فيلم «واحد تانى» يُحيّر جمهور حلمي

فيلم “واحد تانى”
فيلم “واحد تانى”

أحمد أبراهيم

أثار فيلم “واحد تانى” لأحمد حلمى، الذي يعود به إلى السينما بعد غياب 3 سنوات منذ آخر أفلامه “خيال مآتة”، حالة من الجدل، إذ اختلفت الآراء حول تقييم العمل، ويرى البعض أن أحمد حلمى فقد بوصلته فى هذا العمل، وهو استمرار الى سلسلة الاخفاقات التى مر بها حلمى فى الفترة الأخيرة بالسينما منذ فيلم “صنع فى مصر” و”على جثتى” و”خيال مآتة” وأخيرا فيلم “واحد تانى”، آخرون يرون أن ما يقدمه حلمى فى فيلمه الجديد نوع من التغيير، وأن العمل بداية انطلاقة جديدة له خاصة أنه حقق إيرادات كبيرة وصلت الى 32 مليون جنيه ليتصدر قائمة أفلام عيد الفطر.. السؤال الذى يطرح نفسه.. هل استطاع أحمد حلمى أن يغير من نفسه أم فقد بوصلته؟. 

في البداية يقول الناقد محمود قاسم إن الفيلم متوسط المستوي لمجرد الافيهات والضحك وهو امر مطلوب فإذا نظرنا سريعة لافلام حلمي في بداياته كانت اعماله كوميدية لمجرد الضحك الا انه قرر ان يتخلي عن تلك الفكرة ويحاول ان يثبت للجمهور انه ليس كوميديان فقط ولكن ممثل شامل يستطيع ان يقدم الكوميدي والتراجيدي كافلام “اسف علي الازعاج” و”١٠٠٠ مبروك” و”عسل أسود”، إلا أن “ ١٠٠٠ مبروك” تسبب في ضياع حلمي كفنان وكوميديان واخر اعمال حلمي التي تستحق الاشادة والتقدير هو “اكس لارج” والأعمال الأخرى كانت لا تستحق المشاهدة كـ”لف ودوران” و”خيال مآتة” وفي فيلم “واحد تاني” يعتبر محاولة من حلمي للعودة لجمهوره ككوميديان واعتقد ان حلمي لابد وان يركز على هذا الامر خاصة وان الساحة ليس بها كوميدانات خاصة مع تراجع هنيدي وسعد وغيرهم واذا عاد حلمي لاعماله العميقة فانه سيلقي مصير أحمد عيد من النسيان.

 

ويضيف محمود قاسم أن اقحام الإعلانات التجارية امر طبيعي منذ افلام عادل امام وغيره ومتواجد بشكل ملحوظ في الافلام الاجنبية لان المنتج يحاول بشتي الطرق ان يجلب الاموال لضمان تحقيق الأرباح الى جانب الايرادات بشباك التذاكر بالطبع وهو أمر لا يمكن أن نلومه عليه، فالهدف ربحي كتجارة وصناعة وليس محتوى ورسالة كما يردده البعض واذا تعارض الاثنان معا فان المنتج وصناع العمل سيختارون الربح بالتأكيد .

 

وعن لجوء الفيلم لبعض الايحاءات الجنسية والتي كانت سببا في الانتقادات يقول محمود قاسم إن كثيرا من الفنانين يلجأون الي هذا حتي يثيروا الضحك ويجذبون الجمهور في الوقت التي يرددون نغمة السينما النظيفة وهو ما يلقي انتقادات لان الجمهور يحتاج الي سينما عائلية مهذبة يمكن لفئات الأسرة ان تشاهده دون خجل وبالمناسبة فان الافلام العالمية ايضا تراجعت عن فكرة الجنس ومشاهد العري، فهناك شركات محترفة متخصصة لدراسة ذوق الجمهور من ان لآخر يتم الاستعانة بهم لمساعدة صناع السينما على دراسة لحالة امتداد الفشل ذوق وعقلية الجمهور”.

