العلوم النووية» طوق النجاة لـ«8» ملايين نوع من الكائنات الحية مُهدَّدة بالانقراض

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن هناك ما يقرب من 8 ملايين نوع الحيوانات والنباتات في العالم مُهدَّدة بالانقراض.

وأوضحت الوكالة في بيان لها أنه حسب اخر اجتماع عقدته جمعية الأمم المتحدة للبيئة لمناقشة الإطار العالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020 اشارت الأبحاث إلى أن ثُمن اجمالي أنواع الحيوانات والنباتات في العالم والبالغ عددها 8 ملايين نوع مُهدَّدة بالانقراض ما لم تُتَّخذ الإجراءات المناسبة للحد من الأسباب التي تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي.

واشارت الوكالة إلى ضخامة اعداد الكائنات الحية موضحا أنَّ ملعقة صغيرة من التربة تحتوي على عدد كبير من الكائنات الحية يتجاوز عدد البشر في العالم.

مؤكدة على أن العلوم النووية تستخدم للمساعدة على حماية هذه الثروة.

لافته إلى أنه بالتزامن مع اليوم الدولي للتنوع البيولوجي والذي تم الاحتفال به يوم الأحد الماضي الموافق 22 مايو الجاري نوضح كيفية استخدام العلوم النووية للمساعدة على حماية مختلف أشكال الحياة والنظم البيئية المتنوعة في كوكبنا من التلوث وتغير المناخ واستنفاد الموارد الطبيعية وغير ذلك من التحديات.

وقالت الوكالة اننا نعيش على كوكب الأرض مع ملايين الأنواع من الكائنات الحية. وجميع هذه الكائنات تقريباً، بما في ذلك البشر، تعتمد على أنواع أخرى من الكائنات الحية للبقاء على قيد الحياة والنمو.

وتساهم الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بالشراكة مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، في حماية التنوع البيولوجي للتربة والنبات والحيوان، وتدعم البلدان في جميع أنحاء العالم للوصول إلى أهدافها الاستراتيجية في مجالات الأمن الغذائي والتنمية الزراعية المستدامة وخدمات النظم البيئية باستخدام التقنيات النووية والتقنيات المرتبطة بها.

وعلى مدى العقود الماضية، طوَّرت الوكالة وأقرَّت، بالتعاون مع الفاو، مجموعة واسعة من التقنيات النظيرية والنووية لمعالجة فقدان التنوع البيولوجي في الزراعة والغابات والبيئة البحرية. وتنقل الوكالة هذه التقنيات إلى العلماء والفنيين والأخصائيين في جميع أنحاء العالم من خلال برنامج التعاون التقني ومشاريع البحوث المنسقة.

تعزيز الزراعة المستدامة

وأوضحت الوكالة أن التربة هي الطبقة الرقيقة من الأرض التي تستضيف رُبع التنوع البيولوجي في كوكبنا، وهي أكثر الموائل تنوعاً من حيث الكائنات الدقيقة والكبيرة الحجم على السواء، مثل البكتيريا والفطريات والديدان الخيطية والفقاريات واللافقاريات. وتتفاعل هذه الكائنات فيما بينها وتسهم في إيجاد الدورات العالمية التي تجعل الحياة ممكنة.

وفي هذا السياق ويقول لي خنج هينج، رئيس قسم إدارة التربة والمياه وتغذية المحاصيل في المركز المشترك بين الفاو والوكالة الدولية للطاقة الذرية لاستخدام التقنيات النووية في الأغذية والزراعة ان "تغير المناخ والزراعة المكثفة وإزالة الغابات والنشاط الصناعي، جميعها عوامل تؤدي مع الأسف إلى تدهور التربة وتدميرها بسرعة تفوق معدل نموها أو تجدُّدها".

لذلك يجب وبشكل سريع العمل على الحد من استخدام الأسمدة ومكافحة التصحُّر ومنع تلوث التربة والمياه.

تحسين التنوع الوراثي النباتي والحيواني

وأضاف ان المركز المشترك بين الفاو والوكالة، يعمل منذ تأسيسه قبل 58 عاماً، مع آلاف العلماء في جميع أنحاء العالم لاستحداث أنواع نباتية جديدة من المحاصيل الرئيسية والمحاصيل غير المستغلة والمحاصيل الأصلية ومن ثم زيادة التنوع البيولوجي.

