ذهبت لأشاهد أحمد حلمي فوجدت «واحد تاني»

لماذا يقامر النجم برصيده الجماهيري؟!

أحمد حلمى فى لقطة من «واحد تانى»
أحمد حلمى فى لقطة من «واحد تانى»

 فى مصر فقط ما أن يصل الممثل إلى القمة حتى يسيطر عليه الغرور، ويصيبه خلل فى الرؤية وإدراك الحقائق، يظن أنه امتلك مفاتيح النجاح، فلا يهتم إلا بأرصدته فى البنوك مقامراً برصيده الجماهيرى، متناسياً أنه لا أحد يستطيع الضحك على الجمهور طول الوقت.

 كما كان متوقعاً حقق الفيلم الجديد لأحمد حلمى «واحد تانى» إيرادات ضخمة فى أسبوع العيد تجاوزت ٣١ مليون جنيه - كما ورد إلينا - لكن الإيرادات هنا لا تعبر عن نجاح الفيلم الذى عرض فى موسم مضمون وفى ظل منافسة ضعيفة لفيلمين متواضعين جداً، والجمهور كالعادة ينتظر جديد حلمى ويفضله، وليس لديه متنفس فى الإجازات غير دور العرض رغم زيادة أسعار التذاكر، لكنى أتوقع انهيار الإيرادات بعد إجازة العيد، فقد اكتشف الجمهور أن نجمه المفضل تمادى فى الضحك عليه، وقدم فيلماً ضعيفاً سخيفاً مسروقاً من فيلم أمريكى متواضع، ليصبح الفشل حليفه.


 لم يفشل فقط فى تقديم جديد ولكن فشل فى أن ينتزع الضحك من الجمهور، وفى رأيى هو أخطر ما أصبح عليه حلمى الآن..

كان حلمى ينجح دائما فى إضحاك الجمهور بخفة دمه وباختيار سيناريو وحوار جيد يناسبه ويليق بجماهيريته وبما حباه الله من قبول غير محدود عند كل الناس، فى أفلامه الأخيرة كان الخط البيانى هابطاً ينذر باستسهال أو غرور، حتى كان «واحد تانى» فأكد أن حلمي فقد البوصلة لطريق النجاح والاحتفاظ بالقمة وتاه وسط زحام من التفاهة والفن الهابط وذهب إلى حيث اختار سابقوه من أبناء جيله، وكان حلمى مختلفاً عنهم، نعم اعتاد مع فريق أفلامه سرقة الأفلام الأمريكية لكن كان يغفر لهم تمصير جيد جداً ومعالجة تليق بالواقع المصرى وصدق الأداء وكوميديا راقية هادفة تنتزع الضحكات من القلب بلا افتعال.


فى «واحد تانى» المسروق من فيلم «Jonathan» وهو ليس فيلماً كوميدياً ولكن سيكودراما، لجأ المؤلف هيثم دبور الذى لم يشر للفيلم الأمريكى الذى عرض ٢٠١٨ من قريب أو بعيد لافيهات جنسية سخيفة لم تنجح مع جمهور كان ينتظر من حلمى شيئا آخر، فلم يجد ما ذهب إليه وإنما وجد «واحد تانى» سرق منه ساعتين وثمن التذكرة! .


 كان هذا هو شعورى بعد نصف ساعة من الفيلم، زمن ضاع هباء ومائة وخمسون جنيها لفيلم هو بالكاد مسخ من فيلم أمريكى متواضع ولا يغرى بسرقته أصلا! وبالمناسبة أنفقت على حضور الفيلم الأمريكى وقتها ثمانية دولارات وليس مائة وخمسين جنيها! ومازالت قيمة تذكرة السينما فى أمريكا ثابتة حتى الآن مع الأخذ فى الاعتبار الفارق الكبير جدا بين حال دور العرض الأمريكية والمصرية، فلماذا ارتفعت أسعار تذاكر دور العرض فى مصر وأهلها يعانون اقتصاديا؟ هذه قضية أخرى تستحق المناقشة ولكن ليس مجالها الآن.


 مثلما عاش جوناثان وجو يتشاركان جسدا واحدا تحت إشراف طبيبة من خلال جهاز صغير مثبت خلف الأذن، ليعيش الإثنان وفقا لقواعد صارمة، النهار كله لجوناثان والليل لچو، وكل منهما يترك للآخر ڤيديو ليخبر شريكه فى الجسد بتفاصيل يومه، ويناقش الفيلم هنا قضايا مهمة كالاغتراب، والوحدة، حاول المخرج بيل أوليڤر تأكيدها فى كل لقطة من خلال تفاصيل عديدة، أداء جيد لأنسيل إلجورت وتصوير وألوان، وموسيقى تصويرية كانت أفضل ما فى الفيلم المتواضع جدا، لكن هيثم دبور راق له هذا الفيلم الذى لا علاقة له بالكوميديا من قريب أو بعيد، ولم يحقق نجاحاً يذكر إلا لدى بعض المراهقين جمهور آنسيل إلجورت، وقرر اقتباس الفيلم وتحويله لفيلم كوميدى، لكن بتصريف يناسب جمهور العيد، «لبوسة» يضعها البطل المفتقد للشغف بدلا من زرع جهاز خلف الأذن، وبكل ما تحمله وتسمح به فكرة  «اللبوسة» من إيحاءات جنسية سخيفة، يسير الفيلم على نفس النهج، جوناثان يتحول لمصطفى الموظف بالسجون والذى أصبح روتينياً حتى الملل، وبالتالى يقنعه صديقه أحمد مالك فى زرع «اللبوسة» ليستعيد شغفه بالحياة، لكن خطأ الطبيب يحوله لشخصين وهكذا يبدأ مصطفى وقرينه الحياة المزدوجة، ويتواصلان بتسجيل مقاطع الفيديو، وقد نسخها المخرج محمد شاكر خضير بنفس الجرأة التى تحلى بها دبور، الغريب أن حلمى لم ينجح حتى فى الاقتراب من مستوى آنسيل إلجورت وهو ممثل ضعيف باهت، فكان الدور أسوأ ما قدم حلمى فى حياته، ساعتان احتل فيها النجم الشاشة، لم يترك فرصة لأحد ليضاعف إحساسنا بالملل والكآبة، كنت أغبط  أربعة كانوا بالقاعة معى وهم كل الجمهور، تركوا مقاعدهم غاضبين قبل الاستراحة، وأنا لا أملك رفاهية المغادرة.


حاول أحمد مالك بحركات بهلوانية أن ينتزع الضحك ولكنه خاب وفشل، ولم أدر لماذا تم دس دور لروبى مثلا، بلا قيمة ويعد أسوأ أدوارها، عمرو عبد الجليل وسيد رجب بلا أى حضور، ونسرين أمين التى اجتهدت فى منحى آخر لم تنجح فى إثارة أحد، الفيلم فشل فى الضحك على الجمهور رغم كل ما به من تلميحات خارجة وإفيهات سخيفة، واستحق غضب الجميع، حتى مجتمع الميم الذى حشره المؤلف فى أحداثه الملفقة دون سبب ناقم على الفيلم، رغم اتهام أحد المحامين له بالترويج للمثلية ولا أدرى أين ولماذا؟ .


 النقطة الوحيدة المضيئة فى الفيلم كانت نور إيهاب، فتاة موهوبة ذات وجه ملائكى مثلت بصدق ودون افتعال وسطحية انتهجها الجميع فى «واحد تانى».

اقرأ أيضاً|إيرادات «واحد تاني» تصل لـ30 مليون جنيه في موسم عيد الفطر