«الضرورات تُبيح الناتو».. فنلندا والسويد يتخليا عن حيادهما بسبب روسيا

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بعد أعوام طويلة من الالتزام بسياسات الحياد وعدم الانحياز، يشهد العالم ما وُصف بـ«التغييرات الجذرية» لسياسات كل من فنلندا والسويد، وذلك بعد تقدمهما رسميًا للحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي «الناتو» صاحب الـ73 عامًا.

اقرأ أيضًا: البرلمان الفنلندي يصوت لصالح انضمام البلاد لحلف الناتو

ففي مؤتمر صحفي، أعلنت رئيسة الحكومة الفنلندية «سانا ماري» إن هلسنكي قررت الانضمام للناتو لتعزيز أمنها بعد إقدام روسيا على غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، ووصفت الخطوة بأنها «هامة للغاية» ومدفوعة بأسباب قوية.

وفي أعقاب إعلان فنلندا سارعت رئيسة حكومة السويد بدورها «ماجدالينا أندرسون» باتخاذها خطوة مشابهة، بإعلان عزمها الحصول على عضوية الناتو.

وفي تصريحات لوزيرة الخارجية السويدية «آن ليندي»، قالت إن البلاد اتخذت قرار تاريخي بالانضمام لحلف الناتو الدفاعي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا الذي «أدى إلى تدهور الوضع الأمني في السويد وأوروبا ككل».

ووفقًا لتقرير نشرته CNBC، فإن فنلندا تشترك في حدود برية مع روسيا تصل لـ 830 ميلاً، وبانضمامها لحلف الناتو تتضاعف الحدود التي تشاركها روسيا وحدها مع الدول الأعضاء في الحلف الدفاعي، وهو الأمر الذي يثير القلق الروسي. وعلى الرغم من أن السويد على الجهة الأخرى لا تشترك مع روسيا في حدود برية، إلا إنها تشترك معها في حدود بحرية.

وبالنظر إلى كل هذا التهديد الذي شعرت به روسيا، فإن تحرك كل من هلسنكي وستوكهولم قد يشعل عدوانًا من روسيا التي أكدت أكثر من مرة رفضها لتوسع الناتو.

ففي تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافرورف، انتقد فيها خطوة الحكومة الفنلندية، قائلا إن القرار يعتبر «تغيير جذري» في سياسة البلد المحايد، مشيرًا إلى أن هلسنكي ستكون مضطرة بعد ذلك لإتخاذ خطوات ذات طبيعة عسكرية كعضو في التحالف.

ما هو الحلف الذي لجأت إلية الدول؟

تأسس الناتو عام سنة 1949 بمشاركة عدد من الدول على رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة وهم أعضاء دائمين في مجلس الأمن الدولي يتمتعون بـ «حق الفيتو» وهم رسميا دول حائزة للأسلحة النووية، وكان في البداية تحالفًا سياسيًا.

زادت عدد الدول المنضمة لحلف شمال الأطلسي وظهرت الحاجة لإنشاء قوة عسكرية تابعة له مع بداية الحرب الكورية عام 1950 والتي استمرت ثلاث سنوات.

ومع تطور المسار السياسي وظهور الحرب الباردة أصبح هناك ما يعرف بالصراع الخفي بين «حلف الناتو» الذي يضم 30 دولة، مع «حلف وارسو» الذي يضم مجموعة من الدول الاشتراكية الشرقية بالإضافة للإتحاد السوفيتي، والذي أسس كرد على انضمام ألمانيا الغربية لحلف الناتو عام  1954كنوع من أنواع «توازن القوى».

وتم إعلان حل «تحالف وارسو» رسميًا عام 1991، بعد تفكك الاتحاد السوفيتي وسقوط ألمانيا الشرقية وتوحيدها وانسحاب كل من ألبانيا ورومانيا.

كانت أول مشاركات الناتو العسكرية تدخلها في البوسنة عام 1992 وفي يوغوسلافيا  عام 1999، وطالبت الولايات المتحدة قوات الناتو بالتدخل بعد تعرضها لهجوم 11 سبتمبر وفقًا للمادة الخامسة من المعاهدة التي تتعلق بالدفاع الجماعي بين الأعضاء – وهي الأخطر في المعاهدة- مما أدى لاحقا لنشر قوات خاصة في أفغانستان.

ساعد الناتو أيضًا في عمليات مكافحة القرصنة وفي عام 2011 قام بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا وفقا لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 1973.

كما تشاورت الدول الأعضاء في عدد من الأحداث السياسية التي تتعلق بالتهديدات التي فرضتها حروب العراق وسوريا والتدخل الروسي في شبه جزيرة القرم وتهديدات داعش الإرهابية.

وعلى الرغم من الانتقادات التي تم توجيهها لحلف الناتو في السنوات الأخيرة، وانتقاد قراراته بالتدخل العسكري خاصة في ليبيا على سبيل المثال، إلا أن التدخل الروسي في الأراضي الأوكرانية فبراير الماضي، «أعطى قبلة الحياة» لحلف الدفاع العسكري.

من جانبه، رحب أمين عام حلف شمال الأطلسي «ينس ستولتنبرج»، بطلب فنلندا والسويد، اتساقًا مع سياسات «الباب المفتوح» التي عُرفت عن التحالف.

من جانبها أعلنت روسيا أنها قد تضطر إلى اتخاذ خطوات انتقامية ذات طبيعة «عسكرية تقنية» في حال انضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو، وستعتمد تدابير محددة في حال نشر أنظمة الأسلحة الهجومية لهذه الكتلة العسكرية على أراضيهما.