مضيفا انه في عام 2021 وحده، قدم المركز المشترك الدعم الفني لاستحداث وإطلاق 36 من الأنواع النباتية الجديدة. وشمل ذلك أصناف عالية الغلة من الذرة واللوبيا وأصناف مقاومة للأمراض الفطرية الرئيسية من الموز وأصناف متحملة للجفاف من الفول السوداني من بين نباتات أخرى، مشيرا إلى إنه تم تطوير هذه الأصناف باستخدام تشعيع البذور، ومن ثم إنتاج سلالات جديدة ذات خصائص متفوقة.

وفي إطار الجهود التي يبذلها المركز لتعزيز تكنولوجيا الاستيلاد الطفري، وهي تقنية لتسريع التطور الطبيعي في النباتات من أجل تحسين قدرتها على التكيف مع تغيُّر المناخ، أوضح ان المركز اطلق مؤخراً في بلدان مختلفة مشروعاً بحثيًّا منسقاً مدته خمس سنوات حول استخدام الحثِّ الإشعاعي لتنويع المحاصيل وإقامة الروابط الوراثية.

وفي نفس السياق تقول شوبا سيفاسانكار، رئيسة قسم تحسين السلالات النباتية وصفاتها الوراثية بالمركز المشترك، "إن عملنا في مجال استيلاد النباتات يساعد البلدان على تحسين أنواع المحاصيل الحالية من خلال إدخال تنوع وراثي جديد لتوفير مردودٍ أفضل وأكثر استقراراً في ظل التحديات البيئية القائمة والناشئة، بما في ذلك تغيُّر المناخ. ونحن بذلك نعمل على إدخال تنوع وراثي جديد لا يزاحم التنوع البيولوجي المحلي، لأنه يركز على الأراضي الزراعية من خلال تحسين التنوع في أنواع المحاصيل الموجودة سابقاً".

وأضافت ان الوكالة والفاو يدعمان البلدان أيضاً في مجال استيراد الحيوانات وتربيتها من خلال تطوير البروتوكولات والمبادئ التوجيهية التي تساعد في توصيف التنوع البيولوجي للماشية واستخدامه على نحو أكثر استدامة.

وتوفِّر المنظمات خدمات لمختبرات علم الوراثة الحيوانية وأخصائيي الثروة الحيوانية، بما في ذلك التدريب على تطبيق تحديد الأنماط الوراثية باستخدام التقنيات النووية والتقنيات المرتبطة بها للوقوف على السلالات المتكيفة بيئيًّا ذات التركيب الوراثي الأفضل والقادرة على تحمُّل التغيرات المناخية كالجفاف أو للحد من إمكانية ظهور الأمراض الحيوانية المستجدة أو عودتها للظهور، من أجل تحسين معيشة المزارعين.

وفي إطار هذا الدعم، أطلقت الوكالة مؤخراً خطة بحثية مشتركة مدتها خمس سنوات بشأن تطبيق التقنيات النووية والجينومية ذات الصلة لتعزيز كفاءة البرامج الوطنية في مجال تربية ماشية الألبان بهدف تحسين إنتاجيتها وقدرتها على التكيف.

الحد من آثار الأنواع الغازية في النظم البيئية

ومن جانبه اوضح فالتر إينكيرلين، أخصائي علم الحشرات في المركز المشترك بين الفاو والوكالة، إن "تأثير الأنواع الغازية هو ثاني أهم الأسباب التي تقف وراء فقدان التنوع البيولوجي العالمي، بعد تدمير الموائل الطبيعية. حيث إن هذه الأنواع يمكن أن تعترض سبيل خدمات النظم البيئية أو تعطِّل هذه النظم بالكامل، مما يتسبب في تدهور العديد من الأنواع المحلية التي تُعتبر الآن في خطر أو مهدَّدة بالانقراض".

مشيرا إلى ان الوكالة والفاو تساعد البلدان على السيطرة على الأنواع الغازية، مثل ذبابة الفاكهة، باستخدام تقنية نووية تُعرف باسم تقنية الحشرة العقيمة وتنطوي على إطلاق حشرات عقيمة ميدانيًّا لتتزاوج مع الحشرات البرية من النوع نفسه، بحيث لا ينتج عن هذا التزاوج نسل جديد، مما يؤدي إلى تقليل أعداد هذه الحشرات مع مرور الوقت.

