حكايات| ست بـ100 راجل.. «قشطة» تحول الطين لذهب أحمر

 ست بـ100 راجل.. «قشطة» تحول الطين لذهب أحمر
ست بـ100 راجل.. «قشطة» تحول الطين لذهب أحمر

عندما تراها للوهلة الأولى لا تتخيل أنها سيدة ثلاثينية، لكن جدعنتها وشرفها وحبها لأبنائها يجعلها تدخل قلوب كل من يتعامل معها دون استئذان.. هنا في قرية سرناجة بالدقهلية تقف «الست قشطة» وسط أكوام من الطين تضع لمساتها لتحوله إلى «ذهب أحمر».
 

على أطراف ميت غمر تقف السيدة المتواضعة قشطة وسط منزلها المكون من غرفة واحدة تتسلل إليه الأنوار من منور بدون باب دون أثاث مميز، تحاول الابتعاد عن وسائل الإعلام قدر المستطاع حتى لا يغضب أبناؤها منها.

 

تشتهر «قشطة» بين أبناء قريتها بحفظ آيات من القرآن الكريم التي لا تتوقف عن قراءتها أثناء عملها داخل أفران صناعة الطوب الأحمر، ورغم معانتها إلا أن الأهم بالنسبة لها هو إكمال أبنائها تعليمهم فـ«هلال» في مرحلة دبلوم التجارة حاليًا، وكذلك محمد في الصف الثاني من مدربة الدبلوم وكل منهما يعمل لمساعدة والدتهما في الإنفاق.

 

 

أما الأبناء الخمسة الآخرين لـ«قشطة» فتسابق الزمن يوميًا للإنفاق عليهم، إذ تتذكر مساعدات أهل شارعها لها بعد ولادتها ومرضها بعد انفصالها عن زوجها بسبب سجنه أكثر من مرة.

 

لا تخجل «قشطة» للحظة من مشوارها مع العمل فتقول: «أنا بقالي 25 سنة في أعمال مختلفة منها 10 سنوات في الزراعات بكافة أنواع الأعمال، ومرة في مصنع عصير، وأخرى في مصنع للألومنيوم، وفي أحد الأوقات جبت بضاعة وابتديت أبيعها أمام المنزل وخسرت وصاحب البضاعة أشفق علي ولم يطلب مني رد الأموال».

 

 

وبعد هذه الخسارة انطلقت قشطة للعمل في مصنع للطوب قبل 15 عاما، وهنا تروي: «بأشتغل شغلانة فيها 13 عملا مختلفا، بداية من اللف على الطوب الأخضر ونعمل بالسكين، ثم نقسمه، ثم نبل الطين، وبعدها نعجنه، ونملأ البراميل، ونرش على الطوب الأخضر، ثم نكشف على الحمرة، ونفرذ ونحول الطين ونرص الطوب».

 

تتراوح يومية قشطة في مصنع الطوب ما بين 60 إلى 70 جنيها وأحيانا تتراجع إلى 50 جنيها في الأيام العادية.. وهنا تقول: «المعلم صاحب الشغل كتر خيره محترم في التعامل معانا، وأنا حريصة على عدم التقصير، خاصة أنني مريضة سكر، وربنا بيكرمني بالأنسولين في حالة تعبي».