تجار البشر يستهدفون مراكز إيواء اللاجئين في أوروبا.. تفاصيل

مراكز اللاجئين
مراكز اللاجئين

دينا جلال

  جانب آخر مظلم من تبعات الحرب يكشف واحدًا من أخطر تجار الحروب وهم تجار البشر ممن يتسللون بين ضحايا فقدوا منازلهم وهربوا من اوطانهم أملًا فى الوصول الى بر الامان لتتوحد وجهتهم نحو مراكز اللاجئين الا انها سرعان ما تحولت الى هدف لصائدي وتجار البشر حيث يتسللون خفية بين المسئولين والمتطوعين املًا في استدراج وتجنيد ضحايا جدد لتنشيط وإمداد شبكات الاتجار بالبشر.

لا تختلف مراكز اللاجئين الاوكرانين عن غيرها، فهى شديدة الفوضى والازدحام بعد تأكيد انتشار حوالى 4 ملايين اوكراني فى كافة انحاء اوروبا، وفي بولندا وحدها تكتظ مراكز الايواء على الحدود بعد وصول ما يقرب من مليونى لاجئ اغلبهم من النساء والاطفال وكبار السن  بسبب قرار منع الرجال الأوكرانيون ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و 60 سنة من مغادرة البلاد للبقاء والقتال، تتنوع قصص وخسائر هؤلاء ممن فقدوا اهاليهم واحبائهم ومنازلهم وثرواتهم، ولكن لا تقف الخسائر عند هذا الحد لتطلق المؤسسات والجمعيات الدولية والانسانية تحذيرات صادمة ترصد خطرا آخر يواجهه مقيمي مراكز اللاجئين بعد ان اصبحوا هدفا سهلا لتجارة البشر، وهى القضية التي تعاني منها اوروبا بالفعل حيث يشير تقرير الاتجار بالبشر الصادر عن المفوضية الأوروبية أن الارباح العالمية السنوية من جريمة الاتجار بالبشر تتعدى30 مليار يورو، وتكشف التقارير ان استغلال النساء والاطفال في الاعمال غير الاخلاقية هو الهدف الأكثر شيوعًا لتجار البشر بالاضافة الى العمل القسري، والاستعباد المنزلي وسرقة الأعضاء والمشاركة الإجرامية بالإكراه، ويُوصف الاتجار بالبشر بجريمة تنتهك حقوق الانسان وتصل نسبة ضحاياه من النساء الى ثلاثة ارباع الضحايا.

 

رجال ونساء العصابات

تبدأ خطط تجار البشر او صائدي الاوكرانيين باستدراج الضحايا ممن يعتبرونهم اهدافا سهلة الاقناع لابعادهم عن نقاط التفتيش الرسمية مع تقديم وعود للنساء والفتيات والاطفال بتوفير سكن آمن ووسائل نقل مجانية في بولندا والمزيد من المساعدات الانسانية، وكشفت كارولينا ويرزبينسكا منسقة منظمة حقوق الإنسان الاوروبية عن القاء القبض على عدد من المشتبه بهم في تلك القضية المخيفة، واكدت ان المتهمين ليسوا رجالا فقط ولكن هناك نساء يحاولن شراء اللاجئات في محطات انتظار المواصلات حيث تم رصد فرق او عصابات متخصصة من تجار البشر يسافرون إلى الحدود البولندية ويتظاهرون بتقديم رحلات مجانية للاجئات واطفالهن في محاولة لجذبهم إلى السيارات وعرض أماكن إقامة للنساء خاصة ممن يشعرن بالضيق والإرهاق من رحلاتهن المريعة.

 

تشير المنسقة كارولينا؛ الى خطط العناصر الاجرامية الاكثر اقناعا للضحايا ومنهم الازواج او رجل وامرأة يسافران إلى الحدود بسيارة خاصة في محاولة لإغراء النساء بخطط متنوعة لتوفير المواصلات او الاقامة في مكان اكثر رفاهية، وكذلك عرض فرص عمل مغرية يتم توفيرها بمجرد انتقالهن الى منزل الزوجين، اما المشهد الاكثر تكرارا فهو الاشتباه في تلك العصابات او اى شخص مريب يتعقب اللاجئات وحين يقترب منهم مسئولو الشرطة او مندوبو المنظمات الانسانية لطلب بياناتهم وعرض تسجيلهم ضمن بيانات المتطوعين يفاجئوا بهروبهم سريعا بعد فشل خططهم.

