الأزمة الإنسانية فى سوريا تتحول إلى قضية منسية

أطفال سوريون نازحون يسيرون فى الوحل بمخيم فى مدينة أعزاز شمالى سوريا
أطفال سوريون نازحون يسيرون فى الوحل بمخيم فى مدينة أعزاز شمالى سوريا

 مجاعة عالمية وانتفاضات تهدد العالم فى الفترة المقبلة، وسط توقعات بأن يطول أمد الصراع بين روسيا وأوكرانيا. ويستعد العالم إلى المزيد من المجاعة والانتفاضات، وارتفاع أسعار الأغذية، فلا تزال الحرب مستعرة، وقد أوضحت روسيا أنها لا تسعى لحل دبلوماسى مبكر، بل على العكس تماما. وقال سيرجى لافروف، وزير الخارجية الروسى، إن الموقف «فى جوهره» هو أنه هناك حرب مع حلف شمال الأطلسى وذلك بعد تسليم أسلحة غربية إلى أوكرانيا، تعتبرها روسيا أهدافا مشروعة.
وبالنظر إلى الموقف الروسى المتشدد ودفاع أوكرانيا القوى، يجب أن نفترض أن هذا الصراع سيستمر لبعض الوقت، لذلك فهناك ضرورة أن يكون التحالف الغربى مستعدا لعواقب شهور من القتال والدمار.. وقد بدأ الشعور بهذه العواقب بالفعل، إذ يقع عبء ارتفاع أسعار الغذاء والطاقة العالمية على عاتق الناس والدول الأقل قدرة على التأقلم مع الوضع.

بينما تتجه أنظار العالم إلى صراعات أخرى مثل أوكرانيا، لا ينبغى أن تصبح سوريا أزمة منسية، حيث يكافح ملايين السوريين كل شهر للبقاء على قيد الحياة وعلى الرغم من أن الأزمة الإنسانية فى سوريا لا تتصدر عناوين الأخبار فإنها لا تزال قضية مشتعلة وتفوق فى حدتها الأزمة الأوكرانية.

فقد حذرت جويس مسويا ومساعدة الأمين العام للشئون الإنسانية بالأمم المتحدة خلال جلسة لمجلس الأمن فى نيويورك من أن الأزمة الاقتصادية فى سوريا تستمر بلا هوادة فى وقت تتصاعد أسعار الغذاء والوقود، مما يؤثر على توصيل المياه والصرف الصحى وخدمات أساسية أخرى.

وقالت جويس إنه بينما يواجه السوريون مستقبلًا قاتمًا، يجد العاملون فى المجال الإنسانى أنفسهم أمام موارد متضائلة. حيث يحتاج 4.1 مليون شخص فى شمال غربى سوريا لمساعدات إنسانية منهم ما يقرب من مليون شخص معظمهم من النساء والأطفال فى خيام ويعتمدون على منظمات الإغاثة الإنسانية للبقاء على قيد الحياة.

وأكدت أن الأمم المتحدة لا تملك المال المطلوب، ولا يمكنها توفير الحد الأدنى من المساعدة لعدد كبير جدًا من الأشخاص. وعلى ضرورة أن تظل جميع القنوات مفتوحة ومتاحة.

ولا يزال تجديد تفويض الأمم المتحدة عبر الحدود فى شهر يوليو ضروريًا لإنقاذ الأرواح فى شمال غربى سوريا. فى إشارة إلى الخلاف الذى يتجدد فى كل عام بين الأمم المتحدة و روسيا حول تجديد القرار 2585 والخاص بنقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر معبر باب الهوى على الحدود السورية مع تركيا.

حذرت المسئولة الأممية فى إفادتها من أن «القتال لا يزال مستمرًا فى العديد من المناطق، حيث وثقت المفوضية السامية لحقوق الإنسان مقتل 92 مدنيًا بينهم 25 طفلًا، خلال شهرى فبراير ، ومارس الماضيين».

