نبض السطور.. ما بين رفع الأعمال ورفع الأسعار

خالد ميري
خالد ميري

فى شهر شعبان نجتهد فى العبادة، ففيه ترفع أعمال السنة كلها إلى الله عز وجل، لكن التجار فى بلدنا فهموا الرسالة بالخطأ، فقرروا رفع الأسعار بديلاً عن رفع الأعمال.

تأثيرات الحرب الروسية - الأوكرانية لم تصلنا سريعاً هكذا، والتجار يبيعون سلعاً موجودة لديهم، ولم يستوردوا بعد بسعر مرتفع حتى ترتفع الأسعار، لكنهم استغلوا حالة الخوف والقلق التى انتابت الناس فى بلدنا، كما حدث فى كل بلدان العالم.. واستغلوا إقبال مجموعات على الشراء والتخزين، ليرفعوا الأسعار بشكلٍ مغالى فيه بحجة أنها ارتفعت فى كل دول العالم، وهذا حق، ولكن ما أريد به باطل.. فعندما تستورد بسعر مرتفع يكون من حقك أن تبيع بسعر مرتفع، أما أن تكون السلعة لديك بسعرها القديم، وترفع الأسعار لأنها ارتفعت فى كل العالم، فهذا استغلال لا يجوز، ولا يمكن السكوت عنه.
الحكومة تدخلت بحسم لتراقب الأسواق وتعلن أسعاراً استرشادية، والدولة توفر كل السلع بأسعار مناسبة جداً فى كل المجمعات وأماكن التوزيع التابعة لها، والنتيجة أن سلعاً كانت أسعارها قد ارتفعت بلا مبرر، عادت للانخفاض من جديد، والمواطن دوره أساسى فى ألا يسمح لتاجر بأن يستغله، وألا يتجه للشراء والتخزين بداعى الخوف، فالسلع كلها متوافرة، ولدينا مخزون كاف منها، ولن يحدث نقص فى أية سلعة. حدث ذلك فى ظل أزمة كورونا التى امتدت عامين، ويحدث ذلك الآن، كل السلع موجودة وفى كل مكان.

الأزمة الحالية تفتح الباب للسؤال المهم.. ماذا لو لم تكن مصر - السيسى تسابق الزمن للعمل والإنتاج.. ماذا كان سيحدث لو لم نكن  قد أنجزنا فى سبع سنوات مع الرئيس السيسى ما كان يحتاج لنصف قرن؟

الإجابة ببساطة، لو لم يكن هذا قد حدث لكانت أنفاسنا قد تقطعت مع أزمة كورونا، ولكنا خررنا راكعين مع أزمة الحرب الروسية الأوكرانية. تخيلوا ماذا كان سيحدث لو لم تكن مصر قد حققت الاكتفاء الذاتى من الغاز، وبدأت تجنى ثمار التصدير، ماذا كان سيحدث لو لم نسدد مستحقات شركات البترول لتعمل بكامل طاقتها، وتوفر ما يقرب من ثلثى احتياجاتنا، وفى الطريق خطة للوصول للاكتفاء الذاتى.. ماذا كان سيحدث لو لم نكن  قد أنجزنا مشروعات الكهرباء العملاقة. ماذا كان سيحدث لو لم نسابق الزمن لاستكمال مشروعات الدلتا الجديدة وتوشكى وشمال سيناء.. ولو لم نضف حتى الآن ما يزيد على المليون فدان مستصلح، مع وقف التعديات على الأراضى الزراعية، لنصل إلى ٦٠ ٪ من احتياجاتنا من القمح، ولنصبح الدولة الأولى فى تصدير الموالح، ماذا كان سيحدث لو لم نحقق الاكتفاء الذاتى من إنتاج الدجاج، ونصل إلى ٦٠٪ من احتياجاتنا من اللحوم، ماذا كان سيحدث لو لم تعمل مزارع الأسماك وتلبى احتياجاتنا. ماذا كان سيحدث لو لم تكن هناك رؤية بأهمية وجود مخزون لا يقل عن خمسة شهور من السلع الأساسية. ماذا كان سيحدث لو لم تتم توسعة قناة السويس بقناة جديدة ليتضاعف دخلنا منها، مع تراجع السياحة ودخلها بفضل أحداث طالت العالم كله. ماذا كان سيحدث لو لم يتم إنشاء المدن الجديدة والطرق والأنفاق والكبارى، والتوسع فى الصناعة والمشروعات الصغيرة، وانطلاق المشروع الأكبر لتنمية الريف بالحياة الكريمة.. ماذا كان سيحدث لو لم نتجرع مرارة الإصلاح الاقتصادى ونجتازه بنجاح. ماذا كان سيحدث لو كان الإرهاب ما زال يهددنا ويغتال أمننا وزهرة شبابنا. ماذا كان سيحدث لو لم يكن لدينا الجيش الأقوى بالمنطقة الملتهبة؟

الإجابة نعرفها جميعاً لكننا أحياناً ما ننساها أو نتناساها وسط قسوة ظروف الحياة، التى نتشاركها الآن مع كل العالم، ووسط دوامة شائعات جماعة إخوان الإرهاب ومن والاهم، التى تستهدف إرادتنا ووعينا ليل نهار.
الإجابة لو لم نكن قد أنجزنا كل ذلك وغيره الكثير لكنا  قد ركعنا أيام أزمة كورونا، فلمً نجد غذاء أو دواء أو جرعة ماء، ولكنا مع اندلاع الأزمة الحالية نبحث عن رغيف الخبز ولو بألف جنيه فلا نجده.

هذه هى الحقائق عارية بلا رتوش.. لكن المؤكد أن الدولة تعى جيداً ما يعانيه المواطن، وتتقدم الصفوف لتتحمل عنه المعاناة الأكبر، فإذا كانت فاتورة الدعم قبل الأزمة الحالية بلغت 313 مليار جنيه فى الموازنة الجديدة، فالمؤكد انها ستزيد حتى لا يكتوى المواطن بنيران الأسعار أكثر من ذلك، خاصة أن أسعار البترول بلغت ضعف ما هو مرصود بالموازنة، وأسعار القمح تضاعفت، ونحن الدولة الأولى عالمياً فى استيراده.

هذا بلدنا جميعاً حكومة وشعباً.. هذه أرضنا عليها نحيا وعليها نموت وتحت ثراها سنوارى ونتركها لأولادنا وأحفادنا، فلنقبض على وطننا بحب وعزة وكرامة، والدرس الأهم أنه كلما اشتدت الأزمات لا يجب أبداً أن نفقد إيماننا بوطننا وبأنفسنا.. بل يجب أن نضاعف العمل والإنجاز، فهذا طريقنا الوحيد للخروج سالمين من أزمات متتالية تضرب دول العالم جميعاً من أمريكا إلى أوروبا، ومن الصين إلى الهند ومن أفريقيا إلى آسيا، أزمات عالمية قاسية تهز الأرض تحت أقدام الجميع.

مصر محفوظة بإرادة رب العالمين، محفوظة بشعبها القوى الأمين، وجيشها خير أجناد الأرض، وزعيمها الذى يقود السفينة بمهارة وسط كل العواصف والأعاصير.