شىء من الأمل

الحوار غير المطلوب !

عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب

الحوار الصحى والمفيد بين اطراف مختلفة فى الرؤى والآراء والأفكار والاتجاه الفكرى والسياسى هو تفاعل بينها وتبادل لأفكارها المختلفة والمتنوعة سعيا للتوصل الى اكبر مساحة توافق بينها وايضاً للوصول الى افضل حلول للمشاكل وأحسن الخطط لمواجهة التحديات.. وهذا هو الحوار الوطنى الذى نحتاجه بالفعل والذى دعانا اليه الرئيس السيسى قبل أسابيع قليلة مضت وكلف الأكاديمية الوطنية بالتحضير له والإشراف عليه وإدارته. 


فنحن لا نحتاج لحوار يقتصر على طرح كل منا لأفكاره ورؤاه فقط ، ويتخندق فيه كل منا وراء هذه الرؤى والأفكار ويتشبث بها، دون نقاش ودون الإنصات منا جميعا لما يقوله غيرنا من اصحاب الرؤى والأفكار المختلفة  بل وتدبره والاستعداد لتنقيح افكارنا وآرائنا بعد ان نسمع غيرنا.   


فلا جدوى لحوار نغلق فيه آذاننا لما يقوله غيرنا، او لحوار نشارك فيه ونحن ليس لدينا استعداد للانصات لما يقوله غيرنا من افكار وآراء مختلفة عن افكارنا وآرائنا.. فلن نتوصل بهذا السبيل لما ننشده لأكبر مساحة من التوافق المجتمعى حول التحديات الكبيرة التى تواجهنا وصياغة مقومات جمهوريتنا الجديدة.. ولن نتوصل ايضا بهذا النهج الى اكبر قدر من التماسك الوطنى نحن فى أشد الحاجة اليه الآن للتغلب على هذه التحديات الكبيرة والضخمة. 


مثل هذا ليس حوارا بالمعنى الحقيقى للحوار وانما هو فقط فرصة لاستعراض كل منا لآرائه ومواقفه المختلفة تشبه ما يحدث اثناء المنافسات الانتخابية، حيث يجتهد فيها المرشحون لإقناع الناخبين بأن رؤاهم هى الافضل وافكارهم هى الاكثر جدوى ومواقفهم هى الاحسن فى ادارة شئون البلاد. 


اما ما نحتاجه ونبتغيه الآن فهو حوار حقيقى  يتفاعل المشاركون فيه بين بعضهم البعض.. اى ينصتون فيه لبعضهم ويكونون مستعدين لتفهم ما يقوله غيرهم، بل وتنقيح آرائهم ومواقفهم اذا أقنعهم الغير بذلك..


ما نحتاجه حوار مفتوح جاد لا يكتفى فيه فقط بأن يعبر كل منا فقط عن آرائه ومواقفه المختلفة، رغم اهمية ذلك تأكيدا لما نص عليه دستورنا بخصوص حرية الرأى والتعبير، وانما نحن نحتاج حوارا اكثر فائدة من ذلك.. حوارا يتفاعل فيه المشاركون، ويستندون فيه الى معلومات وحقائق يقدمها المتخصصون فى كل مجال؛ حتى يتم التوافق فيه على مقومات جمهوريتنا الجديدة التى لا تقتصر على مجرد مدن او طرق جديدة وانما هى إيذان بحياة جديدة كريمة.