إنها مصر

الحقائق المرة !

كرم جبر
كرم جبر

"الشريط الموازى للنيل تم استغلاله فى البناء وليس الزراعة فى العقود الماضية".. هكذا قال الرئيس خلال افتتاح مشروع مستقبل مصر للإنتاج الزراعي.
وهذا معناه أنه تم اغتيال ملايين الأفدنة من الأراضى الزراعية الخصبة على ضفتى النيل، وتناقصت مساحات الأراضى التى تنتج الغذاء للمصريين على عقود، ولم يكن هناك مفر سوى اللجوء إلى استصلاح الأراضى الصحراوية.
الزراعة على ضفتى النيل سهلة وميسورة ورخيصة، أما الزراعة فى الصحراء فباهظة التكاليف، وإذا كانت المياه تجرى فى الأراضى القديمة من أعلى لأسفل، فهى فى الأراضى المستصلحة تحتاج إلى رفع المياه واستصلاح الأراضى والكيماويات علاوة على صعوبة التربة، وتكلفة استصلاح الفدان الواحد التى تتراوح بين 250 و300 ألف جنيه.
الدولة تستصلح الآن 2.5 مليون فدان تساوى كل ما تم اغتياله فى السنوات الماضية، ولولا ذلك لكان من الصعوبة توفير الغذاء للمصريين.
كان مستحيلاً زراعة الصحراء بدون شبكة كهرباء وطرق، فى فترة خرجت فيها البلاد مثخنة بالجراح بعد أحداث يناير وبلغت الخسائر أكثر من 40 مليار دولار بسبب الفوضى والاضطرابات التى حدثت فى البلاد.
"لجنة من أساتذة الجامعات ورجال الدولة هى التى تضع تصورا كاملا للتنمية".. وهذا يعنى أن المشروعات تتم دراستها بعناية بالغة قبل إقرارها، ورسالة الرئيس للإعلام والكتاب هى دراسة الموضوعات والتسلح بالمعلومات الصحيحة قبل الكتابة والإدلاء بالرأي، لتخرج مسندة بالأسباب والأسانيد ومدعمة بالحقائق، وتساعد فى رفع درجة الوعى عند المصريين.
الحقيقة التى أكد عليها الرئيس هى فتح قنوات الحوار والرأى لأننا جميعاً فى مركب واحد، فهو "ليس رئيس" كما قال وإنما مواطن مصرى يعمل من أجل بلده، بعد أن أوكل إليه المولى عز وجل هذه المسئولية.
الشرط الوحيد للحوار الوطنى هو الحفاظ على مصر وعدم تعرضها للخطر، ورفع درجة الوعى لدى المواطنين ليحافظوا على بلدهم ويكونوا قادرين على مواجهة التحديات وعدم الانصياع للتحريض وبث الفتن.
كان أمس الأول السبت يوماً حافلاً ونحن نرى الزراعات الخضراء تقهر الرمال الصفراء، وتزرع الخير والنماء فى المنطقة، لبداية عصر جديد من الاكتفاء الذاتى وتوفير الأمن الغذائي، ويكفى أن نعلم أن تكلفة المشروع "الدلتا الجديدة" 160 مليار جنيه، كما خصصت الدول 500 مليار جنيه أخرى لمشروعات الزراعة.
بناء الدول لا يكون بالوعود والتصريحات، وإنما بالعمل الجاد المخلص، خصوصاً فى بلد يتزايد 2.5 مليون نسمة كل سنة، ويحتاج إلى توفير 900 ألف فرصة عمل سنوياً للعمالة الجديدة.
مصر تدفع ثمن إجراءات وسياسات خاطئة سادت خلال 40 أو 50 سنة مضت، ولا سبيل إلا العمل والإخلاص.