أحمد أبو رية يكتب: وزارة الدكتور مدبولي .. «دور وطني .. وحكومة تشارك .. لا تزاحم»

أحمد أبو رية
أحمد أبو رية

تظهر رؤية الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية، التي أعلن الدكتور مصطفى مدبولي محاورها في مؤتمر صحفي الأحد، بناء على تكليفات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، أننا أمام حكومة رشيدة وواعية بالتغيرات الحادة التي يمر بها الاقتصاد الدولي حاليًا وتحدياته الخطيرة التي يصعب التنبؤ بها على أي مدى زمني، ما يتطلب حشد الموارد المحلية لتحقيق الانطلاق، والمزيد من تعزيز أدوار القطاع الخاص.
 
تستهدف الحكومة إتاحة أصول مملوكة الدولة بقيمة 40 مليار دولار للشراكة مع القطاع الخاص المصري أو الأجنبي لمدة 4 سنوات، على أن يتم الإعلان قبل نهاية شهر مايو عن وثيقة سياسات ملكية الدولة التي توضح القطاعات التي ستستمر الدولة فيها والأخرى التي ستتخارج منها.

تسعى الدولة حاليًا إلى رفع مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد بنسبة 65% خلال الثلاث سنوات القادمة، بعد أنت قامت الدولة بما عليها من إنفاق ضخم على البنية التحتية وصل إلى 400 مليار دولار في سبع سنوات، ما يعني أن المستثمرين أمامهم فرصة تاريخية لن تتكرر، بالدخول إلى جميع القطاعات ونسف الحجج التي تم تسويقها عن مزاحمة الدولة لرجال الأعمال في النشاط الاقتصادي.  

دخول الحكومة بقوة في النشاط الاقتصادي وتخارجها محسوب بدقة، فالفترة التي سبقت ثورة 25 يناير كان القطاع الخاص يتولى دقة الاستثمار، لكن بعد 2011 وخلال الفترة الانتقالية أحجم عن القيام بدوره، بسبب المخاوف وعدم اليقين وبعد أن قامت الدولة ببناء المدن الجديدة، وتطوير شبكة الطرق والنقل وافتتاح الموانئ ومد مظلة التعمير شرقا وعربا حتى باتت الرقعة المعمورة 14% من مساحة مصر تعود مجددا لتنقل المهمة للقطاع الخاص لتولي مسئولياته.

يأتي القطاع العقاري في قلب القطاعات التي سيتم التعويل على القطاع الخاص بالقيام بدورها فيها مستقبلاً، خاصة أن الحكومة تطرقت لتلك النقطة بعدما أدت دورها على أكمل وجه في توفير ملايين الوحدات السكنية للمصريين بأسعار وتسهيلات في المتناول، وأشارت إلى أن شركات القطاع الخاص هي التي تتولى البناء في المدن الجديدة طوال الأعوام الماضية ومن المتوقع زيادة أدوار المطورين وشركات العقارات في بناء المساكن بمختلف أنواعها مع استمرار دور للدولة أيضاً في تطوير المناطق العشوائية ودعم سكن محدودي الدخل ولكن ليس بكثافة السنوات السبع الماضية.
فتعزيز دور القطاع الخاص في القطاع العقاري ضرورة ملحة، فهو أحد المحركات الأساسية للنمو الاقتصادي طوال السنوات الماضية، لارتباطه بنحو 105 صناعات بشكل مباشر وغير مباشر، بجانب كونه قطاع كثيف التشغيل وأحد القطاعات التي ساهمت في تخفيض البطالة ومواجهة الاقتصاد المصري تداعيات جائحة كورونا إذ فتح أبوابه لنحو 40% من العمالة الموسمية التي تقطعت بها الطرق في خضم الأزمة.

تحتاج مصر لإنشاء نحو 30 مليون وحدة سكنية تلبي متطلبات عدد السكان الذي سيرتفع بنحو 60 مليون نسمة ما يعني أن المطورين المحليين أمامهم دور وطني في توفير ذلك العدد المهول من الشقق ومساعدة مليون شاب يدخلون سوق العمل سنويا في بدء حياة جديدة، على أن تمارس الدولة دورها التنظيمي والداعم للسوق لتوفير جميع الحوافز والتسهيلات التي تعزز السوق العقارية. 
الدولة جادة في وضع رؤية متكاملة لتشجيع القطاع الخاص وزيادة مشاركته في النشاط الاقتصادي، مشيرًا إلى تكليفات الرئيس عبد الفتاح السيسي الأخيرة بشأن تعزيز دور القطاع الخاص الوطني، وتقديم عدد من الحوافز، بتيسير إجراءات إصدار التراخيص والموافقات، وتم تحديد حد أقصى 20 يومًا عمل لإنهاء كافة الموافقات والإجراءات، وأن يكون هناك جهة واحدة للتعامل مع المستثمرين، مع إعداد قانون جديد يتضمن إعفاء ضريبي لمدة من 3-5 سنوات لبعض المنشآت الصناعية والتنموية بقطاعات محددة بمدن الجيل الرابع.

تظهر رؤية الدولة للتعامل مع الأزمة الاقتصادية العالمية حاليا أننا أمام حكومة تستمع للمواطنين وتسعى لأن يكونوا شركاء في ملكية شركاتها بما يعزز الشفافية وحسن الإدارة "الملكية الشعبية" بعد إقرار الدولة 21 إجراء سيتم تنفيذها بالبورصة ستعمل على زيادة الشركات وحجم السوق وتقليل المخاطر، وطرح 10 شركات للدولة وشركتين للقوات المسلحة في البورصة قبل نهاية العام، ودمج  بعض الفنادق المميزة في شركة واحدة وطرح نسب منها للمصريين، وكذلك بعض المشروعات الجارية مثل المونوريل والقطار الكهربائي وغيرها ستطرح للقطاع الخاص بعد توحيدها في شركة أيضًا.

تسير الحكومة بقوة نحو القيام بدور تنظيمي بضبط إيقاع العلاقات بين الفاعلين الاقتصاديين وحفظ المصلحة العامة وتفعيل أدوارها في حماية المنافسة ومنع الاحتكار وحماية المستهلك وقواعد السلامة الصحية والأمن الصناعي وحقوق العمال، مع أنشطة اقتصادية ذات محور اجتماعي في المقام الأول لن يدخلها القطاع الخاص لأنها لا تحقق ربحية.