التنمر ضار ويؤدي للقتل والانتحار.. عقود من الدم بالمدارس الامريكية

حادث "تكساس"
حادث "تكساس"

◄ الطب النفسى: حالة مرتكب الحادث تندرج تحت «التقمصية العكسية»

بعد حادث مقتل 19 تلميذا صغيرا وبالغين اثنين فى ولاية تكساس بأمريكا، عندما أطلق مراهق يبلغ 18 عاماً النار في مدرسة ابتدائية، كان لابد من الوقوف أمام هذه المأساة الكبرى، التى لم تكن الأولى من نوعها، ولكنها سلسة من الحوادث المتكررة، وفى آخر حادث حض الرئيس الأمريكي جو بايدن لوضع ضوابط لقطاع الأسلحة نارية، مشددا فى كلمته الرسمية بالبيت الأبيض "حان الوقت لتحويل الألم إلى تحرك"، متسائلا: "متى، حبّاً بالله، سنقف بوجه لوبي الأسلحة؟" وأضاف: "أنا مشمئز وتعب" من حوادث إطلاق النار المتكررة في الأوساط المدرسية.

كان "سالفادور راموس" الأميركي الجنسية أطلق النار وقتل بشكل مروع وغير مفهوم، ما أسفر علي قتل 14 طالبًا في حينها، وقتل مدرسًا"، موضحاً أن راموس استخدم مسدس وبندقية محتملة، ويقول المسؤولون إن المدرسة كان بها طلاب في الصفوف الثاني والثالث والرابع.

أيضا استهدف "سالفادور راموس"  جدته أولا، والتي لم يتضح وضعها الصحي بعد، قبل أن يتوجه إلى المدرسة في سيارة لإرتكاب هذه المجزرة، وحتى الآن لم يظهر دوافع الهجوم الذي يُعدّ واحداً من الأكثر دموية الذي تشهده مدرسة في الولايات المتّحدة منذ سنوات.

نحاول التعرف على الأسباب التى أدت لحدوث مثل هذه الحوادث المروعة بهذا الشكل، والتى ينتج عنها ضحايا فى أعمار مختلفة.

مع حدوث مثل هذا الحادث البشع، جدد المآسي مرة أخرى فى الولايات المتحدة لعمليات إطلاق النار في الأوساط التعليمية، وما يرافقه من مشاهد مروّعة لتلاميذ صغار، ولأهالٍ مذعورين يسألون عن أبنائهم.
أكد الدكتور جمال فرويز استشارى الطب النفسى أن السبب فى حادث ولاية تكساس الأخير، هو أن الشاب المراهق مرتكب الحادث شخص مضطرب نفسيا، وتعرض للتنمر وهو فى سن صغير.

وأضاف فرويز أن تعاطى المخدرات مع الاضطراب النفسى جعله يشعر بأن الأطفال الموجودة فى المدرسة الذى قام بقتلهم هم الذين تنمروا عليه فى الصغر، وهو ما يطلق عليه "التقمصية العكسية".

وأشار إلى أنه مع تأثير المخدرات فى الأساس، يذهب ناحية التخلص من الأشخاص الموجودة، ومايدور فى ذهنه هو التخلص من الذين تنمروا عليه فى صغره، وآلت به لهذا الحال.

حادث ولاية تكساس الأخير، يعيد إلى الأذهان بعد الحوادث المروعة الأخرى، منها مأساة مدرسة ساندي هوك الابتدائية في كونيتيكت، حين قتل مختل عقليا في العشرين من العمر، 26 شخصا من بينهم أطفال تراوح أعمارهم بين 6و7 سنوات قبل أن يقدم على الانتحار.

وحادثة أخرى حدثت فى ولاية فلوريدا عام 2018، وهى عملية إطلاق نار وقعت داخل مدرسة ثانوية في باركلاند، وأسفر عنها قتل 17 شخصاً غالبيتهم من المراهقين برصاص طالب سابق.

شهدت الولايات المتحدة عمليات إطلاق نار شبه يومية في الأماكن العامة وتسجّل المدن الكبرى على غرار نيويورك وشيكاغو وميامي وسان فرانسيسكو ارتفاعاً لمعدل الجرائم التي ترتكب بواسطة أسلحة نارية، خصوصاً منذ بدء الجائحة في العام 2020.

وعلى غرار ذلك، في عام 2018، قُتل أو جرح 113 شخصاً خلال حوادث إطلاق نار بالمدارس في الولايات المتحدة.

في مطلع عام 2018، بدأت Education Week وهي مجلة تهتم بشؤون التعليم بالولايات المتحدة في تتبع حوادث إطلاق النار في المدارس، وقد سجلت منذ ذلك التاريخ 23 حادثاً نجم عنها سقوط قتلى أو حدوث إصابات.

ومع وجود عدة مناطق في الولايات المتحدة يصل فيها عدد أيام المدرسية الى 180 في السنة، فإن هذا يعني أن معدل وقوع حوادث إطلاق النار هو حادث واحد كل ثمانية أيام مدرسية.

وهناك بيانات مسجلة أخرى لحوادث إطلاق النار تقول إن عام 2018 شهد أعلى عدد من تلك الحوادث على الإطلاق علماً بأن السجل يبدأ منذ عام 1970.

وتشير بيانات صادرة عن المركز الأمريكي للأمن والدفاع الوطني والوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ إلى وقوع 94 حادثا.

تتضمن حوادث إطلاق النار قائمة قاتمة من المراهقين والأسلحة النارية والضحايا الأبرياء. 

مركز الأمن والدفاع عن الوطن لديه مقياس مختلف، حيث أنه يقوم باحتساب حوادث إطلاق النار في المدارس بصرف النظر عن التوقيت أو وقوع ضحايا.

هذا المقياس الأوسع سجل حتى الآن 94 حادث إطلاق نار مدرسي في عموم الولايات المتحدة وهو ما يشكل زيادة كبيرة عن السجل الأعلى السابق وهو ٥٩ حادثاً تم تسجيلها في عام 2006. 

ووفقاً لهذا المقياس، فإن عام 2108 كان أيضا الأسوأ من حيث عدد الجرحى والقتلى في هذه الحوادث حيث بلغ عددهم 163 شخصاً مقارنةً بالسجل الأعلى السابق والذي بلغ 97 شخصاً في عام 1986.

كما يظهر أيضاً الزيادة الكبيرة على مدار العقود حيث لم يتجاوز العدد السنوي للضحايا في عقد السبعينات 35 ضحية وهو نحو خمس عدد ضحايا هذا العام.

البيانات الخاصة بخمسة عقود من إطلاق النار في المدارس تظهر أن معظم مرتكبي الحوادث تكون أعمارهم 16 أو 17، كما أنه من المحتمل جداً أن يكونوا ذكوراً، ولا تكون الهجمات في الغالب "عشوائية" بل عادةً ما تكون نتيجة "تصعيد لخلاف" أو حادث مرتبط بالعصابات.
 

أقرأ أيضاً: القتل يتصدر أعلى معدلات العنف ضد المرأة.. والدقهلية الأعلى في ضرب الزوجات