مَقَامُ الشَوقْ.. تجليات صوفية عن أولياء بيننا لا نعرفهم

مَقَامُ الشَوقْ: تجليات صوفية عن أولياء بيننا لا نعرفهم
مَقَامُ الشَوقْ: تجليات صوفية عن أولياء بيننا لا نعرفهم

كتب : سعيد نصر 
من الوارد أن يثير كتاب «مَقَامُ الشَوقْ تجليات صوفية للكاتب والروائى الدكتور عمار على حسن، حالة من الجدل العلمى والإيجابى  حول الصوفية والمتصوفة، حيث يتحدث الكاتب عن ولاية أرضية، تعيش بيننا وفى دنيانا، ولاتعيش بعيدا عنا أو فى الحياة الآخرة، وما يؤهلها لهذا المقام الإيمانى هو عملها الإيجابى لأجل الناس، دون إدعاء للكرامات، أو الخرافات، وهى رؤية جديدة وهادفة، يمكن أن تنقل أهل التصوف من السلبية إلى الإيجابية، ومن الاعتماد على الموتى لتحسين ظروفهم، إلى الاعتماد على أنفسهم، والمطالبة بحقوقهم الإنسانية، فى كل مكان وزمان. 


يحتوى الكتاب على مفتتح قصير وثلاثة وثلاثين نصاً يعبر كل واحد منها عن ولاية أرضية لا تقل عن الولاية السماوية، مع التأكيد هنا على أن الولاية الأرضية ليست منفصلة تماماً عن السماء، وهذه النصوص هي: (مقام الكلمة ومقام الوجود ومقام الناس ومقام التيه ومقام الحيرة ومقام التجربة ومقام الدرب ومقام الولاية ومقام العارف ومقام الجمال ومقام الشوق ومقام الطيبة ومقام الصحبة ومقام التعافى ومقام الغربةومقام الوطن ومقام الاعتدال ومقام المثابرة ومقام العزة وقام العدل ومقام الإصرار ومقام التحمل ومقام الفداء ومقام التجرد ومقام الحصاد ومقام الطرب ومقام الخوف ومقام الصفح ومقام التفاؤل ومقام الإقدامومقدام العطف ومقام البشارة ومقام الرحيل). 

ويبدأ عمار على حسن كتابه بمفتتح قصير له تأثير فى نفوس المغيبين والجامدين فى ميدان الوعى التفكير، الذين لايرون علماً ولا فقهاً ولا تفسيراً ولا صلاح ولا إصلاح ولا ولاية، إلا فى الماضى وعالم الأموات.

ويهدف من ذلك إلى تهيئتهم بأسلوب «الهزة والرجة» لفكرة الكتاب ومضمونه، وتتمثل الفكرة فى وجود أولياء على الأرض، أحياء يعيشون بيننا، ويستحقون أن نقتدى بهم، كما نقتدى بولاة الماضى، حيث يقول الكاتب: «أيها المولعون بما قد مضى فحسب، له وحده القداسة فى نفوسكم ورؤوسكم، عليكم إدراك أن بينكم الآن وهنا، من لا يقلون ولاية وهداية وتزكية وتقوى عن الذين راحوا، وسكنوا فى الزمن الغابر».


ويوجه الكاتب من خلال مقام الكلمة رسالة صوفية مغايرة ولكنها إيجابية ورائعة،مفادها أن عالمنا الحاضر يوجد به أولياء أحياء يعيشون بيننا،وقد وصلوا لهذه المرتبة ويستحقونها لأنهم لم يستخفوا بالكلمة، سواء كانوا قائلين أو مستمعين لها، ولم يستخدموها إبراً مسمومة لتجريح الناس أو خناجر لقتلهم معنوياً،فالأدباء والشعراء أصحاب الإنتاج الأدبى الهادف، يندرجون تحت قائمة أصحاب الولاية الأرضية بمقام الكلمة الطيبة، ويصف الكاتب أصحاب ولاية الكلمة على الأرض بقوله:» «والذين يؤمنون بأن الحرف ورد ونسمة ورسوخ أبدى هم من الواصلين، لأنهم أقرب إلى صاحب الكلمة «الله» وعين ذاتها. إنهم من نالوا الحكمة التى تأخذهم فى أقرب سير على درب المعانى حتى يبلغوا سدرة المنتهى».


