الجدة باعت حفيدتها بـ 500 ألف جنيه

الجدة باعت حفيدتها
الجدة باعت حفيدتها

منى ربيع 

أعز الولد ولد الولد عند كل الأجداد في الدنيا إلا هذه الجدة، أرادت المال بأي وسيلة فقررت الإتجار بحفيدتها والتى جاءت من الخطيئة وبيعها لمن يدفع الثمن، وعندما شعرت أن وجود الصغيرة معها مهدد بالخطر قررت أن تلجأ إلى حيلة شيطانية وهي كتابة الصغيرة باسمها.

 

في البداية، استخرجت شهادة ميلاد سليمة لها، ظنت بها أنها اكتسبت شرعية وجود الصغيرة والتصرف فيها كما تشاء، لكنها وقعت  في ايدى رجال الإدارة العامة للإتجار بالبشر بكل سهولة، ليتم إحالتها هي وشركائها إلى النيابة العامة، ومنها إلى محكمة جنايات الجيزة لتنظر محاكمتها هي وشريكيها في الجريمة، زوجها وطبيب المستشفى الذى ساعدها في التزوير.

 

قضية مثيرة شهدتها محكمة جنايات الجيزة تحديدًا الدائرة المختصة بالإتجار بالبشر، بدأت  أحداثها عندما فوجئت الحاجة «ز» بإحدى السيدات وتدعى «سهير»والتى تعمل كخادمة في المنازل، أن ابنها اخطأ مع فتاة وحملت منه سفاحًا وأن والدتها أحضرتها لها لتتولى رعايتها وأنها في حيرة من أمرها فهي لن تستطيع تربيتها فهي اقتربت من الستين كما إن زوجها يرفض بقاء تلك الطفلة لديها، ولأنها تعرف جيدا أن الحاجة «ز» تعيش وحيدة بعد سفر أبنائها فطلبت منها أن تتولى رعاية الصغيرة، رحبت الحاجة «ز» بالفكرة أخذت الرضيعة وأطلقت عليها اسم «جومانه» فرحت بها واتخذتها ونيسة في وحدتها، واستمر ذلك الوضع لشهر كامل، إلى أن فوجئت بسهير تعود إليها بصحبة زوجها تطلب منها جومانه لأنها تريد تربيتها، وزعمت لها أنها أعز الولد...!

 

خشيت الحاجة «ز» على الصغيرة، طلبت منها منحها بعض الوقت حتى تعطيها لها بعدما أصبحت جزءًا من حياتها، شعرت سهير بأهمية الصغيرة لها، قررت هي و زوجها مساومتها، عرضا عليها أن يبيعا لها الطفلة مقابل 7 آلاف جنيه، لكنها رفضت عرضهما، وفي الوقت ذاته رفضت إعطاءهما الصغيرة، لكنها فوجئت بهما يطاردنها ويطالبنها بالصغيرة وانها إذا رفضت طلبهما سيقومان بإيذائها، خافت الحاجة «ز» من تهديدهما، وأعطتهما الصغيرة جومانه، وفي الوقت ذاته كانت في حيرة من أمرها خوفًا على حياتها وعلى حياة جومانه التى ستعيش في كنف تلك الجدة التى تريد بيعها لكنها لم تجد أي حلول سوى تسليمها لهما.

إخطار ميلاد

هنا شعرت سهير بخطر الطفلة عليهما؛ فقررت أن تقنن أوضاعه الصغيرة حتى تتصرف فيها كيفما تشاء، دون أن يحاسبها احد لكن كيف تفعل ذلك؟ وكيف ستجعلها تعيش معها هي وزوجها بشكل قانوني؟!، ظل الاثنان يفكران في كيفية فعل ذلك حتى هداهما تفكيرهما الشيطاني إلى كتابة الصغيرة باسمهما، في اليوم التالى ذهب الزوج إلى مكتب الصحة ليسأل عن الأوراق المطلوبة ليخبره أحد الموظفين أنه يجب عليه إحضار إخطار المستشفى حتى يتم تسجيل الصغيرة فهذه اهم ورقة وبدونها لن يتم تسجيل الصغيرة، وهنا لجأت سهير إلى جارتها «شيماء» والتى تعمل في احدى المستشفيات لتطلب منها مساعدتها في ذلك الأمر نظير مبلغ مالى، طلبت منها إمهالها بعض الوقت حتى تساعدها فيما تريد، وبعد عدة ايام اتصلت «شيماء» بالجدة وأخبرتها بأنها تعرف طبيبًا سيساعدهم فيما يريدونه، فهو يمتلك مستشفى خاصة به، وبالفعل ذهبت سهير هي وزوجها إلى ذلك الطبيب والذى وافقهما على طلبهما، وقام هو والموظف الإداري بتزوير إخطار ميلاد جومانه وإثبات ميلادها داخل المستشفى محل عملهما،  لينجح مخططهما؛ ذهبت سهير وزوجها وشيماء إلى مكتب صحة المنيل لإثبات نسب الطفلة للجدة والجد، نجح الثلاثة في استخراج شهادة قيد ميلاد بالطفلة، وبعد صدور شهادة الميلاد الرسمية أصبح وجود الصغيرة مع سهير وزوجها امرًا طبيعيًا، ولن يستطيع أحد أن ينازعهما فيها حتى والدها ووالدتها الحقيقيين، وظن الاثنان انهما اصبحا أحرارًا يتصرفان فيها كما يشاءان كأنها سلعة تُباع وتُشترى!

