عزل وزيـر المعــــارف بعــد ضبطه متلبسا بتدخين سيجارة نهارا!

يوميــــــات وزراء مصر فى رمضان عام 1942

الملك فاروق متوسطا عدداً من الوزراء قبيل تناول الإفطار فى رمضان
الملك فاروق متوسطا عدداً من الوزراء قبيل تناول الإفطار فى رمضان

أحمد الجمَّال

حكايات المصريين كشعبٍ يميل إلى الأجواء الروحانية كثيرة فى شهر رمضان، ولهم معه ذكريات لا تُنسى، لكن ترى ماذا عن مشاهير عالم السياسة؟! وكيف كان وزراء مصر يقضون شهر الصيام فى النصف الأول من القرن العشرين؟ قبل 80 عامًا، نشرت "آخرساعة" تقريرًا عن يوميات وزراء الحكومة فى رمضان، إبان فترة تولى مصطفى النحاس باشا، وأشار التقرير إلى اتسامهم جميعًا بالتقوى والورع واهتماماهم بالصوم والصلاة وقراءة القرآن، مع الإشارة إلى واقعة إفطار وزير المعارف التى أطاحت به من منصبه.. التفاصيل فى السطور التالية:-

لا يختلف اثنان فى أن النحاس باشا هو أتقى رجال الحكم فى مصر وأورعهم، إذ إنه يؤدى جميع الفرائض الدينية خير أداء، ويود أن يتمكن عاجلًا من تأدية فريضة الحج، فيكون قد أتم تأدية فرائض الإسلام الخمس.


وإذا كان من عادته أن يقرأ جزءًا من القرآن الكريم كل صباح، فإنه فى شهر رمضان يتلو القرآن برمته ثلاث مرات ويصلى رفعته التراويح، ويرتل مع الفقهاء فى داره القرآن كل ليلة.

وكان المرحوم حسن صبرى باشا تقيًا، يصلى ويصوم ويقرأ القرآن، وكان من عادته أن يستقبل فى ليالى رمضان زائريه بالطابق الأرضى حيث توجد مكتبته الغنية بالمؤلفات العربية والإنجليزية والفرنسية، إلى وقت السحور، ولم تكن مسبحته تفارقه حيثما وجد.. وحدثنا سعادة سفير إيران السابق فى مصر أنه تعرف بصاحب المعالى صبرى أبوعلم باشا فى الحجاز، وأن أكبر سبب حمله على إتمام هذا التعارف سريعًا هو تقوى أبوعلم باشا وورعه.


والسيد عبدالهادى الجندى بك أدى فريضة الحج أخيرًا، وإذا ما حان وقت الصلاة أثناء وجوده فى مكتبه بالوزارة فإنه يكف عن العمل ويدعو مفتى الوزارة وكبار موظفيها للصلاة جماعة فى مكتبه، ومعالى الأستاذ أحمد حمزة من الذين أدوا فريضة الحج وهو يصلى جميع الفروض.

الوزراء السابقون

ومن الوزراء السابقين الذين اشتهروا بالتُقى والورع أصحاب السعادة الأستاذ محمود بسيونى ومصطفى عبدالرازق باشا، والأستاذ عبدالرحمن عزام، وصالح حرب باشا.


ومائدة آل عبدالرازق من الموائد المشهورة فى رمضان، ويجلس سعادة مصطفى باشا وأشقاؤه مع ضيوفهم فى الدور الأول أو (المضيفة) وحولهم كثيرون ممن تعودوا قضاء لياليهم فى بيتهم فى هذا الشهر، وتمد موائد رمضان للفقرء بالمنزل فى القاهرة والصعيد.

الوزير الفاطر

ولم يحدث أن وزيرًا أفطر علنًا فى شهر رمضان غير مرة واحدة، وقد غضب من ذلك المغفور له الملك فؤاد، واضطر الوزير إلى الاستقالة، وكان مراد سيد أحمد باشا وزير المعارف فى وزارة دولة صدقى باشا.

 

وقد وقع هذا الحادث فى سراى تيجراى باشا، حيث كان يُقام معرض لجماعة محبى الفنون الجميلة، ودُعى لحضور حفلة الافتتاح كبار رجال الدولة والبعثات السياسية، ووقف مراد بك بينهم وهو يدخن سيجارة، وتمكَّن أحدهم من التقاط صورة فوتوغرافية له وسيجارة فى فمه، وبعث بها بسرعة إلى جريدة معارضة فنشرتها.. وقد أثارت الصورة احتجاج رجال الدولة والدين وكانت موضوع الحديث فى كل مكان، فلم يسع مراد باشا سيد أحمد إلا أن يستقيل.

 

ومن الظريف أنه تقام فى دور بعض الوزراء السابقين مآدب إفطار يتنافسون فيها فى تقديم أفخر أنواع الطعام.. وقد أقام الشاذلى باشا، وهو وزير الشئون الاجتماعية، مأدبة إفطار لرجال الصحافة وجه الدعوة إليها بخطابات رسمية، وقد تبيَّن بعد إقامتها أنها كانت بناءً على طلبٍ خاص أملا فى تحقيق المثل "أطعم الفم تستحى العين".


وحدث أثناء انعقاد مجلس الوزراء فى أحد العهود الماضية، أن خرج الحاجب من اجتماع المجلس وكان ذلك ظهر يوم من رمضان مناديًا عامل البوفيه بأعلى صوته يقول: "سبعة قهوة لصليب سامى باشا يا جدع".