«الذاكرة MEMORY» .. انتقام من نوع آخر

فيلم MEMORY
فيلم MEMORY

إنچى ماجد

في الوقت الذي أصبح فيه كل فيلم إثارة جديد للنجم ليام نيسون لا يمكن تمييزه تماما عن الفيلم الذى سبقه؛ يبدو أن أحدث أفلامه Memory- والذى يتعاون فيه مع المخرج مارتن كامبل - يتسم على الأقل بسمة فريدة ومختلفة؛ ففي هذا الفيلم يلعب النجم الأيرلندي دور قاتل محترف يعاني من مرض الزهايمر؛ بالتأكيد يجب أن يكون ذلك كافيا لمساعدة نيسون فى مسيرته المهنية؛ والتى تشابهت فصولها بشدة فى السنوات الماضية؛ وخاصة بعد سلسلته الشهيرة Taken . 

لا يمكن إنكار أن النجم الأيرلندى المخضرم - والذى يتم عامه السبعين الشهر المقبل - نجح فى أن يؤسس منطقة نجومية خاصة به وحده؛ وهى المنطقة التى يمكن وصفها ﺒ “انتقام الرجل العجوز”. ومنذ تقديم ثلاثية Taken؛ قدم نيسون مجموعة من الأفلام - حتى وإن تشابهت - فلها جمهورها الذى يهوي مشاهدة ذلك البطل الذى لا يترك ثأره؛ ويسعى خلفه للانتقام. 


وفى فيلم Memory- الحلقة الأحدث من سلسلة انتقامه التى لا نهاية لها - يلعب نيسون شخصية قاتل عجوز يعاني من مرض الزهايمر؛ يضعه الفيلم فى مكانه المألوف الذى اعتاد الجمهور على مشاهدته فيه؛ وهو الرجل المنعزل الذى يحاول القيام ببعض الخير في العالم - على الرغم من أنه في هذه المرة يظهر كقاتل محترف يسعى لتغيير طريقه - لكن مهمته الأخيرة لا تساعده على تحقيق خططه بشكل فعلى. 

 

يلعب نيسون دور “أليكس” وهو قاتل أمريكي يعيش في المكسيك؛ ترسله مهمته الأخيرة عبر الحدود إلى مسقط رأسه في مدينة “إل باسو” بولاية تكساس؛ حيث من المفترض أن يقوم بتصفية هدفين؛ ويصر أليكس على أنه سيتقاعد بعد تلك المهمة؛ آملا ألا تخذله ذاكرته التى بدأت فى الضعف شيئا فشيئا؛ لكنه سرعان ما يدرك أن هناك شيئا مريبا بشأن المهمة؛ بعدما عثر عن طريق الصدفة على شبكة دعارة للأطفال؛ وفى خط مواز تجذب أفعال “اليكس” انتباه عميل مكتب التحقيقات الفدرالي “فينسينت”- ويلعب دوره النجم جاى بيرس - الذي يقوم بدوره بالتحقيق فى عمل تلك الشبكة؛ وتؤدى المطاردات المنفصلة لكل من “اليكس” و”فينسينت” إلى شخصية واحدة؛ وهى سيدة الأعمال الغامضة “دافانا” - وتلعب دورها النجمة مونيكا بيلوتشى - .

 

Memory هو فيلم مستوحى من الفيلم البلجيكي De Zaak Alzheimer والذى عرض عام 2003 ؛ وكعادته كان نيسون متفردا طوال الأحداث - التى لا يجيد تقديمها سواه. مع عينيه الثاقبتين؛ وحضوره المخيف على غرار النجم الكبير كلينت إيستوود؛ كان نيسون المرشح لجائزة الأوسكار لا يبذل أى عناء فى تجسيد دور القاتل المخضرم بكل سلاسة؛ يقوم بمهامه بكفاءة غير تقليدية؛ وكما هو متوقع فى الخط الدرامى لسينما نيسون؛ يستيقظ ضمير “أليكس” لنصرة الخير على الشر؛ وخاصة أن استغلال الأطفال جنسيا شيء لا يستطيع - حتى القاتل مثله - أن يحتمله؛ ليبذل مارتن كامبل قصارى جهده فى تقديم فيلم؛ يتمحور في قصة خلاص قاتل إنسانى؛ يرى نهايته قريبا.

 

نرى كامبل - صاحب فيلم “كازينو رويال” - يطبق رؤيته الإخراجية اللامعة المعتادة؛ على قصة تبدو من السطح مثيرة؛ لما تعرضه من جرائم قتل وإساءة معاملة أطفال؛ ولكنها جاءت فى النهاية رؤية دون الكثير من الصدى العاطفى؛ أو حتى تسلسل مثير للأحداث، ولسوء الحظ؛ جاءت محاولات السيناريو لإضفاء الطابع الدرامي على التدهور العقلي المتزايد ﻠ”اليكس”ثقيلة وغير مرنة مع الخلفية الدرامية؛ حيث تشعر إلى حد كبير بأنها وسيلة للتحايل؛ مقارنة بالأعمال الدرامية الأخيرة المدروسة حول مرض الخرف مثل The Father و Vortex. اتضح أن القلق من تقدم العمر هو الشغل الشاغل للعديد من شخصيات Memory - بما في ذلك “دافانا” - التي تسعى للحصول على علاجات طبية متقدمة من شأنها أن تساعدها على البقاء شابة وجميلة؛ بالإضافة إلى ذلك؛ فإن “فينسنت” مثقل بالماضي المأساوي؛ وهى وسيلة سردية تهدف إلى الإشارة إلى أنه بالنسبة لبعض الناس؛ قد لا يكون التفكير في فقدان الذاكرة هو أسوأ مصير يمكن تخيله؛ وبالنسبة للسيناريو الذى كتبه المؤلف داريو سكارداباني -حديث العهد بهوليوود - جاء هو الآخر غارقا في الكليشيهات أكثر من الخلفيات القوية؛ ولم يستفد بشكل كامل من المفارقة القاسية لبطل فيلمه؛ الذي لم يعد قادرا على السيطرة على ذاكرته.

 

وفيما يتعلق بمشاهد الأكشن - التى يبرع فيها كامبل -نجح فى صناعة مجموعة من المشاهد القوية؛ ولكنها لم تصل إلى درجة “المدهشة”؛ بمجرد وصول “اليكس”إلى مدينة “إل باسو” ، حيث تجاهل مهمته من أجل تحقيق العدالة للفتيات المعتدى عليهن؛ ويبدو أن كامبل تأثر قليلا بفيلم The Fugitive ؛ فى إصرار العميل “فينسينت” على مطاردة “اليكس” ؛ وهو لا يدرى أن كلا منهما يطارد نفس الأشرار؛ وفي المرات القليلة التي يتشارك فيها نيسون وبيرس الشاشة سويا؛ يبدعان فى تجسيد خشونة أدوارهما؛ كرجال يعيش كل منهما وفقا لقواعد أخلاقية صارمة؛ واكتشاف أن العالم فى النهاية ليس له فائدة تذكر.

 

لم ينجح Memory فى تلبية احتياجات عشاق أفلام نيسون؛ كدليل جديد على أن أفلامه الأخيرة لم تعد تحقق ايرادات ضخمة كما كان فى السابق؛ حتى أولئك الذين يعشقون سينما الأكشن ذات الميزانية المتواضعة؛ التي تظهر نجوما أكبر سنا؛ قد يخيبهم هذا الفيلم الباهت؛ لكن وجود النجمين جاي بيرس ومونيكا بيلوتشي في الأدوار المساعدة؛ ساعد نوعا ما فى تعزيز الثقل الفنى للفيلم.