من مذكرات الفنانين: لورنس العرب.. عودة للحياة

عمر الشريف
عمر الشريف

ريزان العرباوى

تعتبر مذكرات الفنانين خاصة النجوم, منبعا خصبا وكنزا دراميا لصناع الفن وزاد إبداعى لا ينضب, فهى تدخل فى عمق الحياة الخاصة لهم، وتستعرض أسرار وتفاصيل وكواليس قد تكون خطيرة تروى على ألسنتهم, وتغوص فى مشاعرهم الإنسانية وعلاقاتهم العاطفية، والتى تشكل عامل جذب كبير يدغدغ فضول الجماهير لمعرفتها, لاسيما وإن كانت لفنان كبير بحجم الراحل عمر الشريف, فحياته الخاصة أشبه بمغارة على بابا لما تفيض به من أسرار وغموض, ومؤخرا أثار خبر تقديم مذكرات عمر الشريف خلال عمل تلفزيونى جدلا كبيرا بين مؤيد ومعارض ومخاوف من تخطى عنصر المصداقية والأمانة لنقل الأحداث, فهل سيتمكن صناعه من إضافة بعدا جديدا على هذا النمط الفنى بعيد عن النهج التقليدى والأشكال الباهتة, دون أن تشكل طعما يقع بالفريسة فى الفخ. 

أعلن السيناريست هيثم دبور عن حصوله على حقوق تحويل مذكرات الفنان العالمي عمر الشريف إلى عمل درامي, وأردف ذلك ببيان له عبر حسابه الرسمي بفيسبوك, جاء فيه: “حصل السيناريست والروائي هيثم دبور على حقوق تحويل مذكرات الفنان العالمي عمر الشريف إلى مسلسل درامي, وذلك بعد توقيع عقد مع طارق عمر الشريف, نجل عمر الشريف وسيدة الشاشة العربية فاتن حمامة”.

 

وأضاف، كان عمر الشريف قد تطرق في مذكراته الخاصة لكواليس صعوده إلى هوليوود, واحترافه البريدج, وتفاصيل أخرى عديدة لم يسبق عرضها بالإعلام العربي، مضيفًا المذكرات تمتاز بالجرأة والصدق الشديدين”, معبرا عن سعادته بتولي مسئولية ظهورها للشاشة.

من جانبه أبدى طارق عمر الشريف حماسه لرؤية تلك المذكرات في عمل فني كبير على إحدى المنصات العالمية عبر إنتاج يليق بذكراه, ويعكس مكانته في تاريخ السينما”.


تواصلت “أخبار النجوم” مع السيناريست هيثم دبور للوقوف عند تفاصيل العمل وكيف نشأت الفكرة وظروف التحضيرات, إلا أنه تكتم التفاصيل رافضا الإدلاء بأى معلومات فى الوقت الراهن, واكتفى بما جاء فى البيان السابق.

من جانبه، نفى المخرج أمير رمسيس ما تردد من أخبار حول قيامه بمهمة إخراج العمل, قائلا: “أخبار غير صحيحة فلم أكلف بإخراج العمل وكل معلوماتى أنه مشروع يخص المؤلف هيثم دبور, ولا أمانع من تقديم عمل فى نفس الإطار, فأنا من مؤيدى تجارب السير الذاتية لما تشكله من مادة ثرية وغنية قادرة على تكوين عمل درامى ناجح, والتحدى الحقيقى فى هذا النمط هو عملية التحويل فى حد ذاتها من مذكرات إلى عمل فنى مكتمل البناء الدرامى.

وعبر عن حماسه لفكرة تقديم السيرة الذاتية لعمر الشريف, فلديه تجارب حياتية مختلفة وتاريخ قادر على صناعة عمل جذاب ومشوق، بينما أشاد رواد التواصل الاجتماعي بالفكرة, مطالبين المؤلف بضرورة تحرى المصداقية, حتى وإن كانت الحقائق ستصدم الناس.


وكان للنقاد وصناع الفن رأيا خاصا بشأن تحويل مذكرات عمر الشريف لعمل درامى. ورؤيتهم لهذا النمط الفنى وما الشروط اللازمة للنجاح؟.

تقول الناقدة الفنية خيرية البشلاوى: “تلعب دراما السيرة الذاتية دورا مهما ومؤثرا لما تقدمه من مادة تعريفية بحياة المشاهير وتشكل منطقة جذب للجمهور لقدرتها على سرد أدق التفاصيل, لكنها تجربة محفوفة بالمخاطر, ولتجنبها يجب على صناع العمل تحرى الصدق والأمانة عند تحويل تفاصيل حياة المشاهير إلى بناء درامى ومعالجتها على أسس مهنية.


 وتتابع: “يمكن اختصار عناصر الجذب والنجاح لهذا النمط الفنى فى نقاط معينة أهمها المصداقية, ونحن أمام شخصية مثل عمر الشريف الذى يمتاز بالشفافية والجرأة فى تصريحاته ومنها على سبيل المثال تصريحات تفيد بندمه لامتهانه الفن, ومن المؤكد أن هناك جوانب خفية وأسرار شخصية جدا تخصه، ومن حوله, وأيضا تخص نجله المعروف عنه بميوله الغريبة مع العلم أن عمر الشريف لم يجد أدنى غضاضة فى تقبل ذلك, فهل سيقدم هذا الفكر الذى يتناقض مع شرقيتنا والثوابت المجتمعية, كما أن له تجارب مركبة, تجربته الفنية وحياته فى مصر وتجربته فى الغرب واستخدامه فى هوليوود وتجسيده لشخصيات مهمة من منظور هوليودى غربى, فهل سيتم معالجة ذلك بمصداقية أيضا, والمحك هنا يعتمد على قدرة الكاتب فى انتقاء واختيار ما يجب ذكره, كذلك ما يجب التغاضى عنه, بشكل لا يصورهم على أنهم ملائكة لا يخطئون ودون الإسهاب فى ذكر تفاصيل وأسرار قد تسئ لهم وتشوه صورتهم فليس كل ما كتب ينشر للعامة”.

