رحيق السطور.. شرفات «مباشر» على القاهرة

رحيق السطور
رحيق السطور

فى محاولة للإمساك بالذاكرة وإنعاشها يطل علينا كتاب (القاهرة من شرفات التاريخ) للكاتب الصحفى الكبير والمؤرخ العسكرى المخضرم عبده مباشر، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، ليلتقط بمنظاره عبر شرفته عواصم مصر منذ أقدم العصور بداية من مدينة «منف» الفرعونية التى ظلت عاصمة لمصر لأكثر من ستة آلاف عام، ثم بدأت تتحرك عبر العصور المختلفة حتى إنشاء القاهرة.

ويتجول بنا الكتاب حول مشاهد تاريخية مرت بها العاصمة ورجالاتها وحكامها ووزارتها المتعددة.. إنها سياحة تاريخية فى عجالة يأخذنا فيها «مباشر» ليفتح الباب أمامنا للبحث والدراسة حول مصر وعواصمها وحكامها ونجومها فى السياسية والفن ومختلف الأنشطة الحياتية.

بداية يثير الكاتب سؤالا على درجة من الأهمية (لماذا اختار هذا النفر من المسئولين تاريخ إنشاء القاهرة الفاطمية 969م كتاريخ لعاصمة مصر، وجرى الاحتفال بألفيته، وتجاهلوا تماما وجود منف؟!.. لقد تعجلوا".

ولكن الأمر المؤكد أن عمر العاصمة المصرية أكثر من ثمانية آلاف عام وبما يجعلها العاصمة الأقدم فى التاريخ والعاصمة، التى لم تسبقها عاصمة إلى الوجود...هذه عاصمة بلادى.. إنها «منف» التى تناسلت حتى وصلت إلى القاهرة).

 وعبر خمسة أبواب فى 184 صفحة تبدأ شرفات «مباشر» سياحة فوقية تاريخية عجلى عبر عواصمنا المتعددة.. فيعرض فى الباب الأول العاصمة «منف» وتاريخها التى كانت عاصمة الملك لمصر القديمة ثم تولت عنها الأيام لتعود إليها على مهل، وبعد قرون وحين غدت طيبة زهرة عواصم الدنيا بقيت «منف» عاصمة مصر الحربية، بل عاصمة ثانية للديار تقاسم طيبة إدارتها ففيها تدبر شئون الحرب والدفاع وشئون التموين، وفيها تزدهر مختلف الصناعات وفيها مقر الجيش

وفى سياحة أخرى، عبر شرفات العاصمة يستعرض أسماء الأنبياء الذين ظهروا بالعاصمة والاختلاف حول هويتهم، فالبعض يرى تشابهات واضحة بين شخصيات تاريخية مختلفة وبين النبى إدريس.. فمنهم مَن يرى أنه الإله المصرى القديم أزوريس ومنهم مَن يراه «أخنوخ» المذكور فى التوارة.. كما نشاهد رحلة العائلة المقدسة من بيت لحم ووصولها لغرب مدينة العريش التى استغرفت ثلاث سنوات ووصلت العائلة المقدسة إلى مصر القديمة.


ومن شرفات الباب الثانى من الكتاب، التى جاءت تحت عنوان»أضواء إسلامية» نشاهد وصول العرب الى مصر 640م.. ثم إنشاء القائد الفاطمى جوهر الصقلى مدينة «القاهرة» لتصبح عاصمة ومقرا للخليفة الفاطمى.. ثم نشاهد القاهرة 969م والصلاة فى الجامع الأزهر فى 21 يونيو 972م..

ونشاهد تاريخ استقدام المماليك لمصر ثم وقوعها تحت حكم حكمهم 1250-1517، ثم غزا السلطان سليم الأول العثمانى مصر عام 1517 وإن ظل نفوذ المماليك وسطوتهم حتى عصر محمد على.. ثم مواجهة المماليك للحملة الفرنسية 21 يوليو 1798 فى القاهرة بعد احتلالهم الإسكندرية.. ثم اندحار الحملة الفرنسية بعد مقاومة المصريين وثوراتهم ضدها.. ومن بعد قصة تولى محمد على حكم مصر والقضاء على المماليك وانجازاته وعقبه من بعده..

وتاريخ أول وزارة مصرية 28 أغسطس 1878 فى عهد الخديو إسماعيل.. وعلى طريقة الجبرتي يستعرض «مباشر» وفاة العديد من عيون القوم على سبيل المثال رحيل سعد زغلول عام 1927 والصحفى أمين الرافعى فى نفس العام، والشاعر حافظ إبراهيم 1932 والشاعر أحمد شوفى فى نفس العام وآخرين.


وينهى مباشر شرفات كتابه بالمعارك التى خاضتها مصر فى 5 يونيو1967.. ثم تولى السادات وصراعاته مع ما نطلق عليهم مراكز القوى وانتصار 1973.

 اقرأ ايضا | «هالة» تطوى الألم بالحكايات