ينتشر فى الربيع

تحذير شديد اللهجة| «فيروس الروتا» يهدد حياة الأطفال

التطعيم ضد فيروس الروتا
التطعيم ضد فيروس الروتا

حالة من القلق تسيطر على كثير من الأمهات فى فصل الربيع الحالي، حيث ينتشر فيروس الروتا خلال هذا الموسم ويتسبب فى إصابة الأطفال بالإسهال والقيء  المستمر، وقد نصح كثير من أطباء الأطفال بضرورة توخى الحذر فى التعامل مع الأطفال الصغار، خاصة الرضع فى فصل الربيع نتيجة لانتشار الفيروس الذى يستهدف الصغار.

 

وفقا لتقرير لمنظمة الصحة العالمية، يعد فيروس روتا من أكثر مسببات الإسهال الحاد شيوعًا عند الأطفال والرضع حول العالم، وهناك حوالى 215 ألف حالة وفاة حدثت جراء الإصابة بهذا الفيروس وتحدث أكثر حالات الوفاة فى الدول النامية. وقالت المنظمة وصندوق الأمم المتحدة للأطفال ايونيسيفب فى تقرير لهما إن نحو 1.5 مليون طفل يموتون سنويا بسبب الإسهال وهو ما يفوق عدد المتوفين بالإيدز والملاريا والحصبة مجتمعين، لكن 39% فقط من الأطفال الذين يصابون بالإسهال فى الدول النامية يحصلون على العلاج الصحيح.

 

ويشير التقرير أيضا إلى أن فيروس الروتا يسبب حوالى 40% من حالات الإصابة بالإسهال التى تنقل إلى المستشفيات فى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن خمس سنوات حول العالم، وصدرت توصية مؤخرا بالتطيعم ضده فى جميع برامج التطعيم الوطنية. وينتمى فيروس الروتا إلى عائلة فيروسات الأنف، وعند عرضه باستخدام المجهر الإلكترونى يظهر شكل الفيروس وكأنه عجلة، ومن هنا جاءت تسميته بـاالروتاب وهى الكلمة اللاتينية لـ االعجلةب.

سبب الإصابة

وتقول الدكتورة جيهان الشرنوبى، أستاذ طب الأطفال بجامعة القاهرة واستشارى دولى رضاعة طبيعية، إن الروتا فيروس يصيب الأطفال من عمر 3 إلى 35 شهرا وقد يصيب الأكبر عمرا عن ذلك وينتشر بقوة فى فصلى الربيع والشتاء، مشيرة إلى أن الفيروس له فترة حضانة تصل إلى يومين، حيث إن الأعراض تبدأ فى الظهور بعد 48 ساعة من الإصابة التى تكون غالبا فى شكل ارتفاع فى درجة الحرارة وحدوث القيء  مع إسهال مائى شديد متكرر على مدار اليوم.

 

وتابعت: تنتقل عدوى فيروس الروتا من طفل لآخر عن طريق الفم، التى يكون السبب فيها هى الأيدى الملوثة التى تنقل الفيروس من طفل لآخر سواء كان ذلك أثناء إعداد طعام الطفل أو عند تغيير الحفاض لطفل مصاب وعدم تطهير الأيدى جيدا، لينتقل بعد ذلك الفيروس إلى أدوات أو أطعمة طفل آخر، وكذلك يمكن أن يكون للذباب أو الحشرات دور فى نقل العدوى بسبب تنقلها المتكرر على القمامة التى قد تحتوى مخلفات طفل مصاب ثم نقلها إلى مكان آخر.

 

قوة الفيروس

وأوضحت أن قوة الفيروس هى التى تتحكم فى أعراض الإصابة، فإذا كان ضعيفا قد يصيب الطفل بنزلة معوية بسيطة لمدة يومين، وإذا كان الفيروس قويا قد يتطور الأمر وتظل الإصابة لأكثر من أسبوع كامل وهنا تكمن الخطورة؛ حيث يصاب الطفل بالإسهال المتكرر والقيء الذى قد يزيد على 4 مرات يوميا، الأمر الذى يفقده الكثير من السوائل الموجودة بالجسم ما يجعله أكثر عرضة للدخول لمرحلة الجفاف ومضاعفاته الخطيرة. وفى هذه الحالة يجب التوجه سريعا للطبيب أو المستشفى لحجز الطفل وإعطائه المحاليل اللازمة وملاحظة الحالة بشكل مستمر لتجنب حدوث المضاعفات الخطيرة التى يسببها الجفاف التى قد تصل للوفاة.

