حبر على ورق

أسطورة «عادل إمام»

نوال مصطفى
نوال مصطفى

من أشهر الجمل المأثورة للنجم العالمى «روبرت دى نيرو» أن الموهبة تكمن فى الاختيار. هذه الجملة تحديدًا تفسر سر استمرار نجوم عمالقة تعدوا السبعين وأحيانا الثمانين من أعمارهم وما زالوا يتربعون على عرش النجومية .

الأمثلة عديدة؛ أشهرهم آل باتشينو (82 سنة) مورجان فريمان (85 سنة) داستن هوفمان (80 سنة) جاك نيكلسون (85 سنة) روبرت دى نيرو (79 سنة ). هؤلاء جميعا مستمرون فى التمثيل ويتابعهم عشاقهم فى أنحاء العالم بنفس الحب والشغف. السؤال المهم هنا: كيف استطاع هؤلاء الحفاظ على مكانهم فوق القمة؟ كيف قاوموا فعل الزمن، وقفزوا فوق حواجز الوهم وطرق التفكير العقيمة بأن السن عائق أمام الإبداع والخلق. لقد تألقوا جميعا فى تلك السن ربما أكثر من سنوات شبابهم .هل لأن الخبرة تصقل الشخصية؟ هل لأن الكاريزما لا تموت؟ أسئلة كثيرة وإجابات أكثر.!

هذا الكلام ينطبق على أسطورة مصرية اسمها «عادل إمام» بأعمال تألق فيها منذ بدأ مشواره الطويل المشرف فى الفن، هو ذلك الفتى الطائر فوق كل الصعاب، استطاع الاحتفاظ بالقمة حتى الآن، ولقب بالنجم الأغلى من حيث الأجر والقيمة أيضًا. عادل إمام بدأ عام 1962 على مسرح جامعة كلية الزراعة عندما كان طالبا بها، واشترك فى مسرحية «أنا و هو وهى» عام 1963 فى الدور الذى اشتهر به «دسوقى أفندى» ولفت الأنظار إلى موهبته المتوهجة منذ بداياته المبكرة.

و تتابعت أدواره الصغيرة حتى كانت المسرحية التى أعلنت عن مولد نجم جديد فى عالم الكوميديا «مدرسة المشاغبين» عام 1971 و كانت أهم محطة فى حياته حيث استمر عرض المسرحية لأربع سنوات متتالية بسبب إقبال الجمهور على مشاهدتها . وبعدها لعب دور البطولة فى رائعته «شاهد مشفش حاجة» وأدى شخصية سرحان عبد الفضيل ليستمر عرضها على المسرح لسبع سنوات متتالية وسط استقبال جماهيرى غير مسبوق . أصبح عادل إمام من وقتها وحتى يومنا هذا هو النجم الأول بجدارة، والدليل أنه حتى عام 2020 يتصدر مسلسله الأعمال الرمضانية، ويحصل على لقب الأكثر مشاهدة، تتهافت القنوات التليفزيونية العربية و المصرية لشراء حق عرض مسلسلاته . أليس هذا شيئا مبهرا حقا؟

اللافت للنظر هو أن نجوميته لم تقتصر على المسرح فقط، بل صنع لنفسه نفس المكانة فى السينما والتليفزيون وهو أمر قلما يحدث مع نجم. فقد أدى أدوارا تعتبر بصمات فى السينما مثل «حب فى الزنزانة» و«المشبوه» و«الإرهاب والكباب» «طيور الظلام» و«بخيت وعديلة» و«عريس من جهة أمنية «و غيرها من الأفلام التى عاشت فى وجدان المصريين .

وفى التليفزيون لعب بطولة «أحلام الفتى الطائر» و« دموع فى عيون وقحة» وغيرهما من المسلسلات ثم غاب لفترة طويلة عن التليفزيون حتى عاد بمسلسل «فرقة ناجى عطية» ثم «العراف» ثم «صاحب السعادة» و«أستاذ ورئيس قسم» .

لا شك أنه فهم قواعد اللعبة، وطبق مقولة العبقرى روبرت دى نيرو «الموهبة تكمن فى الاختيار»، وساعده فى تغيير أدواره وموضوعات أفلامه ومسلسلاته الكاتب الذكى الموهوب يوسف معاطى الذى كتب لعادل إمام مجموعة أفلام تحول فيها من دور الفتى الأول إلى شخصية الأب الذى يحمل قلب شاب، فتجاوب الجمهور معها مثلما تجاوب مع أعماله السابقة، وكانت تلك هى النقلة الرائعة الناعمة، الذكية التى بقى معها عادل إمام متربعا على عرش النجومية .

62 عاما من العطاء و82 عاما من العمر المديد لنجمنا المحبوب عادل إمام.. الذى أراه بكل المقاييس أسطورة فى الفن والحياة .متعه الله بالصحة و العافية وطاقة الحب الرائعة التى يبثها من خلال أعماله فى نفوس عشاقه ومشاهديه. كل سنة وأنت طيب يا أستاذ عادل.