وينتقل الكاتب إلى مقام الوجود، والذى به يحصل بعض الأحياء على الولاية الأرضية، ويهدف من خلاله تجذير فكرة مهمة فى نفسية المتلقى، وهى أن الذين يصلون لهذه المرتبة هم الذين يعلون من قيمة الروح فى كل مناحى الحياة، ويفكرون فى الله ويتدبرون فى ملوكته، ويشعرون بوجود الروح فى الجماد والنبات.

ويستخدم الكاتب سردية حوارية عجائبية،آليتها الهمس والصوت المسموع من بعيد، لترسيخ هذا المعنى من الولاية فى ذهنية المتلقى، ويقول فى نهاية ذلك النص، على لسان الصوت المسموع: «تصمت برهة، وتقول لكل من حولها:ألم تقرأوا «ويسألونك عن الروح، قل الروح من أمر ربى، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا». لم يصادر صاحب الأمر.

ومنشىء الروح عليكم إن رغبتم التفكير فيها. بل قال لكم فقط: إنها من أمرى. يا الله، كثير من الرموز والمعانى والأشياء فى هذا العالم من أمرك، لكنك سبحانه لم تغلق الباب أمام النظر إليها.»


ويحاكى الكاتب المتلقى فى مقام الناس، بثلاث عبارات تؤكد على أهمية الولاية الأرضية لكونها تخدم الإنسانية أكثر، ولاتخل بباب الإيمان بالله، وتدرك فى الوقت نفسه بأن الله غنى عن العالمين، ويستخدم الكاتب السردية الحوارية السابقة لترسيخ هذا المعنى، حيث تقول سيدة فى تفاعلها مع الصوت المسموع.

وذلك بعد أن عانت من تفاهات الرجال ووحل الأرض: «ماذا سيجنى البشر من الإنشاد الصوفى إن لم يهز أوتارهم؟»، وتقول أيضا: «إن لم يكن الوصل إلى هناك يمس ما هو هنا فلا وصل ولا اتصال». 


ويتحدث الكاتب فى مقام التيه عن ولى آخر من أولياء الأرض، وهو الذى يرفض نفاق الحاكم وتزيين الأعمال السيئة للسلاطين، مهما كانت التضحيات، ويستخدم الكاتب سردية حوارية واقعية بين شخصين، يستمع لها شخص ثالث فيختار طريق الولاية الأرضية.

وهى سردية جذابة للمتلقى ويستخدمها الكاتب فى مقامات عديدة أخرى،ويقدم الكاتب فى مقام الحيرة اثنتا عشرة نصيحة مهمة للذين تعثروا فى حياتهم بسبب مشاكل وكوارث لا يد لهم فيها، ويبدأ إحدى عشر منها بكلمة «لاتتردد».

 

وواحدة منها بكلمة «تقدم»، ويحذرهم خلالها من التهور والاستعجال، ويستشف منها أن الإنسان الذى يقدر على تحدى المشاكل والكوارث بإرادته الصلبة واعتماده على الله، هو أحد أولياء الأرض الذين يعيشون بيننا، حيث يقول الكاتب قبل تقديمه تلك النصائح:» وقتها أنا الذى أجرى فوق الجسر أشعر أنه يعلو بى، ويعلو ويعلو، حتى يكون بوسعى أن أمسك بيدى السحاب، لأنى لا أتردد، فافعل أنت الأمر نفسه، وكن على دربى.»

يحكى الكاتب فى مقام الطرب بأسلوب بديع حالة هيام أحمد رامى بكوكب الشرق أم كلثوم، وتفكيره فيها، ويعتبر حب رامى لها حب الفناء فى المحبوب، وهو نوع من العشق الصوفى، لايقدر عليه إلا أولو العزم من المتصوفين


ويشرح الكاتب فى مقام التجربة كيف أن الإنسان يقبض على الحقيقة ويسقط الخرافات والوصايات المزيفة عن كاهله من خلال تجربة يخوضها مع خالقه، فى تمعن وتبتل وإخلاص، مطلقًا كل جوارحه كى تخدمها حتى يأتيه اليقين، ويُستشف هنا أن الكاتب يتحدث لنا عن أولياء الدراية، فى مقابل أولياء الرواية.