 

التطعيم هو الحل

وتنصح أستاذ طب الأطفال بضرورة اهتمام الأهل بإعطاء أطفالهم التطعيم الخاص بفيروس الروتا كونه يجنب حدوث الإصابة بنسبة 95%، وعدم الامتناع عنه بسبب عدم إدراجه فى جدول التطعيمات الإجبارية الموجودة بمكاتب الصحة، أو بسبب الاعتقاد الخاطئ بعدم أهميته أو بسبب ارتفاع سعره نسبيا عند بعض الفئات.

 

وتوضح أنه يوجد نوعان من التطعيم، أحدهما يؤخذ على ثلاث جرعات عن طريق الفم عند أعمار شهرين وأربعة وستة أشهر، والنوع الثانى يؤخذ على جرعتين فقط عند عمر شهرين و4 أشهر فقط، ويعمل التطعيم أيًا كان نوعه على منح الجسم مناعة وقائية ضد الروتا، علما بأنه لا يحمى من الإصابة بشكل تام مثله مثل أى أنواع للقاحات الأخرى، لكنه يخفف من الأعراض بنسبة كبيرة عند الإصابة ويحد من حدوث المضاعفات الخطيرة.

 

وتؤكد الشرنوبى أن الروتا ميكروب فيروسى وليس بكتيريا، بالتالى يكون العلاج الخاص به عبارة عن أدوات مساعدة للجسم مثل المطهر المعوى، وسوائل تعويضية للجسم مثل محلول الجفاف وشرب الكثير من السوائل الطبيعية وأهمها الماء وكذلك الرضاعة الطبيعية للأطفال الأصغر سنا، مع ضرورة الاهتمام بالنظافة الشخصية وغسل الأيدى جيدا عند التعامل مع الأطفال والرضع فى أى حال من الأحوال.

 

مضاعفات أخرى

من جانبه، يقول الدكتور محمد صلاح شبيب، استشارى طب الأطفال وحديثى الولادة، إن النزلات المعوية التى تصيب الأطفال تنقسم إلى ثلاثة أنواع، هى النزلة المعوية الفيروسية والطفيلية والميكروبية، ويتسبب فيروس الروتا فى الإصابة بالنزلة الفيروسية فقط التى غالبا ما تحدث فى فترة تغيرات الفصول، وكلما كان سن الطفل أصغر كانت الخطورة أعلى، مؤكدا أن القيء أبرز العلامات التى تميز الإصابة بفيروس الروتا، لذا يجب على الأم ملاحظته جيدا كونه هو من يحدد نسب الخطورة، فإذا حدث القيء أكثر من 12 ساعة لطفل أقل من عمر عام يكون أكثر عرضة للإصابة بالجفاف، وإذا كان الطفل أكبر من عام وتعرض للقيء أكثر من 24 ساعة فهو عرضه للجفاف ونقص السوائل بالجسم.

 

وأكد أن خطورة الجفاف تكمن فى حدوث تغيير فى نسب الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والسكر بالجسم، التى قد تتسبب فى الإصابة بالتشنجات كلما كان الجفاف عنيفا فضلا عن احتمالية مشاكل فى الكلى بسبب قلة ونقص السوائل، لذا يعد محلول معالجة الجفاف وشرب المزيد من السوائل هو خط الدفاع الأول لمحاربة وعلاج الروتا.

 

أما النوعان الآخران من النزلات المعوية، فيشير الدكتور شبيب إلى أنه لا يوجد أى لقاح ضدهما حتى الآن، منوها إلى أن النزلة المعوية البكتيرية تعد أخطر الأنواع وأعنفها وتجعل الحالة العامة للجسم بها إعياء شديد ولابد من تناول مضاد حيوى يحدده الطبيب لتلقى العلاج الصحيح.

طرق التغذية

وفى هذا الصدد، تشدد الدكتورة رشا مصطفى حسن، أستاذ الكيمياء الحيوية والتغذية بجامعة عين شمس، على أهمية تناول الطفل التغذية السليمة أثناء فترة الإصابة بفيروس الروتا لتساعده على الشفاء التام، فإذا كان الطفل فى مرحلة الرضاعة فلابد الاستمرار فى الرضاعة الطبيعية أو الصناعية حسب ما يتناوله الطفل، وإذا كان مسموحا بإدخال أطعمة أخرى بجانب الرضاعة أو كان أكبر سنا، فيجب إعطاؤه كميات وفيرة من السوائل الصحية كالماء، والحليب خالى الدسم، وكذلك شرب ماء سلق الأرز أو البليلة، وأيضا النشويات سهلة الهضم مثل البطاطس المسلوقة، الزبادى أو اللبن الرايب مع إضافة قليل من الماء والملح إلى الزبادى، عصير الفاكهة الطازجة بدون سكر خصوصا عصير التفاح.