دراسة النظم البيئية

لافتا إلى ان الوكالة تدعم البلدان ايضا في استخدام التقنيات النووية والنظيرية لتحسين فهم النظم البيئية التي لا يقتصر دورها فقط على توفير موطن للحيوانات والنباتات والتنوع البيولوجي الذي تجسده، ولكنها تُشكِّل أيضاً عنصراً أساسيًّا في الحفاظ على التوازن البيئي الذي يسمح بدوره للتنوع البيئي بالازدهار والنمو.

وتتألَّف النظم البيئية من أنظمة مترابطة تضم مكونات متنوعة، هي الهواء والماء والتربة والكائنات الحية كالحيوانات والنباتات والكائنات الحية الدقيقة. وقد يؤدي التوسع في المناطق الحضرية والأنشطة الزراعية والصناعة إلى التأثير في التنوع البيولوجي للنظم البيئية، الذي يتجلى أساساً في عدد الحيوانات أو النباتات التي تضمها هذه النظم، مثل مجموع أعداد الكائنات الحية المرئية.

كما قد يؤثر ذلك التوسع في قدرة النظم البيئية على الحفاظ على التنوع البيولوجي أو إيجاده من خلال الروابط بين مكونات هذه النظم والكائنات الحية ومدى مرونتها في مواجهة التغييرات. وتجري الوكالة الدراسات اللازمة وتوفر الخبرات بشأن العمليات وعوامل الإجهاد، مثل التلوث أو تغير المناخ، التي يمكن أن تؤدي إلى فقدان التنوع البيولوجي.

مضيفا ان هناك ارتباط متبادل بين الأراضي الرطبة بأنظمة المياه الجوفية، حيث إن الأراضي الرطبة تنشأ في مناطق تصريف المياه الجوفية وتؤدي دور حلقة الوصل بين المياه الجوفية والمياه السطحية.

وفي هذا السياق تشير لوسيا أورتيغا، العالمة المتخصصة في مجال الهيدرولوجيا النظيرية بالوكالة، إلى أنَّ "فهم هذا الترابط يُعدُّ أمراً أساسيًّا لحماية الأراضي الرطبة على المدى الطويل بالإضافة إلى الحفاظ على أنظمة المياه الجوفية التي تعتمد عليها".

موكده الوكالة تعمل بمشاريع وأبحاث أخرى تهدف إلى حماية النظم البيئية وتوفِّر حلولاً لمعالجة تحمض المحيطات، وانتشار الطحالب الضارة، واستصلاح الأيكات الساحلية ومروج الحشائش البحرية، وتحليل المياه في الأنهار الجليدية وحمايتها.

وضع حد للحروب

ومن ناحية اخري قال أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في تصريح له خلال الاحتفال باليوم الدولي للتنوع البيولوجي، إنه لا بد لنا من أن نضع حدا لحربنا الطائشة والمدمرة على الطبيعة. فمعدل فقدان الأنواع هو الآن أعلى بما يتراوح بين عشرات ومئات المرات من متوسط معدلات فقدانها في الـ 10 ملايين سنة الماضية، وهو معدل آخذ في التسارع.

وأضاف أن التنوع البيولوجي لا بد منه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإنهاء التهديد الوجودي النابع من تغير المناخ، ووقف تدهور الأراضي، وبناء الأمن الغذائي، ودعم التقدم في مجال صحة الإنسان. ويوفر التنوع البيولوجي حلولا جاهزة للنمو الأخضر والشامل للجميع.

ووتابع أنه ستجتمع الحكومات هذا العام للاتفاق على إطار عالمي للتنوع البيولوجي لما بعد عام 2020، إطارٍ له مستهدَفاتٌ واضحة وقابلة للقياس ووسائل تنفيذ قوية يمكن أن تضع التنوع البيولوجي على طريق التعافي بحلول عام 2030.

