كشف المستور..

«الحرب الأوكرانية» أظهرت زيف ادعاءات حرية الإعلام وحقوق الإنسان في الغرب

 د. إيمان زهران  -- طارق البرديسى
د. إيمان زهران -- طارق البرديسى

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، تتجه أنظار جميع دول العالم إلى حيث البقعة المشتعلة بالأحداث ودوى المدافع وطلقات الرصاص، والتى بات لها تأثير كبير على معظم دول العالم على مختلف الأصعدة، تلك الحرب التى كشفت الكثير من الحقائق وأظهرت الوجه الحقيقى للغرب، ومن أهم تلك الحقائق أن الغرب يطبق معايير مزدوجة ويتعامل مع الشعوب بتحيز وعنصرية ويكيل بمكيالين فى التعامل مع أى أزمة وفق مصلحته فقط، فقوة المبادئ تتجلى فى تطبيقها على الجميع دون تمييز، والغرب يضعف تلك المبادئ عندما يطبقها بشكل متحيز طبقا لمصالحه.


 شهد شاهد من أهلها، فقد كتب الصحفى والكاتب البريطانى المعروف بيتر أوبورن، أحد أدواتهم والذى استخدمه الغرب كثيرًا فى السابق للهجوم على من يريدون مهاجمته، مقالًا قال فيه إن الغرب اندفع لمساعدة أوكرانيا ضد روسيا، لكن لم تكن لديه رحمة على غزة واليمن وسوريا وميانمار، ووصف «أوبورن» الغرب بالنفاق، فإدانة حرب روسيا على أوكرانيا من الغرب تتطلب فى الوقت نفسه إدانة كل أشكال العدوان على الشعوب ورفض انتهاك حقوقها فى الحرية والديمقراطية، وقد لاحظ الرئيس الروسى «بوتين» ذلك النفاق الغربى واستغله فى الهجوم على الغرب وعلى وسائل الإعلام الغربية، فقال إن الغرب يهتم بالأوكرانيين لأنهم ذوو بشرة بيضاء، مشيرًا إلى تعليق قناة «سى بى إس» الأميركية بأن أوكرانيا دولة أوروبية متحضرة ليست مثل العراق وسوريا.


حرب إلكترونية


تعرض الإعلام الروسى إلى ما يشبه حرب إلكترونية من منصتى التواصل الاجتماعى فيس بوك وتويتر ومحرك البحث GOOGLE، وتعرضت قناة روسيا اليوم ووكالة سبوتنيك إلى سلسلة إجراءات من حظر أو تقييد انتشارها بحجة دعمها لقرار الحرب الروسي، وانضم بعدها إلى تلك الإجراءات موقع YouTube ، حيث أعلن أنه سيحجب قنوات وسائل الإعلام الحكومية الروسية فى جميع أنحاء العالم، وصدر بيان عن الموقع جاء فيه أن منصة مشاركة الفيديو تريد إزالة المحتوى الذى ينكر أو يقلل من أهمية أحداث العنف الموثقة جيدًا، لأنه يتعارض مع المعايير الخاصة به، مشيرًا على وجه التحديد إلى المحتوى المتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية الذى اعتبره ينتهك هذه السياسة، وأعلن YouTube أنه سيوسع نطاق هذه الرقابة ليشمل الكوكب بأكمله، بما فى ذلك جميع القنوات المرتبطة بوسائل الإعلام الروسية التى تمولها الدولة.


وفى الوقت ذاته اتخذت شركة ميتا المالكة لشبكات التواصل الاجتماعى فى 11 مارس قرارًا غير مسبوق من خلال السماح بنشر معلومات تحتوى على دعوات للعنف ضد المواطنين الروس عبر شبكات التواصل الاجتماعى فيسبوك وإنستجرام وتويتر.


وأيًا كانت أسباب الحرب فنحن لا نريد من هذا التحقيق تبنى وجهة نظر معينة للأطراف المتحاربة، ولكننا نسلط الضوء فقط على ازدواجية المعايير لدى الغرب، وكشف كذب إدعاءاتهم وإطلاقهم دعوات بالحرية وعدم التدخل فى شئون الآخرين ودعوات الديمقراطية الزائفة، كل هذا وذاك فيما لا يتعارض مع مصالحهم فقط، ولكن حينما تصل الأمور إلى مصلحتهم فإنهم لا يبحثون سوى عن مصلحتهم فقط، ولا يلتفتون لأى مبادئ أو معايير أو حتى قوانين، ويدهسون كل ما فى طريقهم من أعراف أو قوانين أو مبادئ لتحقيق مصالحهم...

وفى السطور التالية نستعرض آراء بعض الخبراء المتخصصين فى الشأن الدولى للتعرف على تجاوزات الغرب فى هذا الشأن واتباعهم لمبدأ الكيل بمكيالين.


