بعد تكرار ظاهرة «المستريح»| قاعود: الطمع مهلك للمال.. والكسب الحلال سبب قبول الأعمال

الرغبة فى المكسب السريع يوقع العديد من الضحايا
الرغبة فى المكسب السريع يوقع العديد من الضحايا

حث الشرع الحنيف على السعى فى تحصيل المال واكتسابه كوسيلة لغايات ومقاصد مشروعة وجعل للحصول عليه ضوابط وقواعد واضحة المعالم، لايجوز تجاوزها ولا التعدى على حدودها كى تتحقق المصالح للفرد والمجتمع.. ولكن بعد انتشار حوادث النصب من خلال ظاهرة «المستريح»، يجب التأكيد على أهمية القنوات الرسمية والوسائل الشرعية لاستثمار المال وتحقيق الربح الحلال الآمن للحفاظ على الأموال.

وعن هذا يحدثنا الشيخ محمد حسن قاعود من علماء وزارة الأوقاف فيقول: أوجب الإسلام على كل فرد أن يطلب المال لأن به قوام الحياة وانتظام الأمور وتمام المصالح فالصحابى عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه كان يقول: ياحبذا المال أصون به عرضى وأرضى به ربى، وذلك لأن الكسب الطيب والمال الحلال ينير القلب ويشرح الصدر ويورث الطمأنينة والسكينة والخشية من الله، ويعين الجوارح على العبادة والطاعة، ومن أسباب قبول العمل الصالح وإجابة الدعاء والبركة فى الرزق.

إقرأ أيضاً | إشراك جميع الأئمة من خريجي أكاديمية الأوقاف في البرنامج الصيفي للطفل

ويضيف: أما الكسب الخبيث فإنه شؤم وبلاء على صاحبه، ويسبب قسوة القلب ويطفئ نور الإيمان، ويحل غضب الجبار وهو مانع لإجابة الدعاء، فقد روى الطبرانى فى مسنده أن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال: يارسول الله  ادع لى يجعلنى الله مستجاب الدعوة قال له صلى الله عليه وسلم: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة».

ويؤكد: للأسف إن بعض الناس أصابهم الطمع لايتحاشون اكتساب المال الحرام وتحصيله من أى طريق وعبر أى وسيلة حتى لو كانت غير مشروعة، إذ ليس لهم إلا هم تكديس الأموال وتضخيم الثروات، فالحلال فى عرفهم ما قدروا عليه والحرام ما تعذر الوصول اليه يسلكون فى طلبه مساعى محرمة وسبلا مشبوهة، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال: «يأتى على الناس زمان لا يبالى المرء ما أخذه أمن حلال أو من حرام؟» ولقد قص لنا القرآن الكريم من حياة الأنبياء والمرسلين، وأشار إلى بعض المهن التى كان الأنبياء يعملون بها، فهذا سيدنا نوح عليه السلام كان يعمل نجارا، وقد صنع بيده السفينة التى كانت سببا للنجاة من الغرق قال تعالى: (ويصنع الفلك وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه قال إن تسخروا منا فإنا نسخر منكم كما تسخرون)، وهذا نبى الله دواد كان حدادا يصنع الدروع وغيرها من الأشياء النافعة قال تعالى: (وألنا له الحديد أن اعمل سابغات وقدر فى السرد)، وسيدنا زكريا كان نجاراً وكان حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم يرعى الغنم على قراريط لأهل مكة، وكان يعمل بالتجارة فيسافر ويجد ويتعب من أجل تحصيل الرزق الحلال وهو الذى قال لأن يحتطب أحدكم على ظهره خير من أن يسال أحدا فيعطيه أو يمنعنه.

فاليد التى تعمل وتكسب الرزق الحلال هى التى تعطى وهى التى تعمل من أجل إعفاف النفس عن التذلل للآخرين، وهناك مهن كثيرة يستطيع الإنسان أن يتعلمها ويعمل بها فيستفيد منها ويفيد مجتمعه، فالسعى فى الأرض وطلب الرزق أمر محمود إذا كان طالبه يسلك الطرق المشروعة ويتجنب الطرق الممنوعة قال تعالى: (هو الذى جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا فى مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور)، فاستعن بالله واجتنب المكاسب السريعة الحرام من غير القنوات الشرعية والوسائل الرسمية.

وقد كانت دار الإفتاء قد حذرت من أن الداعين لتوظيف الأموال خارج المؤسسات الاقتصادية المعتمدة من الدولة من ضعاف النفوس يستغلون البسطاء تحت مبررات كثيرة لتنمية المال لأغراض شخصية وتحت إغراءات لأنهم للأسف بعيدون عن معايير الكسب الحلال فهم يلحقون الضرر بالاقتصاد الرسمى، بالإضافة إلى عدم وجود ضمانات عندهم لأصحاب الأموال فضلاً عن خداع بعضهم لأصحاب الأموال بالتخفى تحت وراء أو مظلة أو صبغة إسلامية.