كل يوم

دعاء سامي تكتب: خوف

دعاء سامي
دعاء سامي

لم أدرك يوما معنى الموت خوفا إلا بعد مجيئك، فمنذ اليوم الأول لك فى هذه الدنيا وأنا ألمس تسارع دقات قلبى راجيا ان ينخلع من بين ضلوعى ليحتضنك ويخبئك بداخله فقد اوجعتيه مرارا وابكيتيه تكرارا.. ففى كل مرة أرافقك بالمشفى وأثناء مكوثنا فترات طويلة سئمت من حصرها، نتقاسم سويا مشاعر القلق والترقب، نتشارك خواطر الحيرة والانتظار، نتبادل دموع الحزن والاستسلام والضيق حتى تضيق بنا جدران الغرفة لتطبق على أنفاسنا.. تمر الدقائق علينا ساعات طويلة وتعدو الشهور علينا سنوات قاسية، أقف مشلولة الفكر والحركة أمامك يوما بعد يوم وانت تتألمين وتستنجدين بى ناحبة صارخة لكى أرحمك ممن يسمونهم ملائكة الرحمة، والذين يمثلون لك مندوبي العذاب فهم من ينكأون جروحك يوميا ويتفحصون أنحاء جسدك المرتجف محاولين إيجاد مدخل لأوردتك الضعيفة المتورمة، يسحبون أنابيب عديدة مختلفة الألوان والأنواع من دمك الهارب يوما بعد يوم ويتبادلون الأدوار بينهم خوفا من الفشل فى أخذ الكميات المطلوبة، وأنت لاحول لك ولا قوة ولا يسعك شئ سوى الصراخ ورفض كل من يقترب منك دونى.

كم سجدت ودعيت المولى أن ينزع قلبى السليم من جسدى ويعطيه لك لتعيشى حياة طبيعية تلعبين وتضحكين كأطفال جيلك، فقد عشت ما يكفينى من العمر ولكنك لم تكملي الحول الثانى من عمرك يا حبيبة عمرى.. عامان قضيتيهما يا صغيرتى على أسرة الأطباء وطوارئ المستشفيات، قضيتيهما بين العلاجات الوريدية والأجهزة المزعجة والعمليات الجراحية والتحاليل والاشاعات، وها انت لازلت تنتظرين بين ليلة وضحاها أن يشقوا صدرك المنهك ويفتحون قلبك الصغير كحل أخيرا لا مفر منه لإنهاء معاناتك المتكررة .. اتوسل اليك أن تتمسكي بالحياة، فلايزال هناك اشياء جميلة ومشاعر اجمل تنتظرنا لنتقاسمها سويا تملأها الفرحة والضحكة وهناك ايضا اوقات لعب هادئة وساعات نوم اهدأ ستنعمين بها، فقد تكبدتى الكثير وتحملتى مالاتطيقه رضيعة مثلك ولكنى أرجوك ان تصمدى وتخرجين من تلك الغرفة المقبضة قوية كعادتك لأننا تعاهدنا على المشاركة فى كل شئ واذا لم تفعليها وتنتصرين هذه المرة فلن أكمل هذه الحياة بدونك.