 

خطف واعتداء

سجلت الشرطة البولندية حالات فعلية لعدد من المشتبه بهم لتجار البشر ممن تم القاء القبض عليهم بالقرب من نقاط إيواء اللاجئين حيث اعتقلت الشرطة رجل عمره 49 سنة، في مدينة فروتسواف البولندية بتهمة الاعتداء على لاجئة عمرها 19 سنة بعد وعدها بتقديم المأوى والمساعدات لها، وكشفت السلطات البولندية تفاصيل الواقعة في بيان رسمي كشف إصطياد المجرم ضحيته عبر الانترنت حين عرض مساعدتها عبر بوابة للاجئين على الإنترنت، وخاصة انها لم تكن تتحدث البولندية ووثقت فى الرجل سريعا بعد عرضه مساعدتها وايوائها لتهرب اليه ويقوم بالاعتداء عليها، ويواجه المتهم عقوبة تصل إلى السجن 12 سنة بتهمة الجريمة الوحشية تبعا للقانون البولندي، وعلى حدود مدينة ميديكا البولندية، أثارت حالة أخرى في مخيم اللاجئين الشكوك عندما قدم شخص المساعدة للنساء والاطفال ثم حاول اقناع فتاة عمرها 16 عاما بالهرب معه لتتدخل الشرطة واخضعته للتحقيقات.

 

اثارت منظمة أطفال أوروبا المفقودون القضية بشكل صادم على ارض الواقع لتكشف اختفاء عدد من الاطفال بالفعل بعد مغادرتهم الاراضي الاوكرانية دون اهاليهم، ليفاجئوا بإختفائهم سريعا على الحدود، وهو ما اعلن عنه "آجي إيفن" الأمين العام لمنظمة الأطفال المفقودين في أوروبا عبر بيانه قائلا؛  "فقدنا أثر الكثير من الأطفال بسبب تلك القضية لنفاجأ بإختفائهم سريعا، وأصبح من الصعب او المستحيل العثور عليهم"، وحذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" من عمل عدد من الافراد والجماعات بشكل منفصل عن السلطات البولندية وغيرها مما يثير القلق والشبهات نحوهم،  واكدت المنظمة؛ ان هناك متطوعون يأتون من مختلف الأماكن في سياراتهم الخاصة وسط حالة الزحام الهائلة على الحدود وتكالب المتطوعين من اجل تقديم المساعدات للاجئات واطفالهن، وتنجح الشرطة البولندية في توقيف بعض السيارات المشبوهة لكن العديد من السيارات تمر دون تفتيشها.

تحذيرات الانترنت

انتقلت تلك المخاوف الى الدول المجارة حين حذرت الشرطة الفيدرالية الالمانية في برلين النساء والأطفال في منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي باللغتين الأوكرانية والروسية من قبول عروض الايواء او المبيت من المتطوعين غير الرسميين بعد رصد  أشخاص مشتبه بهم في المحطة المركزية ببرلين يتظاهرون بأنهم مسئولون يعرضون الإقامة والنقود السخية، وطلبت الشرطة الإبلاغ عن أي شخص مريب يعرض المساعدة بشكل خفي، وكشف مسئولون أمنيون في رومانيا وبولندا إنتشار ضباط استخبارات يرتدون ملابس مدنية لتعقب مجرمي الاتجار بالبشر ورصد تحركاتهم، وبالرغم من قلة اعداد اللاجئين الاوكرانيين فى بريطانيا الا ان التحذيرات امتدت اليها حيث صرحت تمارا بارنيت، مديرة العمليات في مؤسسة الاتجار بالبشر من موجة النزوح الجماعي السريع لتصفه بالكارثة بسبب تواجد مجموعة هائلة من اللاجئين الضعفاء ممن يحتاجون إلى المال والمساعدة على الفور ليصبحون أرضا خصبة لمواقف الاستغلال البشري بكافة انواعه.