 

في حين يقول الناقد رامي المتولي، إن فيلم “واحد تاني” هو امتداد لحالة فشل وسقوط احمد حلمي فكانت بدايته القوية مع “ميدو مشاكل” و”زكي شان” وبعدها “١٠٠٠ مبروك” و”اسف على الازعاج” و”عسل أسود” و”اكس لارج” والتي أثبتت انه فنان وكوميديان من العيار الثقيل الا ان افلامه الأخيرة “لف ودوران” و”خيال ماته” واخيرا “واحد تاني” اثبتت ان احمد حلمي أصبح يتواجد علي الساحة لمجرد سد خانة ليس اكثر، فتخلي عن الاحترافية في الاختيار والاداء وانتقاء الشخصيات التي كان حريصا عليها منذ بداياته والدليل على ذلك محاولته لاضحاك الناس بالعافية من خلال نفس الحركات والأداء الممل الذي أصبح لا يضحك كحركته الكعبلة والسقوط في فيلم “لف ودوران” وتكرر في “خيال مآتة” وهو كبير في العمر وأخيرا “واحد تاني” وبمقارنة سريعة بين حلمي واقرانه من فناني جيله كعز وكريم عبد العزيز فانهم يسعون الي التجديد والتطوير المستمر كما ان اعمالهم وشخصياتهم لا تتكرر ومتواجدين على الساحة بشكل مستمر بعكس حلمي عمل كل ٤ لـ٦ سنوات واعمال ليست من العيار الثقيل.. كما ان عز وكريم عبد العزيز يقدمان اعمال تحترم سنهما، وهو ذكاء من الفنان ولابد وان يدركه حلمي ايضا ليطور من نفسه وادائه واختياراته خاصة وانه ككوميديان الاختيار الدقيق فيه ضروري. 

 

ويضيف رامي المتولي، أن الايرادات ليست معيارا لنجاح العمل خاصة وان الظروف خدمته بدرجة كبيرة فاذا عرض الفيلم في توقيت وظروف أخرى لما حقق تلك الإيرادات، فأفلام العيد هي استهلاكية وجمهور حلمي الذي انتظره خيبه آماله وظنه كثيرا لأنه كان ينتظر عودة قوية لحلمي بعد غياب بالإضافة إلى غياب المنافسة أيضا عليها عامل كبير، فالفيلم الكوميدي الآخر هو “زومبي” لعلي ربيع دون المستوي ولا يرقي للعرض السينمائي من الأساس.

يقول الناقد أحمد سعد الدين، إن أفلام أحمد حلمي دائما ما تكون في وضع مقارنة مع أفلامه السابقة والتي حققت نجاحا وصدي كبير كـ”آسف على الإزعاج” و”عسل أسود” وبقراءة سريعة للفيلم فهو اقل افلام حلمي وان كان مخيبا لامال البعض ممن ينتظرون افلاما اكثر قوة تليق بعودة حلمي وهو ما لم يحدث فهو فيلم خفيف لمجرد الضحك وهذا ذكاء من حلمي فلابد من دراسة متطلبات الجمهور ورغباته في الفترة الحالية، وفي وقتنا هذا ومع كورونا وحالة الاحباط العام من الفيروس وتداعياته فالجمهور يريد مشاهدة فيلم للضحك فقط دون تفاصيل عميقة ومفاجآت تحتاج الي تفكير وهو ما قدمه حلمي في فيلم “واحد تاني”.

 

ويضيف أحمد سعد الدين أن تحقيق الفيلم لتلك الايرادات الكبيرة ليست معيارا للنجاح فهو أحد المعايير، فبنظرة للايرادات ستجد انه حقق تلك الايرادات نظرا لعدم وجود منافسة حقيقية خاصة وان فيلم السقا لا يتناسب مع الجو العام الحالي للجمهور، ولذلك فمن وجهة نظري الظروف خدمته واذا عرض فيلم حلمي في وقت اخر ومنافسة حقيقية فانه لن يحقق تلك الايرادات نهائيا اما عن جودة الفيلم فهو متوسط المستوى من حيث السيناريو والاخراج. 

 

ويشير احمد سعد الدين إلى أنه من الانتقادات التي وجهت للفيلم هو اقحام الاعلانات غير المباشرة بشكل ملحوظ والحقيقة أنه أمر طبيعي يحدث في العالم كله بشرط ألا يظهر بشكل فج وملحوظ يؤثر على السيناريو وسير أحداث الفيلم وهناك أحد الفنانين في مصر دائما ما يروج للكمباوندات السكنية الراقية في اعماله وعن هدوء المكان ورقيه ورفاهية الحياة فيه ويظهر هذا بشكل اخراجي محترف لا يشعر به الجمهور او يتضايق بسببه.