ويريد أن يلفت انتباهنا إلى أن ولاية الاجتهاد أفضل من ولاية النقل، حيث يقول:» فلا وصول إلا لمن عرك وعرف، وقام وقاوم، متعاليًا فوق أى خور أو تردد أو استسلام لما يردد الناس كالببغاوات، متنقلين بين «عن» و«عن» حتى تنقطع الدراية وتموت، ولا تبقى سوى الرواية وأختها فتتابع الأكاذيب التى تصنعها مخيلات عطشى للاختلاق والافتراء.»


 ويتحدث الكاتب فى مقام الدرب، عن أهل الطريق الحقيقيين، أى أهل ولاية الأرض، ويقول عنهم: «أهل الطريق يرون أن الله ساكن فى المعنى، وأن المعنى مع الذين يكافحون بشرف من أجل التغلب على قسوة الحياة، وأن الحياة ليست فرصة للتسكع إنما تجربة عميقة من الكدح حتى لمن ولدوا وفى أفواههم ملاعق من ذهب»، و يرى الكاتب فى مقام الولاية، أن الولاية لاتجتمع والنفاق والخداع والكذب والدم.

ولا مع نهم وطمع المريدين فى الاستفادة المادية من الولى المزعوم، وهنا يقول الكاتب: «يا من تدعى الولاية، لتعلم أنها لا تؤتى لكذوب. ألم تسأل نفسك ذات يوم كيف تجتمع الولاية مع النهم والدم؟»، ويركز الكاتب على التفرقة بين الولى والدعى، حيث يقول على سبيل المثال لا الحصر: «الوليُّ هو هذا الذى لا يأتيه حلم يتيه به»، والولى هو المشغول بالمعنى.

 

ولا يقف عند الصورة، لاسيما إن كانت ملونة، والولى يدرك أن من يهرب من الحرية والعدل فيمن يكون بين يدى شيخه ليس بوسعه أن يمضى فى طريقة الله كاملًا، والوليُّ لا يهزأ ولا يخطف ما ليس له، ولا يقرب منه السفهاء والجهلاء وعابرى الدروب والآكلين على كل الموائد.»


ويتطرق الكاتب فى مقام الشوق،إلى مجموعة من المصطلحات والأحوال الصوفية، كالشوق والعشق والحرقة، كما شعر بها ورآها فى أشخاص توافرت فيهم سمات الولاية الأرضية من خلاق الشوق لله والحق ولذة العشق الإلهى.

وينفض الكاتب فى مقام الجمال، والمقسم إلى تسعة نصوص عن المرأة غبار الثقافات والخرافات الموروثة والمروية التى تحقر من شأن المرأة، ويتحدث عن الأنثى بأسلوب راق وفهم واع، ويعطيها حقها، سواء كانت أم أو زوجة أو أخت، أو طفلة جميلة تصير محبوبة لشاب فيما بعد، حيث يقول عن الأنثى : «الله فى النساء، إنهن أكثر فهمًا، رغم كل ما يقال عنهن.»، ويقول أيضا عنها: «المرأة أقرب إلى الرهان الأول، واللعبة الأولى، الغواية، اللذة،، معها وبها يفرغ الجسد من دنيويته فتستيقظ الروح، وهذا ما لا يدركه أصحاب الشهوات المستعرة لذاتها.»


ويشير الكاتب فى مقام العارف إلى أن العارف الحقيقى له عدد من الصفات الطيبات، منها السمو فوق الاختلاف، وفعل الخير دون دراية، والشعور الذاتى بالنقص مهما كانت درجةالكمال الإنسانى، ويلمح إلى شخصية ذلك الولى، كصاحب أهم وأعقل وأرشد ولاية بقوله: «لم أره، ولا سمعت صوته.

وما قرأته عنه لا يختلف كثيرًا عما أعرفه عن غيره، فلماذا هو وحده الذى جاء من قلب التاريخ البعيد ليسكن قلبى ونفسي؟،هل حلت روحه الذاهبة فى روحي؟ أم أن مسا منه زارنى فى منامى وقرر الإقامة، ورحبت به؟».

