قريباً من السياسة

ما وراء الشباك الواحد

  محمد الشماع
محمد الشماع

 أثبتت الأزمة الاقتصادية الأخيرة أنه لا مفر من الاعتماد على الذات وأن علينا أن نؤمن ما نأكله وما نلبسه، ذلك هو الحد الأدنى الضرورى الذى يكفل لنا أمننا القومى، ولا مفر من تحقيق ذلك، ولا مفر من التنمية الوطنية بالاعتماد على سواعد الرجال وعقول المبدعين ورأس المال المحلى الذى أثبتت الأحداث الأخيرة أننا نملك الكثير منه.


 إن رهان الدولة على المستثمر الأجنبى فقط وتجاهل الإنتاج المحلى هو توجه لم يكن موفقا ويحتاج إلى إعادة نظر، وأن الجهاز الإدارى فى مصر على حاله من التعقيد، وكلما ظهرت موجة من الإصلاح والتطوير الإدارى فإنها تؤدى إلى مزيد من تعقيد الجهاز الإدارى، لأن هذا الجهاز فى النهاية يقوم على أفراد ولابد من إنصاف هؤلاء الأفراد عن طريق إعادة هيكلة نظام الأجور فى مصر التى شهدت ارتباكاً شديداً، وهذا أدى إلى وقوع ضغوط على موظفى الجهاز الإدارى الذى مارس نوعا من التباطؤ واللاانتماء وأصبحت كل مشاريع التطور تذهب هباء منثوراً لأننا لم نهتم بالإنسان.


 تلك التشريعات التى تتعامل مع المستثمر ـ على أنه متهم حتى تثبت براءته ـ ونطالبه بالتردد على الإدارات المتعددة والمختلفة الخاصة بالاستثمار والتى تستغرق شهوراً وسنوات. فبعد صراخ المستثمرين من الكعب الداير المفروض عليهم للموافقة على مشروعاتهم انتهت الحكومة إلى حيلة وهمية هى ـ الشباك الواحد ـ الذى يتقدم إليه المستثمر للحصول على الموافقة وهذا شىء رائع، لكن تأكدت الحقيقة أن وراء الشباك الواحد مفاجأة أن هذا الشباك قد افتتح خلفه عشرات الشبابيك وكل شباك له عدة طلبات ووثائق ومستندات يجب أن يقدمها المستثمر دفعة واحدة وقد بلغت أعداد المستندات والوثائق التى تطلبها هيئة الاستثمار أكثر من خمسين مستنداً لكى تعتمد طلبا لمستثمر أو لشركة! هل هذا معقول؟!


 وتصر الهيئة أن ذلك طبقا للقانون ١٥٩ لسنة ١٩٨١ وتعديلاته بالقانون ٧٢ لسنة ٢٠١٧، وكل ذلك تحت دعوى تبسيط الإجراءات على المستثمرين، وإذا كان اعتماد الموافقة على طلب يتطلب كل تلك المستندات فما بالنا بالإجراءات الخاصة بتأسيس الشركات والمشروعات التى تستغرق سنوات.
 تلك قضية خطيرة تستحق أن توضع على مائدة الحوار الوطنى.