استخدام المرتزقة


أكد د. أحمد الهاشمي، الباحث فى العلاقات الدولية والمتخصص فى الشأن الأوروبي، أن أزمة الحرب الروسية الأوكرانية أظهرت مدى ازدواجية المعايير فى المواقف الغربية على أكثر من اتجاه، فمبدأياً سمحت الشركات الغربية وعلى رأسها شركة «ميتافيرس» باستخدام خطاب يحرض على العنف إذا كان موجهاً للطرف الروسى على منصات التواصل الاجتماعى والتى تشمل فيس بوك وانستجرام فى استثناء عجيب لقواعدها المعلنة مسبقاً والتى تطبقها بشكل صارم. 


وأضاف فى تصريحات خاصة لـ«الأخبار» أن الأمر لم يقتصر على ذلك، بل امتد ليشمل غض البصر عن منصات مختلفة عملت على جمع عدد من المرتزقة من المقاتلين السابقين ببعض الجيوش الغربية وتسهيل إيصالهم إلى الأراضى الأوكرانية، وهو أمر مخالف تماماً للمواقف الغربية فى هذا الشأن، أو ادعاءات الغرب التى اعتادت دائمًا انتقادها لمسألة توظيف المرتزقة فى الصراعات الدولية، كما أن ذلك يعد مخالفة صريحة لمبادئ القانون الدولى والأعراف الدولية فى هذا الصدد. 


من جانبها علقت د. إيمان زهران، مدرس العلوم السياسية والمتخصصة فى العلاقات الدولية والأمن الإقليمي، بأن أحد أهم المآخذ على أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، ما تم صياغته من ازدواجية بالمعايير والقيم الغربية خلال ممارسات الغرب الخارجية فى التعامل مع الأزمة.


وأضاف فى تصريحات خاصة لـ»الأخبار» أن تلك الممارسات انعكست فى عدد من المشاهد، أبرزها الازدواجية الغربية فى الحديث حول أهمية التزام الدول بقواعد القانون الدولى، وما تضمنه ميثاق الأمم المتحدة حول تبنى الدول للنظام الديموقراطى واحترام حقوق الإنسان، وهو ما لم يتم الالتفات إليه فى الإدارة الغربية لأبعاد الأزمة الأوكرانية، إذ تم التغاضى عن تلك المعايير مقابل الأجندات الجيوسياسية والاقتصادية الغربية، على سبيل المثال، انجرفت المنظومة الغربية نحو المطالبة بإبعاد روسيا الاتحادية من عضويتها الدائمة فى مجلس الأمن الدولى حتى لا تتمكن من استخدام حق النقض «الفيتو» للحيلولة من إدانتها من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا.


وأشارت «زهران» إلى الازدواجية الغربية أيضًا عبر توظيف آلية «التضليل المعلوماتى»، من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات، مثل التصريحات الرسمية المتقابلة، وتوظيف وسائل التواصل الاجتماعى باعتبارها أداة فى حرب المعلومات ضمن ما يُعرف بدبلوماسية تويتر Twiplomacy، وكذلك وسائل الإعلام المفتوحة المصدر، مثل التقارير الإعلامية، والخرائط، وصور الأقمار الصناعية؛ للكشف على تطورات الصراع.  


النفاق الغربى


وفى ذات السياق أكد طارق البرديسي، خبير العلاقات الدولية والمحلل السياسي، أن ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين لدى الغرب معروفًا ويعتبر من الأمور «الكلاسيكية» وليس جديدًا عليهم ولا يدعو للتعجب، والأمثلة على ذلك كثيرة والتاريخ حافل بمثل هذه المواقف، وليس هناك أى عجب من أن يدعى الغرب أمورًا ويدعو إليها فى الوقت الذى لا يطبقها على نفسه ويخالفها فى شتى المواقف.


وأضاف فى تصريحات خاصة لـ»الأخبار» أن من أمثلة ازدواجية المعايير لدى الغرب عبر التاريخ وتعاملهم بهذا «النفاق الغربي» موقفهم خلال حرب السويس وعدوان فرنسا وبريطانيا على مصر عام 1956، والغزو الأمريكى لكل من أفغانستان وللعراق، وتدخل «الناتو» فى ليبيا وسوريا والتدخل فى شرق الفرات، مؤكدًا أن فكرة «الدهس» على القانون والأعراف الدولية يتبعها الغرب منذ قديم الأزل.


وتابع «البرديسي» أن «الناتو» دائما ما يدعى ويدعو لعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول فى الوقت الذى يتدخل هو فى شئون الدول الأخرى، باستثناء الدول التى تمتلك «النووي» مما يؤكد عدم تطبيق القانون إلا على الضعفاء فقط، مشيرًا إلى أن أيضًا فكرة استخدام «المرتزقة» تعد خرقًا للقانون الدولى العام و»دهسًا» للسيادة الوطنية للدول والتدخل فى شئونها، وهو أيضًا يكذب ادعاءات الغرب بالحيادية أو التزام القانون، ويكشف مدى ازدواجية المعايير والكيل بمكيالين لديهم.

اقرأ أيضا

روسيا تتلقى 15 طلبًا لتوريد طائرات الاستطلاع الهجومية «أوريون - أيه» المسيرة