«هاملت بالمقلوب».. يكشف مشاكل العالم في 60 دقيقة

« هاملت بالمقلوب »
« هاملت بالمقلوب »

منذ عام 1602، حينما انتهى وليم شكسبير من تأليف مسرحية “هاملت”، وهي تقدم مئات المرات بعشرات اللغات والطرق الفنية، من مسرح إلى سينما إلى تليفزيون، لكنها تبقى دائما رواية قابلة لإعادة التقديم، وإختبار حقيقي في التمثيل لمن يشاركون في تقديمه، لكن هذه المرة كانت الرؤية مختلفة في تقديم الرواية المسرحية، حيث استطاع د. سامح مهران أن يقدم كل مشاكل العالم الحديث والصراعات بين الدول والثقافات في 60 دقيقة مستغلا في تقديمه لذلك صراع “هاملت” مع عمه على السلطة.. في السطور التالية يتحدث أبطال وصناع العمل عن تجربتهم مع عالم شكسبير، وكيف طوروا في الرواية شكلا ومضمونا..

 

افتتح الفنان إسماعيل مختار - رئيس البيت الفني للمسرح – مساء الخميس الماضي، العرض المسرحي الجديد “هاملت بالمقلوب” على مسرح “السلام”، من إنتاج فرقة “المسرح الحديث”، وذلك بحضور د. أشرف زكي نقيب الممثلين، الفنان محسن منصور مدير فرقة “المسرح الحديث”، المخرج عادل حسان مدير فرقة “مسرح الطليعة”، د. سامح مهران، المخرج ناصر عبد المنعم، الفنان سامح الصريطي، المخرج أحمد السيد، الناقد محمد الروبي، وسط حضور جماهيري كبير، مسرحية “هاملت بالمقلوب” بطولة عمرو القاضي، خالد محمود، أيمن الشيوي، سمر جابر، نهاد سعيد، ومجموعة من الوجوه الجديدة من شباب المعاهد الفنية والمسرح الجامعي، وإهداء المشاركة الصوتية والسينمائية من الفنان القدير خالد الصاوي، تأليف سامح مهران، وإخراج مازن الغرباوي.


في البداية يقول المخرج مازن الغرباوي عن العرض: “أسعى دائما للتنوع في الموضوعات التي أقدمها، وخلال الفترة الأخيرة كنت شديد الحرص على تقديم موضوعات مسرحية مختلفة وجديدة تناقش قضايا مهمة وذات أهمية كبيرة لدى الجمهور، وكان ذلك متوافر في نص (هاملت بالمقلوب) الذي كتبه د. سامح مهران، فمنذ قراءتي للنص جذبني قوته وحداثته المنبثقة عن مفاتيح مهران السحرية في الكتابة، بالإضافة إلى فكرة العمل وطريقة التناول والمعالجة الجديدة”، وأضاف الغرباوي: “أستخدمت في العرض تقنيات حديثة لم تستخدم من قبل في أي من عروض هاملت على مستوى العالم، حيث قدمت شخصية شبح والد هاملت بشكل غير تقليدي، والذي يظهر لأول مرة بتقنية (هولوجرام)”.

 

وعن مشاركة الفنان خالد الصاوي في العرض يقول الغرباوي: “كان هناك ترشيحات كثيرة لتقديم دور والد هاملت، وكنا دائما نفكر في تقديم شبح والد هاملت بشكل جديد، وحين تواصلت مع الفنان خالد الصاوي رحب كثيرا بالفكرة بمجرد قراءته للنص، فهو رجل مسرحي من الدرجة الأولى، ونجم كبير، وله باع طويل في التمثيل، وإحساسه بنبض المسرحيين كان القاسم المشترك بيننا وبينه، حتى أنه يشارك في العمل متطوعا دون أجر، وبهذه المسرحية يعود الصاوي لخشبة المسرح بعد غياب أستمر أكثر من 22 عاماً منذ آخر ظهور له بمسرحية (اللعب في الدماغ) عام 2007، سعيد جداً بالعمل معه، فهو من أهم مخرجي المسرح المستقل، وله تاريخ كبير، وذلك التعاون لن يكون الأخير بيني وبينه”.

 

د. سامح مهران مؤلف العرض، تحدث عن تجربته الجديدة في عالم شكسبير قائلا: “(هاملت بالمقلوب) عمل مسرحي عن ذلك العقل الغربي الذي انقسم على ذاته، وبدأ في معاداة كل ما هو خارج ثقافته، فالعرض ينتقد ادعاء الغرب للحرية والديمقراطية، واستغلاله هذه الإدعاءات، والعرض يجاري الواقع ومتغيراته بحساسية شديدة وفق إيقاع مختلف ومميز”، ويضيف مهران: “يبدأ العرض بشكل بسيط وشيق، ويظهر هاملت بصورة عصرية، ويقدم العرض الصراع على السلطة في (الدنمارك)، بين الأمير وعمه، حيث قام عمه بإستخدام مواقع التواصل الإجتماعي لتشويه هاملت أمام شعبه، ويتفق العم مع ممثل الكنيسة على بيع الأوهام للشعب ليستحوذ على السلطة بعد أن زج بهاملت في مستشفي الأمراض العقلية”.

