بعد استشهاد لواء شرطة ومجندين

كواليس القبض على «مستريح أسوان» وبحوزته 9.5 ملايين جنيه

مبالغ مالية
مبالغ مالية

كتب: أبوالمعارف الحفناوي

في عدة محافظات انتشرت ظاهرة المستريح، وسط بلاغات عدة تلقتها الأجهزة الأمنية في مديريات أمن مختلفة، تفيد بوقائع بلاغات من مواطنين يتهمون أشخاصًأ عدة بالنصب عليهم في أموالهم، كان آخرها بل وأبرزها مصطفى البنك، الذي حمل اسم مستريح المواشي، الذي ألقت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن أسوان القبض عليه بعد مطاردة مثيرة.


مستريح محافظة أسوان، الذي جمع أموالا طائلة من المواطنين، ظهر منذ شهور قليلة في فيديوهات عبر صفحته بمواقع التواصل الاجتماعي - فيس بوك وتويتر - يدعو المواطنين لجمع أموال طائلة منهم، وأوهمهم أنه سيردها أضعافًا مضاعفة بعد 21 يوما.

 

مصطفى البنك، سائق التوك توك، الذي ذاعت شهرته وسيرته بين المواطنين في محافظات جنوب الصعيد خاصة قنا والأقصر وأسوان، حيث كان يقوم بشراء المواشي بأضعاف أسعارها، ويوهم المواطنين بدفع مبلغها المتبقي بعد مرور 21 يومًا، لتكون قصته مماثلة لقصص شركات توظيف الأموال في الماضي.

 

لكن قصة مستريح أسوان، كانت هي الأشهر في هذه الأيام، بعد أن استغل مصطفى البنك، ظهوره في فيديو مع الشيخ أمين الدشناوي، أو كما يطلق عليه ريحانة المداحين،  ممسكًا بيد مصطفى البنك، ويصف الصحابة بأوصافهم المعروفين بها، داعيًا الله أن تكون صفاتهم في مصطفى البنك.

 

مصطفى البنك،  والذي ظهر في أكثر من مرة على مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، يستعرض أموالا بحوزته، لطمأنة ضحاياه، وكسب ضحايا جدد، عن طريق مندوبين له في أكثر من منطقة؛ بدأت قصته بالنصب على المواطنين باسم الدين، مستغلا الطيبين من المواطنين، خاصة وأنه رسم صورة كذبًا وتضليلًا لنفسه تعمد رسخوها في أذهانهم بأنه رجل ينتمي إلى الصوفيين، الذين يعشقون السيدة زينب، وأولياء الله الصالحين، قائلا لضحاياه مرارًا وتكرارًا: «انا بشتغل بتصريح من السيدة زينب وأولياء ربنا كلهم يعرفوني»، لتنهال عليه التعليقات، ويشد الكثيرون الرحال إليه، ليس من أبناء أسوان فقط، بل من مختلف محافظات الصعيد، لاعتقادهم بأنه القادر على تغيير وضعهم المادي، من خلال تجارة المواشي الذي أعلن عنها في فيديوهات كثيرة،  حتى أوقع بقرابة الألف ضحية، وحصل منهم على 200 مليون جنيه، وهرب، وبعد أن سادت في القرية حالة احتقان، وتجمع حول منزله المئات، انطلقت قوة أمنية لضبطه، بعد تحديد مكان اختبائه، وفي مطاردة مثيرة استشهد فيها لواء شرطة ومجندين اثنين، انقلبت بهم سيارة أثناء عودتهم بعد ضبطه، «ماتوا عشان يجيبوا حق الضحايا».

 

إقرأ أيضاً | نيابة إدفو تستدعي ضحايا «مستريح المواشي» لسماع أقوالهم

زفة المواشي
جهات التحقيق، كشفت أن مستريح المواشي، أوهم  ضحاياه بطرق احتيالية بتشغيلها لهم لكسب الأرباح من خلالها بدعوى توظيفها في تجارة رؤوس الماشية، ثم استولى منهم على مبالغ مالية كبيرة، وكان يسدد الربح للبعض، وهو ما جعله يوقع بآخرين، وفي الآونة الأخيرة، حاول التهرب منهم، وعدم سداد الأرباح لهم، ومع كل مرة كان ينشر فيديوهات له، لطمأنه ضحاياه، بحوزته أموال، كما قام مستريح المواشي، بعمل زفة للمواشى،  قبل القبض عليه بقرابة يومين، واستطاع أن يبعد الشك ويبث الطمأنينة في قلوب ضحاياه، الذين بالرغم من كل ذلك كانوا يدعمونه حتى اللحظات الأخيرة، على أمل أن يحصلوا على أموالهم.

 

نعمة سعيد، واحدة من سيدات أسوان أشارت؛ إلى ظهور أكثر من مستريح في الآونة الأخيرة، في أسوان وليس مصطفى البنك فقط، الذي ذاع صيته بشكل كبير، لافتة إلى أن رغبة المواطنين في الطمع الشديد، أو زواج أو بناء منزل أو شراء أراضي، كان دافعًا كبيرًا لاستسلام عدد كبير من الضحايا لأكاذيبه، وبيع ممتلكات وغيرها، واستثمار الأموال مع المستريح هذا، خاصة بعدما ظهر بطيبته ودهائه في إقناع المواطنين بالتعامل معه، مقابل فائدة مالية كبيرة خلال 21 يومًا، وعندما توقف عن السداد، سادت حالة من الغليان والهياج، وتجمهر الضحايا حول منزله، حتى أوقعت به الأجهزة الأمنية.