ويتحدث الكاتب فى مقام الطيبة عن الناس الطيبين من الفقراء والمحتاجين الذين يكدحون للعيش فى الحلال بعيدا عن الحرام، حياة الحملان وسط الذئاب الضارية فى غابة مترامية، حيث يرى الكاتب أن كل إنسان من هؤلاء بمثابة أحد أولياء الأرض الصالحين. 


ويستنبط الكاتب فى مقام الصحبة من علاقة الابن بالأب والأخ والصديق والرفيق مجموعة من التجليات الصوفية الجميلة، يخطف بها لب المتلقى، وتجعله يسيح بين المدلولات العميقة للكلمات والعبارات، ويجعل من حكايات الأب عن الأجداد والأعمام وشجاعتهم.

ومن محاولات الآباء الترفيه عن أطفالهم بشتى الطرق التقليدية والفطرية، ومن طاعة الإبن الأكبر لأبيه أمام إخوته الصغار،ومن حكاية حاكم أو فئة فى التصدى لمحتل خارجى، خيوط نورانية تعبر عن طبيعة صوفية لولاية أرضية منبعها الإخلاص والوفاء للإنسان والوطن.

ويتحدث الكاتب فى مقام التعافى عن المرضى الصابرين على أمراضهم السوداء، ويعتبرهم أولياء أرضيين ينتفع بهم الآخرون، حيث يقول على لسان صديق لصاحبه المريض:» لا تقلق، فأنت طالما بسطت يديك بالمعروف، شمالك تسبق يمينك، دون أن نتظر منًّا ولا شكورًا. ومن كان هكذا لا يتركه من خلق كل شىء، أنت وكل ما أمامك وخلفك وحولك.»


ويرى الكاتب فى مقام التحمل، فى سيدة تحملت المشاق فى تربية ابن متوحد ولاية أرضية، ويعتبر سيدة أخرى لم تفرح فى حياتها بعد عرسها إلا أيام معدودة، وصبرت على زوجها المريض ووفرت له الرعاية على قدر استطاعتها والية من أولياء الأرض.

ويجعل الكاتب فى مقام الوطن من حب مصر وفدائها بالروح ومديحها بالأناشيد، ولاية صوفية أرضية تفيد صاحبها ويستفيد بها الآخرون، ويعزف الكاتب فى ذلك المقام بالحروف والكلمات ذات الدلالات والمعانى الجميلة لحناً مؤثراً وشجياً عن مصر ومكانتها ودورها وحضارتها، حيث يصفها بأوصاف رائعة، منها على سبيل المثال لا الحصر، اللحن العذب الذى يتردد صداه فى جنبات الكون، والنخلة الباسقة التى تقف فى وجه العاصفة، وسرب اليمام الذى يرفرف فوق النجوم.»


ويتحدث الكاتب فى مقام الإصرار عن ولاية أرضية أخرى، يصل إليها الكاتب الحقيقى بالإصرار على موقفه والتمسك بمبادئه والاستعداد للتضحية بالغالى والنفيس من أجل تحقيق روآه الإصلاحية، ويصف هذه النوعية من الكتاب بأنهم أولياء يقضون الليل والنهار فى البحث عن الحقيقة، لقاء الفتات والخطر الشديد، ويحكى فى هذا الصدد عن كاتب صديق له، اقتيد إلى المحكمة، وتزامنت محاكمته مع طبع ونشر كتاب له، ما حسبه البعض كرامة لولى.

يوجه الكاتب من خلال مقام الكلمة رسالة صوفية مغايرة ولكنها إيجابية ورائعة، مفادها أن عالمنا الحاضر يوجد به أولياء أحياء يعيشون بيننا، وقد وصلوا لهذه المرتبة ويستحقونها لأنهم لم يستخفوا بالكلمة، سواء كانوا قائلين أو مستمعين لها، ولم يستخدموها إبراً مسمومة لتجريح الناس أو خناجر لقتلهم معنوياً،فالأدباء والشعراء أصحاب الإنتاج الأدبى الهادف، يندرجون تحت قائمة أصحاب الولاية الأرضية بمقام الكلمة الطيبة

ويصفه الكاتب بالمتصوف الأول، على الرغم من قلة سجوده وركوعه،حيث يقول عمار على حسن:» ورأيت الحروف تحط على رؤوس الذاكرين فى الحضرة الكبرى، التى يقيمها الأقطاب ذات يوم يحددونه هم فى الساحة العريضة الطويلة التى تلى المحكمة، ورأيت الناس يهرولون إليها من كل مكان رافعين رؤوسهم نحو الذى قيل عما سرقوه من قوتهم، ورأيته ينظر إلى المشهد المهيب فى عجب واستخفاف، لكنه يلين بعد طول تأمل، ويندفع إليه غارقًا فى دموعه، حتى يتساوى عنده ما سعى إليه وما سيأتى.