 

وأوضحت أن الطفل فى هذه الحالة يعانى من ضعف الشهية بشكل ملحوظ؛ لذا يجب عدم إجباره على تناول الطعام وعليكِ تقديم كميات بسيطة كل ساعتين بطرق شهية وجذابة له، وحذرت من تناول بعض الأطعمة الأخرى التى قد تجعل الحالة أكثر سوءا، كالأطعمة المحتوية على الدهون والزيوت والأطعمة الجاهزة، العصائر المعلبة والمشروبات الغازية، الحلوى المصنعة والسكريات، الخضراوات والفواكه التى تزيد من الإسهال مثل الكوسة والبرتقال.

علامات الخطورة

ويوضح الدكتور علاء مكرم خروب، مدرب الإسعافات الأولية وصحة عامة، أن هناك بعض العلامات والأعراض الدالة على حدوث الجفاف التى يجب على الأم ملاحظتها وهى شعور الطفل بالإنهاك الشديد والإعياء، الشعور بالعطش الشديد، جفاف الجلد وفقدانه لمرونته، تصبح العين غائرة (أى تفقد حجمها وكأنها ساقطة فى تجويف العين)، يمكن أن يبكى الطفل بدون دموع، قلة كمية ماء التبول وقد تصل إلى انقطاع البول تمامًا.

وعادة ما يحدث مع الإسهال أعراض مصاحبة له فى الجهاز الهضمي، وقد تكون أعراض الإصابة بسيطة: مثل الغثيان، القيء، آلام بالمعدة والبطن، أو خطيرة مثل أعراض الجفاف، ارتفاع فى درجة الحرارة، وجود دم فى البراز أو صديد، لذا من الضرورى معرفة الإسعافات الأولية للتعامل مع حالات الإسهال حتى لا يحدث جفاف أو تحدث مضاعفات خطيرة، ففى حالة ظهور أعراض الجفاف المذكورة سابقًا أو الأعراض الخطيرة لإصابة الجهاز الهضمى، لابد من استدعاء الإسعاف فورًا أو نقل المصاب للمستشفى فى أسرع وقت ممكن.

 

وإذا كانت الأعراض بسيطة فيجب القيام بعدة خطوات، أولها إعطاء المصاب سوائل بكميات صغيرة متكررة عن طريق الفم، جعل المصاب يتناول غذاءه الطبيعى والمتوازن الذى يحتوى على العناصر الغذائية المتكاملة والتقليل من المواد السكرية لأنها تزيد من حدوث الإسهال، وفى حالة أن يكون المصاب رضيعا، ننصح الأم بإعطائه كميات أكبر من اللبن الطبيعى (لبن الأم)، وذلك حتى استشارة الطبيب.

 

ومن أمثلة السوائل التى تستخدم فى حالات الإسهال للوقاية من الجفاف: اللبن، المياه، محلول معالجة الجفاف. ويعتبر محلول معالجة الجفاف هو أفضل طريقة للوقاية وللعلاج من الجفاف الناتج عن الإسهال، وينصح دائمًا بتواجد هذا المحلول فى كل منزل وأن يكون لدى الأم أو أحد أفراد الأسرة علم بطريقة إعطاء محلول معالجة الجفاف للمريض، حيث يتم خلط المحلول مع ٢٠٠ سم ماء، ويعطى ملعقة صغيرة من المحلول كل دقيقة أو دقيقتين للأطفال أقل من سنتين، وإذا كان عمر المصاب أكثر من سنتين، يتم إعطاؤه رشفات متكررة من المحلول. وفى حالة إذا كان المصاب يتقيأ، فيتم الانتظار ١٠ دقائق ثم إعطاء المحلول ببطء أكثر أى كل ٣ أو ٤ دقائق.

وأشار إلى أنه يتم إعطاء المحلول كل مرة يحدث فيها إسهال أو قيء، ويتم تحضير المحلول يوميًا ولا يحتفظ به لمدة أكثر من ٢٤ ساعة ويتم خلطه بالماء فقط وليس بالمشروبات الغازية.