قريباً من السياسة

ازدواجية المعايير

محمد الشماع
محمد الشماع

ازدواجية المعايير لا تزال ظاهرة واضحة فى مجتمعنا، ندعى التقوى ونحمل مسابح الإيمان بأكثر مما يجب، لكن كل هذا ينكشف عندما نأتى إلى بند المعاملات، لا أحد يتذكر الدين ولا قيم الدين، ولا أحد يتذكر الحقوق عندما يتعلق الأمر بحق الغير.

وفى القرى أيضا لا تزال المرأة تعانى فى الحصول على حقها فى الميراث، الكل يسعى إلى أكل حقوق البنات والأمهات، بينما الكل يدعى التقوى ويتمسك بمظاهر التدين، ولا حاجة لنا إلى التأكيد بأن الدين المعاملة وأن مظاهر التدين مثل إطالة اللحى أو حمل المسابح أو الزبيبة التى تتوسط جبهة المؤمن، كل ذلك ينهار أمام الحقوق والواجبات.

ولعل وحيد حامد رحمه الله قد رسم لنا تلك الصورة فى فيلم «الإرهاب والكباب»، فالموظف صاحب الزبيبة والقبقاب يحرص على الوضوء والصلاة، ولكنه فى نفس الوقت وبنفس الحماس يقوم بتعطيل مصالح المواطنين، وتلك هى المسافة التى تتسع يوما بعد يوم بين ما نحرص عليه من التمسك بمظاهر التدين وبين سلوكنا العملى الذى يتناقض تناقضا شديدا مع روح الدين ولعلنا نتذكر عضو الجماعة السلفية الذى ذهب لعمل عملية تجميل فى أنفه تكلفت أكثر من مائة ألف جنيه ثم زعم أن اللصوص قد اعترضوا سيارته على الطريق الدائرى وضربوه على أنفه وأخذوا أمواله، لكى يضرب عصفورين بحجر فيبرر وضع الضمادات على أنفه بأنها نتيجة عدوان اللصوص، وفى نفس الوقت يأكل فى بطنه أموال الجماعة السلفية بحجة أنها سرقت منه!!
ذلك بعض من كثير، لكن علينا أن نقر ونعترف بأن حقوق الناس مصونة فى العالم الغربى، وأننا نكتفى بادعاء التقوى.

ونحن فى شهر رمضان المعظم أتمنى من الله سبحانه وتعالى أن نعود ونسترد بعضا من التزام النفس وبعضا من أسباب روح التدين وذلك كفيل بأن يردم الفجوة الواسعة والتى لا تزال تتسع بين مظاهر التدين التى اصبحت غالبة فى المجتمع وبين أكل حقوق الناس والفساد الذى يعشش فى المعاملات بين الناس وبين الأسرة الواحدة. ونتج عن كل ذلك ملايين القضايا أمام المحاكم بمختلف درجات التقاضى وتكلف العدالة جهودا مضنية فى سبيل إحقاق الحق.