نوبة صحيان

إنقاذ الأغنية المصرية الحديثة

أحمد السرساوي
أحمد السرساوي

بقلم: أحمد السرساوي

 

يتساءل الناس.. لماذا اختفت الأغنية المصرية الراقية، بسماتها الفنية صوتا وكتابة ولحنا؟!
وكيف انحدر المزاج العام «بهذه السرعة» المؤسفة فتهاوى من ذرى التفاعل مع إبداعات العمالقة سيد درويش وأم كلثوم وعبد الوهاب والأجيال التى صاحبتهم وتلتهم.. إلى الحضيض إلا من بعض الشهب من كبار الفنانين؟!!

الأغنية الراقية ليست مجرد أداة للترويح أوالترفيه.. إنها مخزون لروح الشعب وذاكرته المعنوية وتأكيدا لهويته.. وهى تصنع الوجدان الشعبى وتوحد الشعور الوطنى وتُغلف المزاج النفسى العام بالعذوبة والرقى، وتدفع الهمم وتبث التفاؤل ويمكنها «مع آليات أخرى» صناعة مواطن صالح «بحق وحقيق»، كما أنها وثيقة شديدة المصداقية لمحطات مهمة فى تاريخنا وخاصة للأعوام من الثلاثينيات وحتى السبعينيات التى شهدت محطات توهجها.
لقد تضاءلت جدا المقطوعات الموسيقية الخالصة إلا من محاولات متناثرة هنا وهناك.. والأخطر أن الكتابات والبرامج النقدية العذبة التى توجه الجماهير خاصة الشباب لمواطن الجمال والتلقى اختفت تماما!!

وأتذكر هنا برامج الدكتور حسين مؤنس فى الإذاعة المصرية، وتحليلات الأستاذ عمار الشريعى فى الراديو ثم التليفزيون، والمقالات العذبة عن الموسيقى التى كتبها الأساتذة أحمد بهاء الدين، ويحيى حقى الذى له كتاب رائع حول التذوق الموسيقى اسمه «تعال معى إلى الكونسير»!!
واستغرب أن المعنيين حاليا لم يدعوا إلى مؤتمر علمى مهنى جاد يناقش الهبوط الذى نعيشه من وجهة نظر الفنون وعلوم النفس والاجتماع!!

أتذكر أن مهرجان الموسيقى العربية عندما كان بذرة فى عقل د.ماجدة صالح أول رئيسة لدار الأوبرا المصرية.. ثم أصبح واقعا قامت بتحقيقه د. رتيبة الحفنى منذ ما يزيد على ٣٠ عاما، كان من المفترض أن يكون مؤتمرا علميا راسخا أولا وعلى هامشه بعض الحفلات الغنائية، وليس العكس كما يحدث الآن.
إننى أدعو الفنان الكبير هانى شاكر من واقع مسئولياته للارتقاء بفن الأغنية أولا، وكنقيب للمهن الموسيقية ثانيا بسرعة المبادرة لعقد هذا المؤتمر، وأنا على ثقة أنه سيجد من الرعاة المثقفين من يرحب بدعم الفكرة وأهدافها السامية.