ويعزف الكاتب فى مقام الغربة سيمفونية شجية عن الغريب فى وطنه، وخارج وطنه ويرسم بالكلمات خريطة تأوهاته وعذاباته وانكساراته، ويؤكد أنه صاحب ولاية أرضية ما دام يكافح لتحسين ظروف حياته مدفوعا فى ذلك بالتفاؤل وعدم الكراهية للوطن.

ويشرح فى مقام العزة، كيف أن عدم الرضا بحياة الإهانة وقبول العزة مع الموت يجعل ممن يختارون ذلك أحد ولاة الأرض الصالحين، فهم تجرى فى عروقهم دماء سليمة، ويدركون أن الإهانة ليست موتًا مجازيًا، بل واقعيًا، ويقول عنهم:» ولهذا لم يقبلوها حتى لو عجلوا بالموت الحقيقى.

وآمنوا أن الروح الواقعية أو الأصيلة أو التى لا يعرف الناس ما هى ليست سوى «قربانًا يقدم فى سبيل الروح التى يعرفونها جيدًا، وهى الكرامة.»، ويحكى الكاتب فى مقام العدل، عن ولاية أرضية أخرى تتمثل فى قاض يتمسك بالعدل فى الحكم بين الناس، ويعيش فى شقة بالإيجار فى الإسكندرية، رغم منصبه الرفيع، حيث يقول عنه : مولانا القاضى يدرك هذا ويعرفه، بل ذلك راسخ فى يقينه قبل أن يحفظ القوانين التى يقضى بها، لذا يمشى على الأرض هونًا، زاهدًا فى كل ما فى يد غيره، عازفًا عن التزاحم على أى شىء يلوح أو يتهادى، منصبًا كان أو مالًا، مخلصًا فقط لمسار يزداد إيمانه يوم إثر يوم بأنه من أجلَّ أعظم ما أدرك البشر ضرورة وجوده بينهم فى تاريخهم الطويل، الممتد من الخلق إلى القيامة». ويحكى الكاتب فى مقام الطرب بأسلوب بديع حالة هيام أحمد رامى بكوكب الشرق أم كلثوم،وتفكيره فيها.

ويعتبر حب رامى لها حب الفناء فى المحبوب، وهو نوع من العشق الصوفى، لايقدر عليه إلا أولو العزم من المتصوفين، وبالتالى يعتبر حب رامى لأم كلثوم ولاية أرضية، لأنه حب عذرى وقائم على الاحترام والتقدير، على الرغم من نوبات الولع بالمحبوب. 


ويتحدث الكاتب فى مقام الحصاد عن الفلاح البسيط كأحد أولياء الأرض الصالحين، ويشرح بأسلوب جميل وسردية تقترب من الوصف كيف أن هذا الفلاح الأمى يكتشف بسيلقته وفطرته أموراً علمية تغيب على ذوى العلم، بما فيهم علماء الاقتصاد، ويُعلى الكاتب فى مقام الصفح من قيمة التسامح، ويكشف من خلال حوار عميق الدلالة مع شيخه، أن المتسامحين من منطلق القوة وليس الضعف يعتبرون أصحاب ولاية أرضية، وينتقل الكاتب إلى مقام التفاؤل.

ويسرد حكايات لقادة مسلمين عرب وأتراك قادهم التفاؤل إلى تحقيق النجاح والنصر، ويصفهم بطريقة توحى بأنهم أصحاب ولاية أرضية، حيث يقول عن هذا الولي:»لم أرك يومًا تقول شيئًا عن السماء البعيدة، ولا تثرثر حول أولئك الذين ينحنون ركوعًا، ويخرون سجودًا، لكننى أرى الله فى عينيك، وفى كل شىء فيك ومعك وبك.»

اقرأ ايضا | حكايات| لـ«تسلية الآلهة».. رقصات غريبة «حتى الإغماء» في بالي