحل عمرية مختلفة، حيث ظهرت نيللي وهي بعمر الستين، علقت على صورتها قائلة، إنها ليست مصدومة من شكلها بعد التقدم في العمر لأنها قدمت شخصية “ذات” وظهرت من خلاله في مراحل عمرية مختلفة من المراهقة، وحتى أصبحت جدة، مؤكده أن الشكل وتغير الملامح لا يخيفني، لكن ما يخيفني الحالة النفسية، لأنها تنعكس على الشكل الخارجي، فعندما أصل إلى سن الستين سأنتقل من التمثيل إلى الإخراج والإنتاج.

ووجهت رسالة لنفسها بعد ظهورها في سن الثمانين قائلة، إنها محظوظة لأنها عاشت إلى هذا العمر، وعاشت حياة جيدة، وأن حظها في الدنيا كان جميلًا، كما كشفت عن ندمها للحظات الضعف التي مرت بها في حياتها.

أعمال وجوائز

في عام 2014 شاركت نيللي الجزء الأول من فيلم “الفيل الأزرق” مع كريم عبد العزيز عن رواية الكاتب أحمد مراد وإخراج مروان حامد، وقدمت عدد من الأعمال التى حققت نجاحا جماهيريا كبيرا، منها مسلسل “سرايا عابدين” و”سجن النسا”.

 

تلقت نيللي العديد من الجوائز خلال مسيرتها الفنية، فحصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القاهرة الدولي للأفلام عن فيلمها “أنت عمري”، ونالت جائزة خاصة من مهرجان القاهرة الوطني للسينما المصرية عن فيلمها “واحد صفر”، وفازت بجائزة لجنة التحكيم في مهرجان آسيا والمحيط الهادي عن فيلمها “678”، بالإضافة إلى حصولها عن نفس الفيلم على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان الأفلام العربية، وجائزة أفضل ممثلة كوميدية في عام 2020 في حفل توزيع جوائز “دير جيست”.

 

لم تتوقع نيللى أن يحقق مسلسلها الأخير “فاتن أمل حربي” كل هذه الضجة لكنها مقتنعة أن قوانين الأحوال الشخصية في مصر تظلم الرجال في بعض الأوقات كما تظلم النساء، وأكدت إنها لا تتعمد طرح قضايا إجتماعية في أعمالها الدرامية، وإنما تهتم أولا بالقصة والشخصيات.. وقالت: “تعالوا نغير القانون ونخليه يحكم بالعدل للراجل والست، لأنه أحيانا بيكون في ظلم لأحد الطرفين، لكن المسلسل بيعرض قصة نسائية، وبالتالي المشاكل اللي بيطرحها المسلسل كانت نسائية أكتر”.

 

وأوضحت أنها لا تقدم قضية ولكنها مع فكرة تقديم عمل درامى يحتوى على أحداث وقصة جيدة ومن خلالها يكون بها قضية وليس بشكل عكسى وتابعت: “أنا بعمل قصة فاتن ومتخيلتش الموضوع بصراحة هيعمل الضجة الكبيرة دى وحالة الجدل طبيعى تبقى موجودة فى أمور زى دى  بس الشيء اللى أسعدنى أن ستات كتيرة بتقول دى قصتى ودى حاجة احنا مش مخترعينها ولكن واخدينها من الواقع”. وأضافت ضاحكة: “أنا معملتش أدوار كئيبة ولكنها أدوار عميقة”.. مشيرة لأنها كانت تتمنى أن تجسد شخصية الراقصة سامية جمال لكنها قررت تأجيل هذه الخطوة وقالت: “أنا يوميًا أتمرن على الرقص ولم يمنعني أولادي عن ممارسة الهواية المحببة لدي وهو أيضًا ما يساعدني على أن يظل جسدي بهذا الشكل”.

 

وأضافت: “لا أنكر أن أصولي الروسية ساعدتني كثيرًا على الإهتمام بكل ما يخص رقص الباليه بإعتبار روسيا الدولة الأم في هذا الفن، وأسعد للغاية عندما تأتي فرق أوروبية وأشارك معها على مسرح دار الأوبرا، فهذا يعني لي الكثير، بالإضافة أن فن الرقص يعد وسيلة قوية للإرتقاء بمستوى الروح والسمو بها، وهذا ما يميزه عن أي هواية أخرى”.

الجانب المظلم

لكن الحياة ليست وردية طوال الوقت حتى مع المشاهير، ففي يوم وليلة أصيبت نيللي بورم في الوجه، وعاشت تلك الفترة في قلق بالغ، خاصة قبل إجراء العملية الجراحية، وبعدما تضاربت أراء الأطباء حول العملية، فمنهم من أخبرها أن العملية ستتم عن طريق الأذن، وستمكث بالبيت لمدة سنة، وآخرون حذروها من المضاعفات التي قد تؤدي لإصابتها بشلل، وستشفى بعد سنة.

لكن بفضل الله أجرت العملية دون أية مشاكل، وقالت: “ربنا لطف.. والدرس اللي استفدته من تجربتي مع المرض أننا معرضون كل يوم لمشكلات، ولكن لازم إحساس الرضا يكون مسيطر علينا”، مشيرة لابد دائما أن نكون راضين بالقضاء والقدر لأنه مهم جدا وقت الشدة والحمد لله عملت العملية في أمريكا ونجحت، وأول ما فقت من البنج اتصلت بكل أحبابي ومنهم كاملة أبو ذكرى قولتلها بحبك أوي”.

وأوضحت أن كثرة البكاء في المسلسلات التي قدمتها سابقا تسببت لها في فتق في العين، وهو ما استلزم إجراء عملية جراحية في عينيها، وقالت: “أمرني الطبيب بمنع البكاء لمدة 6 أشهر”. 

قراءة الفنجان

من هوايات نيللي أنها تجيد صناعة المشغولات اليدوية والإكسسوارات، وأما الهواية التي لا يعلم الكثيرون عنها، هي تفصيل ملابسها بنفسها، حيث أكدت من قبل أنها تشتري الأقمشة من وكالة البلح، ثم تفصلها بيديها، فهي تحب الخياطة وتصميم الملابس، كما تجيد التصوير أيضًا والكروشيه والتريكو وكافة الأعمال اليدوية.

كما أنها تحب قراءة الفنجان وقالت: “بالمصادفة قرأت الفنجان لصديقتي وقلت لها أشياء معيّنة وكنت أمزح معها، لكن الموضوع تم بالفعل كما قلته لها، ولكن بالنهاية أنا أنظر لقراءة الفنجان كنوع من التسلية ليس أكثر”.

كما كشفت نيللي أنها عندما زارت إيطاليا ذات مرة، قامت عرافة بقراءة الطالع لها وقالت لها أنها ستتطلق وستتزوج مرة ثانية وستغيّر عملها فجأة وبالفعل كل الأمور التي تحدثت عنها العرافة حدثت.