 

ويتابع مهران: “هاملت هنا هو الرجل الشعبوي في أوروبا المعادي للجميع وللحريات بعد أن انقلب على العقل الغربي نفسه، فكل مقولات الغرب إنقلبت على نفسها، وتحولت إلى نقيضها، وهذا ينعكس علينا لأننا نأخذ أفكاره ومقولاته بتسليم مفرط، هنا كان يجب التصدي لهذه الموجة، كما أردت توضيح التحولات التي حدثت في العقل الغربي، حتى نبدأ في الإعتماد على أنفسنا وعقولنا، ولا ينبغي أبدأ أن تكون عقول المصريين مستهلكة للأفكار فقط، فينبغي أن ننتقل إلى منطقة إنتاج المعرفة وليس إستهلاكها”.


عمرو القاضي بطل العرض كشف تفاصيل تجربته الجديدة مع هاملت: “أحرص على التواجد على خشبة المسرح من خلال عروض كبيرة تضاف لرصيدي، خاصة أنني ركزت مؤخرا في السينما بعدما غاب عن المسرح النصوص الجيدة، حتى حصلت على عرض (هاملت بالمقلوب)، والذي جذبني لأنه يتناول المسرحية الشهيرة لكن بطريقة جديدة ومختلفة.

والنص مغري لأي ممثل، لكنه صعب أيضا، فالشخصية مليئة بالتحديات، وهو ما شجعني على خوض تلك التجربة”، وأضاف القاضي: “أقدم دور (هاملت)، والعديد من الفنانين من مختلف الجنسيات قدمت نفس الشخصية على المسرح وفي السينما وحتى مسلسلات، لذلك كان لدينا حرص على التجديد في كل تفاصيل العمل، ونحن لا نقدم مسرحية تجارية المحتوى، بل ننفذ ما تعلمناه في المعهد العالي للفنون المسرحية عن القواعد السليمة للعمل المسرحي”.


إشادة كبيرة حصل عليها الفنان خالد محمود عن تجسيده لدور “القس بولونيوس”، الذي يرسم الخطط والمؤامرات للملك “كولوديوس”، ويكشف خالد عن تفاصيل دوره قائلا: “العمل يتناول قضايا إنسانية كبيرة، ومنذ قراءتي الأولى للنص وأنا معجب بالمعالجة الدرامية التي كتبها د. سامح مهران، والمختلفة تماما عن كل العروض الموجودة في السوق حاليا، فنحن نقوم ببروفات للعرض منذ أكثر من عام، بسبب إجراءات خاصة بالمسرح عطلت خروجه للنور.

وبرغم من ذلك كنت حريصا على التواجد في ذلك العرض، فمن أجل (هاملت بالمقلوب) أعتذرت عن المشاركة في عروض مسرحية كثيرة، لأن الرسالة التي تقدمها المسرحية هو ما يحدث في العالم حاليا، والعرض لا يتناول الدين بأي شكل من الأشكال، لكنه يوضح من المتحكم في السلطه بالعالم أجمع، ومن يدفع ثمن ذلك التحكم، وهم الشعوب المتمثلة في شخصية (هاملت)، واستطاع مؤلف العمل أن يقدم كل هذه المفاهيم في ساعة واحدة فقط”.


يجسد الفنان أيمن الشيوي في العمل شخصية “كولوديوس”، وهي شخصية تتحكم في العالم بالخفاء، مستغلة في سبيل ذلك الدين والاقتصاد والسياسية، وعن الدور يقول الشيوي: “الشخصية صادمة للجمهور ولي، فالأحداث هنا تعطي رؤية أكبر لما يحدث في العالم، وليس مجرد صراع على السلطة بين ملك وابن أخيه، مساحة الصراع هنا ليست مملكة الدنمارك كما في رواية شكسبير، بل العالم كله”، ويضيف الشيوي: “العمل عالي المستوى، ويكفي أنه تصدر لكتابته د. سامح مهران، وقاد إخراج العمل مخرج واعد بكل المقاييس مازن الغرباوي، لذلك أنا سعيد بوجودي ضمن فريق العمل، كما أن مسرح الدولة هو بيتي الذي ألجأ له، وهو آخر قلاع الثقافة والفن في مصر، والمشاركة فيه واجب وطني، فنحن نضحي بأجورنا ووقتنا من أجله، ويكفي أننا نستمر في بروفات لمدة عام بدون أجر”.

اقرأ ايضا | محمد مهران: « زوجتي متفاهمة».. والغيرة الزوجيه مالهاش وجود في حياتي