من الأعماق

فاتورة الإرهاب وجابر الخواطر

جمال حسين
جمال حسين

توقفت كثيرًا أمام هذه الإحصائيَّة الصادمة التى أعلنها الرئيس عبدالفتاح السيسى، خلال حفل إفطار الأسرة المصريَّة أواخر شهر رمضان الماضى.. الرئيس أكَّد أن عدد شهدائنا الذين سقطوا، خلال المواجهة مع الإرهاب، منذ 2013 حتى الآن، وصل 3277 شهيدًا، و12 ألف مصابٍ، دفعوا دماءهم الزكيَّة من أجل أن تنعم مصر والمصريون بالأمنِ والاستقرارِ..

وقال الرئيس إن التكلفة الماليَّة لمكافحة الإرهاب بلغت مليار جنيه شهريًا لمدة 84 شهرًا.. أرقامٌ ضخمةٌ، وفاتورةٌ غالية دفعتها مصر وهى تُحارب الإرهاب نيابةً عن العالم، فى الوقت الذى كانت بعض الدول تدعم الإرهاب والإرهابيين بالأموالِ والسلاحِ وتُوفِّر لهم الملاذ الآمن.


فاتورة غالية دفعها أهالى الشهداء، الذين فقدوا فلذات أكبادهم فى معركة العِزَّة والكرامة، وضربوا لنا أروع الأمثلة فى الصبرِ والتماسكِ؛ فرحين بمنزلة الشهادة التى فاز بها آباؤهم «جنة عرضها السماوات والأرض».. دفعها أيضًا مصابو المواجهات، الذين تطايرت أجزاءٌ من أجسادهم من أجل أن يهنأ المصريون بالأمنِ والاستقرارِ. 


كان من الضرورى أن يذكر الرئيس هذه الإحصائيَّة؛ حتى لا ننسى تلك السنوات الصعبة التى عاث فيها الإرهابيون فسادًا فى طول البلاد وعرضها، وقاموا بالعديدِ من التفجيرات والقتلِ والتخريبِ والترويعِ، واستعرضوا قوّتهم فى مسيراتٍ مسلَّحةٍ، رافعين رايات سوداء أدخلت الرعبَ فى قلوبنا؛ خوفًا على سيناء الحبيبة، التى أرادوها إمارةً إرهابيَّةً ومعقلًا لجميع التنظيمات من القاعدة إلى داعش. 


كان من الضرورى أن يعرف المصريون هذه الإحصائيات الصادمة؛ حتى يُحافظوا على مصر ويُجهضوا أى محاولاتٍ داخليةٍ أو خارجيةٍ لزعزعة الأمن والاستقرار الذى تحقَّق بدماء أبنائها.


كان من الضرورى أن نعرف هذه الأرقام، ونحن نُطالع الإشادات العالميَّة بالتجربة المصريَّة الرائدة فى مجال مكافحة الإرهاب، وهى التجربة التى تُدرَّس الآن فى جميع المعاهد الأمنيَّة والبحثيَّة بالعالم.


3277 شهيدًا، و12 ألف مصابٍ؛ هم أصحاب الفضلِ فى إنقاذ مصرنا الحبيبة من الدمار، لذلك جاء التكريم ورد الجميل من الرئيس عبدالفتاح السيسى، جابر الخواطر، الذى حرص على قضاء العيد بصحبة أطفال الشهداء.. شاهدناه يتخلَّى عن كل قواعد البروتوكول والمراسم الرسميَّة، ويحتضن أبناء الشهداء، ويقضى معهم أوقاتًا سعيدةً، بدايةً من صلاة العيد، مرورًا بتناول الإفطار، ثم القيام بجولة برفقتهم فى منطقة الألعاب، وتوزيع الهدايا والحلوى والأيس كريم عليهم، وسط جوٍ شديد المودَّة والرحمة والإنسانيَّة..

الجميل أن الرئيس لم يكتفِ بإدخال السعادة على أطفال الشهداء، الذين أسعدهم الحظ برفقته، لكنه أدخل السعادة على كل أبناء الشهداء فى قرى ونجوع مختلف محافظات مصر..

رأينا الضبَّاط والضابطات وكبار المسئولين يطرقون أبواب منازل الشهداء، ويقومون بتوصيل هدايا الرئيس، ويقضون بعض الوقت مع أبناء أسر الشهداء، ينقلون إليهم مُعايدة الرئيس، ويُؤكِّدون لهم أن مصرَ لا تنسى صنيع آبائهم، الذين ضحُّوا بأغلى ما يملكون من أجل أن تحيا مصر.