وطالبت جويس مسويا مجلس الأمن بالتحرك نحو «معالجة الوضع المزرى لسكان مخيم الهول، ومعظمهم من النساء والأطفال» حيث اكدت على تكرار عمليات القتل والنهب والتخريب، فى المخيم حيث قُتلت خمس نساء فى المخيم الأسبوع الماضي.

وهو نفس ما أكد عليه غير بيدرسون، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا فى كلمته أمام مجلس الأمن عندما قال إن سوريا لا تزال بين أكبر الأزمات الإنسانية التى يشهدها العصر الحالي، كما أنها تشهد أعلى مستوياتها منذ بدء الحرب قبل 11 عامًا ورغم أن النزوح الناجم عن الحرب فى أوكرانيا يتزايد بشكل مأساوي، تبقى سوريا أكبر أزمة نزوح فى العالم، بأعداد لاجئين تبلغ 6.8 مليون لاجئ و6.9 مليون نازح، أى نصف سكان البلاد قبل الحرب، كما أن جيلًا بأكمله وُلد وترعرع فى الشتات وقال بيدرسون إن عشرات الآلاف من السوريين لا يزالون معتقلين أو مختطفين أو مفقودين، ومعاناتهم هى مكون محورى لمعاناة السوريين.

وأشارت تقارير للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين إلى أن عدد اللاجئين السوريين تضاعف عشر مرات خلال العام الماضى ، مقارنة بعام 2012، حيث فر أكثر من 5 ملايين لاجئ سورى منذ اندلاع النزاع، إلى دول الجوار مثل تركيا ولبنان والأردن، وثلثهم تقريبا من الأطفال من دون 11 عاماً، من بينهم أكثر من 15 ألف طفل عبروا الحدود السورية منفصلين عن ذويهم ولا تزال الأوضاع الداخلية فى سوريا تدفع أكثر من نصف مليون شخص للخروج منها سنوياً.

وبخلاف السوريين الذين اختاروا دول الجوار ملاذا للفرار، وفضل مئات الآلاف دفع مبالغ طائلة للمهربين وركوب البحر وخوض المخاطر، آملين أن تنتهى معاناتهم بوصولهم إلى أوروبا.

ووفقًا لإحصائيات حديثة أصدرها مكتب الإحصاء الأوروبى «يوروستات»، فإن أكثر من 70 ألف سورى حصلوا على وضع الحماية هناك، وأغلبهم فى ألمانيا الوجهة الأساسية للسوريين فى أوروبا، ولكن مع تزايد موجة تدفق المهاجرين لاسيما من الشرق الأوسط، بدأت أوروبا تحد من أعداد الوافدين إليها.

وبينما نزح ما يقارب السبعة ملايين سوري، على وقع المعارك والهجمات المتكررة، مخلفين وراءهم منازلهم وكل ما يملكون، ليستقر معظمهم فيما بعد فى المخيمات. وبعد أعوام من الحوارات المتواصلة مع المجتمع الدولى والضغط، قامت تركيا التى تستضيف أربعة ملايين لاجئ سوري، فى تسكين اللاجئين على الحدود مع سوريا بهدف توفير مكان يعيش فيه النازحون فى الداخل وضمان العودة الطوعية للاجئين السوريين من تركيا إلى بلادهم مستقبلاً، لكن غارات النظام وحلفائه على السكان فى مناطق خفض التصعيد أجبرتهم على النزوح مرة أخرى منها باتجاه الحدود التركية.

ويعيش السوريون فى تلك المخيمات، أوضاعا معيشية مأساوية نتيجة العجز عن توفير الحد الأدنى من الإنفاق اللازم لضمان البقاء على قيد الحياة فضلا عن متاعب من تقلبات المناخ وتسببت العواصف والأمطار الغزيرة فى إغراق مئات الخيام فى شمال غربى سوريا وبحسب منظمة اليونيسيف يعانى أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة من التقزم نتيجة لسوء التغذية المزمن. كما غيبت الحرب حوالى 2.5 مليون طفل داخل سوريا، و750 ألفا آخرين فى الدول المجاورة، عن المدارس.

اقرأ ايضا | «روسيا» تدين الغارات الإسرائيلية على سوريا