من الأعماق

ماسورة مستريحين.. وانفجرت !!

جمال حسين
جمال حسين

خلال الأيام القليلة الماضية، طفت على السطح ظاهرة المستريحين، وأصبحت حديث القاصى والدانى، بعد تساقط هؤلاء النصابين، الواحد تلو الآخر، لدرجة أن محافظة أسوان بمفردها ضُبط بها ٣٧ مستريحًا، عقب سقوط المستريح الأكبر مصطفى البنك.
فجأة اكتشفنا وجود مستريحين فى معظم محافظات مصر، بعد تدفُّق بلاغات الضحايا على أقسام الشرطة؛ للإبلاغ عنهم، بعد أن شاهدوا مآسى ضحايا مستريحين أسوان.


الأرقام مُرعبة، فعندما يتم القبض على ٣٧ مُستريحًا فى محافظةٍ واحدةٍ فقط؛ هى أسوان، فهذا أمرٌ مُدهشٌ، وعندما يبلغ عدد الضحايا الذين تقدَّموا ببلاغاتٍ رسميةٍ، طبقًا لبيان النائب العام حتى الآن «٣٩٢٢ ضحية»، فهذه كارثة، وعندما نكتشف أن «مُستريح واحد» جمع مبالغ غير معقولة «٥٠٠ مليون جنيه»، طبقًا للإحصائيات الرسميَّة، بينما يذهب البعض إلى أن الرقم يصل إلى ٢ مليار جنيه، فهذه مصيبة بكل المقاييس.
وعندما تستمع النيابة العامة لشهادة ٨٢٩ من المجنى عليهم، وتأمر بحبس ١٧ حتى الآن، وضبط وإحضار باقى المتهمين الهاربين، وتتخذ قرارًا بمنع المتهمين من التصرُّف فى أموالهم، وإدراجهم بقوائم الممنوعين من السفر وترقُّب الوصول، فهذا يُؤكِّد أن النيابة العامة، الأمينة على الدعوى العمومية، بقيادة المستشار الجليل حمادة الصاوى، عازمةٌ مع جميع أجهزة الدولة على القضاء على ظاهرة المستريحين؛ بإنزال أشد العقاب عليهم، وعلى كلِّ مَنْ ساعدهم وساندهم وعاونهم وسهَّل لهم نشاطهم الآثم، وأضفى على وجودهم الشرعيَّة والاستقواء، ممَّا مكَّنهم من ممارسة عملهم جهارًا نهارًا، وبثَّ نشاطهم الآثم على مواقع التواصل الاجتماعى.
المسئوليَّة لا يجب أن تتوقَّف عند هؤلاء، بل يجب أن يشمل الحساب كلَّ مَنْ غضَّ البصر عن نشاطهم، ومَنْ سمح لمستريحٍ مثل مصطفى البنك، بأن يردم عِدَّة أفدنة من القصب؛ ليُشيِّد عليها، فى وضح النهار، مبانى وعنابر وحظائر المواشى، رغم أن مجلس المدينة يقع على مسافة قريبة منها، بينما ينتفض مجلس المدينة إذا اشتمَّ أن مواطنًا يعتزم بناء طوبة فى منزله.. يجب أن يُعاقب رجل الدين، الذى ألبس سائق توك توك «مسجل خطر»، عباءة التقوى، لدرجة أنه قال عنه إنه «ابن السيدة زينب»، رضى الله عنها، ولم يكتفِ بذلك، فبعد أن حصل منه على ٢٠٠ ألف جنيه، رفعه إلى منازل الصديقين.


الظاهرة خطيرة، ويجب أن يتكاتف الجميع لمواجهتها، خاصةً أن مَنْ يُمارسها يستغل بعض الفتاوى الشاذة عن تحريم فوائد الديون؛ لإقناع البسطاء بتشغيل أموالهم مقابل فوائد تصل إلى ٥٠٪ فوائد، وهى الفائدة التى لا تتحقَّق إلا بالاتجار فى المخدرات والآثار وغسيل الأموال.. لا بد من التوسُّع فى إنشاء الصناعات الصغيرة؛ حتى يستثمر المواطنون أموالهم بها..لا بد من تكاتف جميع القوى الناعمة، الإعلام والفن والثقافة؛ لزيادة وعى المواطنين بالقرى والمدن، وتحذيرهم من خطورة المستريحين، وأخيرًا لا بد أن يتصدَّى مجلس النواب أيضًا؛ بإجراء تعديلٍ تشريعىٍّ لتغليظ عقوبة المستريح إلى المؤبَّد؛ المستريح نصابٌ خطير، ليت قومى يعلمون.