 

عاودت سهير الاتصال بالحاجة «ز» تعرض عليها  إعادة جومانه لها مرة أخرى مقابل مبلغ مالي، هنا استشاطت الحاجة «ز» غضبًا من سلوك هذه المرأة وزوجها، واخذت توبخها وهددتها بإبلاغ الشرطة عنها، لكنها فوجئت بسهير تخبرها بأن جومانه صارت ابنتها ولديها كافة الأوراق الرسمية التى تثبت ذلك واهمها شهادة الميلاد!، شعرت الحاجة «ز»بأن هناك شيئًا مريبًا فكيف فعلت ذلك استخرجت لها شهادة ميلاد؟!،قررت «ز» أن تجاريها حتى تعرف الحقيقة، أوهمتها انها ستوافق على عرضها، وحددت معها ميعادًا ليتفقا على كل شيء، حضرت سهير وزوجها اليها في اليوم التالي وطلبا منها عشرة آلاف جنيه والتوقيع على سند دين بمبلغ 500 ألف جنيه إذا أرادت احتضان جومانة مرة أخرى.

خافت «ز» على الصغيرة، ابلغت عن سهير وزوجها واتفقت مع رجال المباحث أن توهمهما بالموافقة على كافة طلباتهما وحدد الثلاثة ميعادًا لإتمام عملية بيع جومانه، واثناء اتمام عملية البيع تم القبض على سهير وزوجها وشيماء الموظفة بإحدى المستشفيات التى رافقتهم في عملية البيع.

المحاكمة

تحرر محضر بالواقعة واحيل المتهمون الثلاثة إلى النيابة العامة وهناك توالت المفاجآت؛ حيث جاءت تحريات إدارة الإتجار بالبشر بقيام المتهمين الثلاثة ببيع الصغيرة، حيث شهد العميد حسام إبراهيم مدير إدارة الإتجار بالبشر بالإدارة العامة؛ بأن المتهمين الأولى والثانى ارتكبا واقعة اتجار بالبشر حيث تعاملا في الطفلة الصغيرة بعرضها للبيع على الشاهدة بعد استغلالهما لحالة ضعفها وصغر سنها حتى يكسبان من ورائها مبالغ نقدية ومنافع مادية.

فيما شهد المقدم أحمد محمد بقسم مكافحة جرائم الأموال العامة، أن المتهمين الجدة وزوجها والعاملة اتفقوا فيما بينهم على تزوير إخطار ميلاد الطفلة المجنى عليها بنسبها زورًا للجدة وزوجها، وأمدوا المتهم الرابع الطبيب والموظف بالمستشفى بالبيانات والتى قاموا بتسجيلها على خلاف الحقيقة ليستخرجوا شهادة ميلاد للصغيرة.

حاول المتهمان أمام النيابة العامة إنكار الاتهام  واقرا في البداية، أن الصغيرة ابنتهما إلا أن النيابة أمرت بعرضهما على الطب الشرعي لعمل تحليل البصمة الوراثية «DNA» للجدة وزوجها وجاءت النتيجة؛ أن هناك اختلافا في شقي البصمة الوراثية المستخلصة من عينتي دماء المتهمين الاولى والثانى مما يستحيل معه كون الطفلة ابنة لهما، وامام تقرير الطب الشرعى لم يستطع المتهمان إنكار جريمتهما واعترفا بما اقترفاه من تزوير ومحاولتهما بيع الصغيرة، واستدعت النيابة العامة كاتب صحة المنيل والذى اكد، أنه تلقى طلبًا من المتهم الثانى بقيد ميلاد الطفلة المجني عليها وقدم تحقيق شخصيته ونظيرتها الخاصة بزوجته ومستند زواجهما وإخطار ميلاد الطفلة الصادر من المستشفى التى يعمل بها  المتهم الرابع، فأجاب طلبه ظنًا منه بصحته وأتم قيدها بالمكتب وأصدر شهادة ميلادها بنسبها.

وانتهت النيابة العامة في تحقيقاتها إلى توجيه اتهامات الإتجار بالبشر للجدة وزوجها، بأنهما تعاملا في شخص طبيعى وهي الصغيرة جومانه بعرضها للبيع على الشاهدة الاولى الحاجة «ز» مقابل مبلغ مالى، كما اتهمتهما بالاشتراك مع المتهمة الثالثة شيماء في  تزوير محرر عرفي وهو إخطار الميلاد الخاص بالصغيرة بجعل واقعة مزورة في صورة صحيحة، وهي إثبات كون الطفلة ابنتهما على خلاف الحقيقة، كما وجهت لهم النيابة قيامهم بطريق الاتفاق والمساعدة فيما بينهم وبطريق المساعدة مع موظف عام حسن النية في تزوير محرر رسمي وهو شهادة قيد ميلاد الطفلة، وكان ذلك بجعلها واقعة مزورة في صورة صحيحة مع علمهم بذلك حال تحريرها من الموظف المختص، وانتهت النيابة العامة الى احالة المتهمين الخمسة الجدة وزوجها والعاملة والطبيب وموظف المستشفى، إلى محكمة جنايات الجيزة مع ستمرار حبس المتهمين الثلاثة احتياطيًا على ذمة المحاكمة.

وأمام محكمة جنايات الجيزة دائرة الإتجار بالبشر برئاسة المستشار محمد الجندي، وعضوية كل من المستشارين الدكتور على عمارة، ومحمد احمد صبرى، مثل المتهمون الثلاثة إلا انهم لم يحضر معهم محامي فقررت هيئة المحكمة تأجيل القضية لجلسة 18 إبريل لندب محام لكل من المتهمين الأولى والثانى والثالثة، ولحضور المتهمين الرابع والخامس، بشخصهما مع استمرار حبس المتهمين الثلاثة، وعلى النيابة إحضارهم من محبسهم في الجلسة التالية.