وتتضيف: “النقطة الثانية التى يجب أن توضع فى الاعتبار, معايير اختيار من سيجسد الشخصية, فهى تحدى كبير لأى فنان يقدم على هذه التجربة, ويجب أن يكون فنانا محبوبا وله باع وخبرة فى العمل الفنى وليس وجه جديد, ومعروف أن عمر الشريف يمتلك كاريزما عالية وشخصية جذابة, ينعكس ذلك من خلال ثقافته ومظهره وطريقة كلامه وطبقات صوته ولهجته, فهل سيكون الممثل مطابق للمواصفات وقادر على أن يعيد إنتاج هذه الشخصية بتكوينها الخارجى والداخلى دون النظر والاعتماد فقط على الشكل فى تحديد الاختيار حتى يصل بالمتلقى للمصداقة المطلوبة”.

وتقول: من العناصر الهامة أيضا الميزانية والقيمة الإنتاجية, فهذا النمط الفنى يحتاج إلى ميزانية عالية لتحقيق عنصر الإبهار والجذب والخروج بالشكل المطلوب”، مضيفة غياب النقاط السابقة كانت سببا فى فشل واخفاق بعض التجارب, فدراما السيرة الذاتية لن تنجح وتحقق الثراء الفنى دون اكتمال العناصر الدرامية الأساسية”.

لا تميل المخرجة رباب حسين لتقديم هذا النمط الفنى وتفضل قراءة السير الذاتية من خلال الكتب التى تفتح آفاق التخيل لدى القارئ دون حواجز أو فرض رؤية من وجهة نظر الصناع قد لا تتفق مع رؤيته والصور التى يرسمها فى خياله لتلك الشخصيات, وتقول: “نمط محير جدا وصعب يجب أن يقاس بميزان من ذهب, يتطلب أن يتحلى الكاتب بالذكاء الذى يرشده لاختيار الأحداث والتفاصيل بشكل يضمن له التوازن المطلوب وتحقيق المعادلة الصعبة فمذكرات يعنى أسرار وحياة الفنان بها أسرار قد تسئ له ولأسرته والمحيطين به لذا يجب الحرص الشديد عند تحويلها دراميا حتى لا نشوه صورتهم, خاصة وأننا بصدد الحديث عن شخصيات غابت عن الوجود إلا أنها استقرت فى وجدان الجمهور وعمر الشريف بطل عالمى ومن الممكن أن يتم ترجمة هذا العمل إلى لغات مختلفة.

وتتابع قائلة: “التجارب السابقة لم تكن موفقة وأسباب خروجها بهذا التواضع اختصرها في غياب المخيلة الإبداعية, وضعف المعالجة الدرامية, وقلة الموارد المالية, والابتعاد عن ابتكار أنماط تخدم التعبير البصري الجمالي, وشابها عيوب فى الرؤية الفكرية والتنفيذية فكانت النتيجة ظهور مسوخ درامية, أضف إلى ذلك البحث عن السمات الخارجية الظاهرية, وتقليد الشخصية وليس تجسيدها، ما يجعل الجمهور يقارن بين الشخصية الرئيسية وبين ما يراه على الشاشة, كما أن بعض التفاصيل التي تقدم في عشرات الحلقات لا تعني للمشاهد شيئا فقد يسهب المؤلف والمخرج بذكر تفاصيل خاصة بعائلة الفنان وجيرانه وأصدقائه, ويمل المشاهد فهو لا يهتم إلا بتفاصيل حياة الفنان.

وهناك نماذج كثيرة لتقديم دراما السيرة الذاتية وكان أبرزها مسلسل “السندريلا” قدمته منى زكى عن سيرة الراحلة سعاد حسنى, تعرض المسلسل لانتقادات كثيرة, إذ رأى عدد من الفنانين وصناع الدراما أنه لم يتطرق لمراحل هامة في حياة سعاد حسني, المسلسل كتبه السيناريست ممدوح الليثي إلى جانب عاطف بشاي.

وقدم قطاع الإنتاج بالتليفزيون المصري عام 1999 مسلسل عن السيرة الذاتية لكوكب الشرق أم كلثوم أخرجته إنعام محمد علي وجسدت صابرين البطولة عرض المسلسل في شهر رمضان وحقق نسب مشاهدة عالية, واعتزلت صابرين الفن خوفا على النجاح الذي حققته. 

وقدمت الفنانة اللبنانية كارول سماحة السيرة الذاتية لصباح كتبها فداء الشندويلي وأخرجها أحمد شفيق وشارك به عدد من النجوم، هذا العمل لم يسلم من الانتقادات بسبب ضعف المستوى وعدم تحرى الدقة فى نقل تفاصيل حياة الشحرورة. 

جسد أكثر من فنان شخصية العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ على الشاشة واستطاع أحمد زكى أن يحقق النجاح المطلوب, ولكن لم يحظ شادى شامل بالنجاح ذاته فى تجربته “العندليب حكاية شعب” وتعرض للانتقادات لعدم امتلاكه الخبرة الكافية لتجسيد الشخصية دون تقليدها. 
وقدمت الفنانة السورية سلاف فواخرجى مسلسل “أسمهان” جسدت من خلاله شخصية المطربة الراحلة اسمهان وأخرجه التونسي شوقي الماجري.