«حديقة الأزبكية» منارة ثقافية تنتظر انتهاء أعمال الخط الثالث للمترو لتنضم لخريطة التطوير

حديقة الأزبكية
حديقة الأزبكية

كتبت: ياسين صبرى

تعتبر "الأزبكية" واحدة من أشهر الحدائق التاريخية فى مصر، والتى أمر الخديو إسماعيل بإنشائها عام 1872، وعهد بتلك المهمة إلى  مهندس فرنسي، وهذه الحديقة التاريخية مقامة على مساحة 18 فداناً، وتضم العديد من الأشجار والنباتات النادرة، وكان الهدف من إنشائها أن تكون مركزاً شهيراً لإقامة الاحتفالات الرسمية والشعبية.

واقترن اسم حديقة الأزبكية بالعديد من المسارح القريبة منها فى منطقة وسط البلد بالقاهرة، كما أصبحت رمزاً ثقافياً مهماً لارتباطها ببيع الكتب والمجلدات الثقافية والروايات، فكانت مركزاً حضارياً ينهل منه القاصى والدانى، وتخطط الدولة حالياً لتطوير هذه الحديقة من خلال خطة شاملة تهدف إلى استعادة ملامحها التاريخية ورفع كفاءتها لتستعيد دورها الثقافى مرة أخرى كما كانت الحال فى أوج ازدهارها.

 

فى هذا الصدد، توضح تريزا لبيب، استشارى الحدائق النباتية وتعريف النباتات، أن حديقة الأزبكية جرى إنشاؤها فى عهد الخديو إسماعيل الذى كان محباً للطبيعة الخضراء، فسار على نهج والده فى إدخال أنواع نباتية جديدة إلى الحدائق المصرية، وإليه يرجع الفضل فيما نراه حالياً من أشجار ونباتات فى معظم الحدائق المصرية التى تعتبر مستوردة من الخارج فى الأساس.

تتابع: فى عام 1860 استعان الخديو إسماعيل بالمهندس الفرنسى بارييل لتصميم حديقة الأزبكية لتضاهى غابة بولونيا، وهى أحد المنتزهات الواقعة غربى باريس، وبالفعل تم تخصيص 18 فداناً لإقامة الحديقة على النسق ذاته، فكانت تحتوى على أربعة أبواب ضخمة، وخُصِّص جزء منها لإنشاء نادٍ للسلاح ومطعم مصمم على الطراز الشرقى وآخر على الطراز الأوروبي، كما تم إقامة ركن مخصص للموسيقى، وافتُتِحت الحديقة عام 1870 فى حضور الخديو.

 

وضمت "الأزبكية" مجموعات نباتية نادرة ومتنوعة مثل النخيل الملوكى، وهى من الأشجار المعمرة التى يتراوح ارتفاعها بين 15 و30 متراً، وتتميز بلون سيقانها البيضاء ذات الشكل المستقيم، إلى جانب شجر التين البنغالى النادر الذى يُعدّ من أضخم الأشجار فى العالم، حيث تمتد جذوره الهوائية مسافة مائة متر من مركز النبات ذاته.

 

وبجانب ما سبق هناك نبات الهجليج أو بلح الصحراء والسنط الأبيض، والأروكاريا الشوكية، وشجر السنديان، والمورينجا، وشجر الحور، والأشوكا، والنبق، والجميز،  وشجر الباوباب الذى يعطى ثماراً كبيرة الحجم، وهذا النبات أخذ منه عود تم زراعته فى حديقة الأميرة فريال بأسوان التى أنشأها الملك فاروق كهدية للأميرة فى عيد ميلادها ما يبرز مدى اهتمام مصر بالحدائق فى تلك الفترة.

 

تضيف تريزا لبيب: كان من ضمن المنشآت المعمارية بالحديقة نافورة ضخمة يصل طولها إلى 10 أمتار وعرضها ثلاثة أمتار مصنَّعة من الرخام الأبيض وهى تحفة فنية بديعة مزيَّنة بالنقوش النباتية، وتم تصنيفها ضمن المنشآت الأثرية عام 2003، وترى أن هناك نقطة ينبغى مراعاتها عند تطوير الحديقة، وهى أن بعض الأشجار التى كان يتم زراعتها سابقاً فى الحديقة جذورها ضخمة ويمكن أن تؤثر فى أساسات مترو الأنفاق الذى يمر أسفلها بصورة مباشرة، والبديل هو زراعة النباتات ذات الجذور القصيرة مثل النباتات الصبارية التى لا تستهلك أيضاً كميات كبيرة من المياه.

 

من جانبه، يقول المهندس محمد أبوسعدة، رئيس الجهاز القومى للتنسيق الحضارى: نسعى لإحياء حديقة الأزبكية مرة أخرى بالتعاون مع وزارة الإسكان التى كلفت مكتباً استشارياً لوضع التصاميم والرؤية الخاصة بعودة الروح للحديقة مرة أخرى، ومن المخطط له البدء فى مشروع الارتقاء بالحديقة بعد انتهاء كافة التجهيزات الخاصة بالخط الثالث لمترو الأنفاق.

وأضاف: ستعود الحديقة بعد مخطط التطوير بكافة تفاصيلها، فوفقاً للأرشيف الموجود لدينا استطعنا استعادة كافة المعلومات التى تحدد شكل الحديقة فى السابق مثل تصميم البوابات وشكل الممرات، كما سيتم الإشراف على ترميم النافورة الأثرية داخل الحديقة بواسطة وزارة الآثار والجهاز القومى للتنسيق الحضارى.

ويعتبر نادى السلاح داخل الحديقة من الأندية التاريخية، وسيكون ضمن المرحلة الثانية من مخطط تطوير حديقة الأزبكية القائم بالأساس على ربطها بالمسارح مثل المسرح القومى ومسرح الطليعة، فضلاً عن عودة "كُشك الموسيقى" بها مرة أخرى لتستعيد بريقها كمنارة ثقافية.