قريباً من السياسة

اجعلوا رمضان للصوم والعمل

محمد الشماع
محمد الشماع

قبل أن يبدأ الشهر الكريم علينا أن نعقد العزم على تلافى الظواهر التى تتناقض تماما مع أوضاعنا الاقتصادية وخصوصا الفقراء، بل وأيضا الطبقة التى كانت متوسطة بسبب ما تعرض له العالم ومصر من أزمة غذائية طاحنة.

يجب علينا جميعا أن نعمل على إعادة شهر الصوم إلى الهدف الحقيقى منه كشهر للتقشف والتضامن وإحساس الأغنياء بصعوبات الحياة التى يعيشها الفقراء طوال العام، ولابد أن تضع أجهزة الإعلام وخاصة التليفزيون بكل تنويعاته هذا الهدف فى اعتبارها لتوعية الناس من جهة ومن جهة أخرى بالتقليل من ظواهر الاستفزاز فى الإعلانات التليفزيونية. وعلى رجال الدين أن يقوموا بدورهم فى التوعية.

لابد من وضع معايير جديدة للإعلان التليفزيونى، لا أعرف كيف يمكن أن يتم ذلك، ولكن من غير المعقول أن تركز الإعلانات على صور الموائد الضخمة التى لا يقدر عليها معظم المصريين من أجل تسويق زجاجة زيت أو علبة سمن صناعى!


 الإعلان الذى يستهدف الفقراء لتسويق زجاجة زيت يتضمن فى طياته إذلالا لهؤلاء الفقراء ويزيد من حجم التطلعات بوصفة الموائد الباذخة المليئة بالأطباق المتشابهة.

وطوال شهر رمضان تطل علينا يوميا برامج المائدة فى الإذاعة والتليفزيون تشرح للمشاهدين كيفية إعداد طعام الإفطار وتعدد لنا مزايا الوجبات والأطعمة التى تقدمها، ماذا تأكل اليوم وضرورة تنوع هذه الأطعمة، فاليوم حمام محشى بالفريك والسلاطات خضراء أو بيضاء أو سفنديس بكاتا صوص بالمشروم أو اوزى بالمندى، وممكن يكون الإفطار بلا نكت فيل بالتفاح ويجب أن يشترى من محلات السوبر ماركت الشهيرة لضمان جودته.. وعدم انتهاء صلاحيته!!  كل هذه الأكلات يتم إعدادها أمام المشاهدين والمستمعون الغلابة قاعدون بيبحلقوا ولعابهم يسيل وهم يحلمون بالتهام وجبة من هذه الأطعمة التى تعد أمام أعينهم وعلى جميع القنوات المحلية والفضائية وبعض برامج الإذاعة!

ألم يخطر ببال المسئولين عن هذه البرامج الظروف الاقتصادية الصعبة التى نمر بها وارتفاع الأسعار التى لم يعد أحد يقدر على تحملها. إن سعر وجبة واحدة من هذه الأكلات لأسرة واحدة تنسف مرتب شهر كامل لموظف أو رب أسرة متوسطة الحال.

ألم يخطر ببال هؤلاء المسئولين أن مشاهدى البرامج يمثلون ٩٠٪ من أبناء الشعب المصرى الذين يصرخون ويئنون من نار الأسعار ويفكرون مائة مرة قبل أن يذهبوا إلى الجزار ويبحثوا عن محلات الجملة ومنافذ الحكومة ويفتشوا عن جمعية فئوية لكى يحصلوا على زجاجة زيت أو كيلو أرز أو فول ولولا جهود الحكومة والسيارات المتنقلة والمجمعات الأهلية لكانت الطوابير أطول مما تتخيل!