ويجب أن يعالج الإطار العوامل الدافعة إلى فقدان التنوع البيولوجي وأن يمكِّن من إحداث التغيير الطموح والتحُّولي اللازم للعيش في وئام مع الطبيعة من خلال توفير حماية فعالة لمزيد من الأراضي والمياه العذبة والمحيطات في العالم، وتشجيع الاستهلاك والإنتاج المستدامين، واستخدام الحلول القائمة على الطبيعة للتصدي لتغير المناخ، وإنهاء الإعانات المؤذية التي تلحق الضرر بالبيئة. وينبغي أن يحشد الإطار العمل والموارد المالية لدفع الاستثمارات الملموسة الحانية على الطبيعة، على نحو يضمن استفادتنا جميعا من عوائد التنوع البيولوجي.

وقال إنه في مسيرة تحقيقنا لهذه الأهداف وتنفيذنا لرؤية عام 2050 من أجل ”العيش في وئام مع الطبيعة“، يجب أن تكون تصرفاتنا مقترنة باحترام الإنصاف وحقوق الإنسان، وخاصة فيما يتعلق بالعديد من الشعوب الأصلية التي تؤوي أراضيها الكثير من التنوع البيولوجي.

و"لإنقاذ ثروة كوكبنا الطبيعية الهشة التي لا غنى عنها، لا بد من مشاركة الجميع، بمن فيهم الشباب والسكان الضعفاء الذين يعتمدون أكثر من غيرهم على الطبيعة في كسب عيشهم. واليوم، أدعو الجميع إلى العمل من أجل بناء مستقبل مشترك لكل أشكال الحياة".

تحذيرات هامة

ومن خلال هذا التقرير نعرض أبرز النتائج التي حذّر تقرير صادر عن المركز الدولي للعلوم والسياسات في مجال التنوع البيولوجي وخدمات النظم والتي جاءت كالاتي :

- ثلاثة أرباع البيئة البرية وحوالي 66 ٪ من البيئة البحرية قد تغيرت بشكل كبير من جراء الأعمال البشرية.

- مخاطر الاستغلال المفرط للكائنات البحرية، وتعريض الحياة في المحيطات للتلوث، يهددان مصادر غذاء ورزق نحو 3 مليارات إنسان.

- ثلث الأرصدة السمكية التجارية يتعرض للصيد المفرط، وأصبح العديد من الأنواع الأخرى، ومنها طيور القطرس حتى السلاحف، مهددا بسبب الاستخدام غير المستدام لموارد المحيطات.

- بحسب برنامج الأمم المتحدة للبيئة، تحتوي المحيطات على ما يقرب من 200 ألف نوع من الأحياء المائية المعروفة، ولكن الأعداد الفعلية ربما تصل إلى الملايين. في حين أن للتهديدات التي تتعرض لها، تأثيرا قويا على سبل عيش السكان الذين يعتمدون على خدمات النظم الإيكولوجية البحرية، لا سيما النساء والرجال في المجتمعات الساحلية.

- تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن قيمة الموارد البحرية والساحلية وما تدعمه من صناعات تصل إلى ثلاثة تريليونات دولار على الأقل، أي ما يساوي نحو 5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

-8 ملايين هو العدد الإجمالي المقدر للأنواع الحيوانية والنباتية على الأرض (بما في ذلك 5.5 مليون نوع من الحشرات) وما يصل إلى 1 مليون هو عدد الأنواع المهددة بالانقراض، العديد منها خلال عقود.

- أكثر من ثلث مساحة الأرض في العالم وحوالي 75٪ من موارد المياه العذبة مخصصة الآن لإنتاج المحاصيل أو الثروة الحيوانية.

- أدى تدهور الأراضي إلى خفض إنتاجية 23٪ من مساحة اليابسة على مستوى العالم.

-زادت المناطق الحضرية بأكثر من الضعف منذ عام 1992.

- زاد التلوث البلاستيكي بعشرة أضعاف منذ عام 1980.

- ستستمر الاتجاهات السلبية في تدهور الطبيعة حتى عام 2050 وما بعده في جميع سيناريوهات السياسة التي تم استكشافها بسبب الآثار المتوقعة لتغير استخدام الأراضي المتزايد، واستغلال الكائنات الحية وتغير المناخ.

أقرأ ايضا الطاقة الدولية: إيرادات قطاعي النفط والغاز ستقفز إلى 4 تريليونات دولار