« دلع » النجوم .. مين يكسب؟

عمرو دياب
عمرو دياب

ندى محسن

“تعالى أدلعك”، “دلع وإتدلع”، “هتدلع”، “هدلعني”.. رغم اختلاف المُسميات لكن المعنى والفكرة واحدة، إذ أصبح “الدلع” هو القاسم المشترك بين أغنيات النجوم عمرو دياب، حسين الجسمي، تامر حسني، وبهاء سلطان، والمُلاحظ أنه تم تناول الفكرة نفسها بصياغات مختلفة على فترات متقاربة مما فتح باب التساؤل حول السبب في تكرارها، كما استطلعت “أخبار النجوم” آراء بعض النقاد والشعراء فيمن استطاع التعبير عن الفكرة بشكل أفضل على مستوى الكلمة واللحن والتوزيع والأداء.

 

في البداية يوضح الشاعر بخيت بيومي أن السبب الرئيسي وراء تكرار أفكار الأغنيات؛ هو استسهال النجوم باختيار الموضوعات والأفكار التي تم تناولها من قبل، وخوف البعض من المجازفة بطرح أفكار جديدة رغم أن الابتكار والابداع هما أساس النجاح والتفرد في أي صناعة أو مجال، قبل أن يَضيف: “أيضاً غياب الثقافة الشعرية لدى مجموعة كبيرة من شعراء الجيل الحالي ساعد في تكرار الأفكار رغم أن هناك الكثير من الموضوعات التي لم يتم تناولها من قبل، ومصر مليئة بالشعراء الذين يتمتعون بموهبة حقيقية، ويمتلكون أفكارا جديدة، لكن لم يجدوا الصوت الذي يتحمس لتقديم أشعارهم بعد أن أصبح معظم النجوم يلجأون إلى الاستعانة باللفظ أو “الإفيه” الغريب، ومن هنا ضاعت “المعاني الحلوة”، لذلك لا نجد أي أغنية حديثة تعيش في أذهان الجمهور لسنوات طويلة على عكس أغنيات الزمن الجميل التي عاصرتها أجيال متعاقبة”.

 

ويستطرد: “ما نستمع إليه من مصطلحات أو أفكار في الوقت الحالي ما هو إلا كلام ركيك بعد أن اقتحم الصناعة انصاف المواهب من الشعراء، وتحول الأمر إلى مجرد مهنة لكسب الأموال، عدا قلة قليلة مَمن يبدعون في توظيف الألفاظ والمصطلحات بشكل موضوعي أذكر منهم على سبيل المثال الشاعر أيمن بهجت قمر، وعوض بدوي”.

 

ركوب الموجة

من جانبه يرى الناقد الموسيقي أحمد السماحي أن السبب يرجع إلى رغبة بعض النجوم في “ركوب الموجة” وتكرار الأفكار الناجحة التي قُدمت من قبل وذلك من أجل ضمان نفس مستوى النجاح الجماهيري، وهذا ما يُسمى باستسهال النجاح قبل أن يُضيف قائلاً: “مع الأسف معظم النجوم أصبحوا يبحثون عن الكلمة البسيطة والسهلة التي تعلق سريعاً في أذن الجمهور، وما إن أحد يقدمها حتى نجد صفوف ممن يتبعونه دون محاولة للإختلاف أو التفرد بمصطلحات جديدة أو حتى تقديم لون غنائي جديد، لذلك لا تعيش الأغنية مع الجمهور سوى بضعة أسابيع بسبب ضحل الثقافة اللغوية لدى بعض الشعراء والنجوم”.

 

ويستكمل السماحي قائلاً: “لعل السر في نجاح بعض التجارب الحديثة التي استعانت بمصطلح “الدلع” بسبب إنه غاب واختفى عن آذان المُستمع العربي لسنوات طويلة، وأذكر أن في سبعينيات القرن الماضي ظهرت مجموعة من الأغنيات التي استعانت بالمصطلح ذاته منها “دلعو يا دلعو” للفنانة شريفة ماهر والتي حققت نجاحاً كبيراً حينها، هذا النجاح الذي شجع مطربات أخريات لتناول الفكرة ذاتها، فخرجت علينا المطربة صباح بأغنية“يا دلع إدلع”.