 

ويوضح محمد علي، أحد الضحايا؛ أن مصطفى البنك، استطاع أن يضحك على الأهالي وينصب عليهم بطريقة ماكرة، عن طريق «الوعدة»،  استغلها في البداية بزعم تقربه إلى الله، والتصوف وحبه لآل البيت، مما جعل الكثير من الضحايا يحسنون الظن به، ويتقربون إليه، ويسلمونه أموالهم لاستثمارها، وزاد من ثقتهم، اختياره لمندوبين له، لهم صلة قرابة ونسب وثقة بالمواطنين، علاوة على الأرباح الكبيرة التي اعطاها لبعض الضحايا في البداية، وبالرغم من كل ذلك، كان هناك تحذيرات من البعض ضده ولكن الطمع عمى قلوب المواطنين «باعوا كل حاجة حتى الحريم باعت دهبها وبعدين خلع».


مولانا سجين سابق!

وفي قرية البصيلية، مسقط رأس مصطفى البنك، وقبيل أيام من ضبطه، سادت حالة من الغضب بين الضحايا، بعد عدم تمكنهم من الوصول إليه، هكذا قال سيد طلعت، أحد الأهالي،  موضحًا؛ أن مصطفى البنك،  البالغ من العمر 25 عامًا، كان يعمل سائق توك توك، وكان مسجونا على ذمة قضية، وبعد أن قضى فترة عقوبته، خرج من السجن، ثم ظهر في فيديوهات يعلن تقربه من الأولياء، معلنًا عن أنه يتاجر في المواشي، وسوف يقوم بتشغيل الأموال، وأن من يعطيه مبلغًا ماليًا سيرده له بعد فترة 21 يومًا مضاعفًا.

وأشار إلى أن،  مصطفى البنك، كان يشتري المواشي من المواطنين، بأسعار مرتفعة، على أن يدفع لهم قيمتها بعد 21 يومًا، ثم يبيعها لآخرين، ويحصل على ثمنها، ويقسم المبلغ على الضحايا ولكن يعطي البعض منهم فقط المبلغ المتفق عليه عند الشراء، وكان في البداية يدفع بالفعل، وهذا ما اكسبه ضحايا جدد، ولكن توقف في أبريل الماضي، حتى تجمهر المواطنون أمام بيته، ولكي يطمئنهم، بث فيديو على صفحته ظهر فيه بجانب كميات كبيرة من الأموال، وأنه سيعيدها لهم، حتى أخبرهم بعدها بأن المندوبين حصلوا على أموالهم ونشر أرقامهم على صفحته في محاولة منه للتهرب من المسؤولية، وألقت الأجهزة الأمنية القبض عليه، واستشهد 4 من رجال من الشرطة بسبب ذلك.

 

بدأت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية التحرك في الواقعة، وحددت مكان اختبائه، وتم ضبطه، وأثناء عودة القوات انقلبت سيارة شرطة، مما أسفر عن استشهاد اللواء منتصر عبد النعيم أبو دقة وكيل الإدارة العامة للأمن والتحريات بوزارة الداخلية، واللواء أحمد محيي مساعد منطقة جنوب الصعيد لقطاع الأمن، ومجندان.

 

أفادت وزارة الداخلية أن ملاحقة مستريح أسوان في المناطق الجبلية المتاخمة لمركز ادفو، أسفرت عن استشهاد ضابطين ومجندين.


ووفقًا لبيان وزارة الداخلية،  كانت الأجهزة الأمنية رصدت تردد عدد من المواطنين أمام منزل أحد الأشخاص (مقيم بقرية البوصيلية – مركز إدفو بأسوان) للمطالبة باسترداد أموالهم لقيامه بالنصب والاحتيال عليهم والحصول على مواشيهم وأموالهم بزعم توظيفها مقابل أرباح مرتفعة وامتناعه عن السداد، وتمكنه من الهرب، وبالفحص تبين أن المذكور حصل على قرابة (200 مليون جنيه) منهم تحت زعم توظيفها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية.

 

وفور رصد الواقعة، وجه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، بتشكيل فريق بحث على أعلى مستوى، لتتبع وملاحقة المتهم الهارب والقبض عليه.


وتبين أن المذكور بحصل على قرابة 200 مليون جنيه، من ضحاياه، تحت زعم توظيفها، وتم اتخاذ الإجراءات القانونية، وبتاريخ 11 مايو الجاري، أسفرت التحريات، التي أشرف عليها لحظة بلحظة، اللواء علاء الدين سليم مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن العام، بالتنسيق مع مديرية أمن أسوان، عن تحديد مكان اختبائه بإحدى المناطق الجبلية المتاخمة لمركز إدفو بأسوان.

 

تم إعداد الأكمنة اللازمة، وتمكنت مأمورية أمنية مكبرة، من إلقاء القبض عليه، وبحوزته 9,5 ملايين جنيه، وخلال جهود الضبط، انقلبت إحدى سيارات الشرطة المشاركة بالمأمورية، مما أسفر عن استشهاد ضابطين برتبة لواء بقطاع الأمن العام «المشرفين على مأمورية الضبط»، واثنين من المجندين، كما قامت إحدى الارتكازات الأمنية، بضبط عنصر إجرامى «له معلومات جنائية، مقيم بقرية السباعية بمركز إدفو بأسوان، وبحوزته 2,5 مليون جنيه، حال محاولته الهرب، كما أزالت الوحدة المحلية، 9 حظائر كبيرة بالظهير الصحراوى لقرية البصيلية بحرى بنجع السايح على مساحة تصل لحوالى 10 آلاف م2 منهم 2 حظيرة تضم المئات من رؤوس الماشية، تم التحفظ عليها.