استسهال

وعن مدى تطوير الفكرة ممن قدموها فيما بعد يقول السماحي: “للأسف لم يُقدم كل من حسين الجسمي وعمرو دياب تصوراً جديداً للفكرة، بل أن أغنية “دلع وإتدلع” من أقل الأغنيات نجاحاً لحسين الجسمي، والتي لحنها لنفسه، وهو ما يُثبت فكرة الاستسهال، وهي مرحلة يمر بها أغلب النجوم العرب الذين يحققون نجاحاً جماهيرياً كبيراً باللهجة المصرية في إحدى الفترات، ويعتقدون أن أي عمل يطرحونه باللهجة المصرية سوف يٌلاقي صدى واسع لدى الجمهور، لكنها مرحلة السقوط في الهاوية والجمهور سينصرف عنهم إذا لم ينتبهوا إلى تقديم أعمال مختلفة على مستوى الكلمة واللحن والتوزيع، ولدينا على سبيل المثال المطرب اللبناني وائل جسار الذي خفت نجمه مؤخراً بعد أن كان أحد النجوم العرب الذي يتمتع بجماهيرية كبيرة في مصر”.

 

وعن الاسم الذي استطاع تقديم الفكرة بشكل أفضل على مستوى الكلمة واللحن والأداء يؤكد السماحي: “بهاء والجسمي ودياب، الثلاثة يتمتعون بطبقة صوت رائعة ومُميزة، وإن كانت “تعالى أدلعك” لبهاء سلطان هي الأنجح جماهيرياً رغم تحفظي الشديد على مستوى الكلمات الركيك الذي لا يليق بصوت بهاء، لكن نجاحها وراءه أسباب أخرى أولها أنها كانت الأغنية الأولى التي أعادت بهاء للساحة بعد فترة غياب وانقطاع طويلة، أيضاً طريقة تصوير الأغنية جعلتها مُحببة وقريبة من الجمهور، وتأتي أغنية “دلع وإتدلع” للجسمي في المرتبة الثانية، ثم “هتدلع” لدياب في المرتبة الأخيرة”.

صورة باهتة

يتفق معه في الرأي الناقد الموسيقي أمجد مصطفى الذي أشار إلى أن تكرار الأفكار ما هي إلا محاولة لاستغلال نجاح مفرد أو مصطلح بعينه قبل أن يُضيف: “بعض النجوم لديهم حب التقليد لضمان النجاح، والبعض الآخر يختار “بروزة” المصطلح كعنوان للأغنية لجذب انتباه وفضول الجمهور، لكن في جميع الأحوال هذا يُعتبر استسهال النجاح، والسبب فيه أيضاً أن هناك مجموعة كبيرة من النجوم يهابون المجازفة بطرح أفكار جديدة إلا قلة قليلة ممن لديهم روح المغامرة بتقديم مفردات مختلفة”.

 

ويستطرد قائلاً: “الدلع” كفكرة قُدمها العراقي كاظم الساهر في بداية الألفينات بأغنية “دلع عيني دلع” التي حققت نجاحاً كبيراً حينها، ومن فترة لأخرى نجد النجوم أو الشعراء ينبشون في بعض المفردات التي طرحها نجوم آخرين مُسبقاً لإعادة تقديمها بصياغة عصرية، لكن أي مطرب يطرح مُفرد أو فكرة مُكررة تبقى تجربته صورة باهتة حتى وإن قدم الفكرة بطريقة أفضل لكنه في النهاية سار على نفس وتيرة غيره دون محاولة للاختلاف”.

 

وعن أفضل مَن قدم “الدلع” مؤخراً يقول : “المنافسة قوية بين بهاء والجسمي ودياب لاسيما أنهم من الأسماء اللامعة على الساحة الغنائية، وكل منهما لديه خامة صوت تميزه عن غيره، بل طريقة أداء مختلفة ساهمت في طرح كل منهما للفكرة بشخصيته الفنية، لذلك مسألة الأفضل نسبية في هذه الحالة، ولم يستطع أحد منهما خطف النجاح من الآخر”.

موضة

بينما يشير الناقد الموسيقي زين نصار أنه من فترة لأخرى تظهر “موضة” جديدة على الساحة الغنائية، ويتبعها عدد كبير من النجوم رغم أن الفن إبداع مستقل بصاحبه قبل أن يُعقب: “الأفضل أن يجتهد كل مطرب أو مطربة في البحث عن الجديد حتى يستطيع التفرد والتميز عن غيره لاسيما أن الأفكار والموضوعات كثيرة، لكن هناك محدودية في التفكير لدى بعض النجوم والشعراء الذين يضعون أنفسهم في شُبهة التقليد والتكرار مهما حاول التجديد في الفكرة التي سبق وقدمها مطرب آخر”.