عبد النبي النديم يكتب: «مقابل الدم .. وثمن التضحية» في يوم الشهيد

عبد النبي النديم يكتب:
عبد النبي النديم يكتب:

يوم الشهيد .. نقف فيه بخشوع أمام إيثار فريد من نوعه، وتضحية لا تقدر بثمن، اختار طريقها رجال قلوبهم من ذهب، هم شهداء الوطن من القوات المسلحة والشرطة المدنية، الذين وقعوا على صك الوطنية بالدم، أن يكونوا فداء بالروح والجسد في سبيل أن تحيا مصر .. ولما لا وقد اقسموا قسم الولاء والإنتماء والفداء عند تخرجهم من مصنع الرجال، فكان القسم توقيع على بياض بأن أرواحهم وضعوها تحت تصرف الوطن، وهبوها فى سبيل الله من أجل الدفاع عن الأرض والعرض، خرجوا من طين مصر الزعفران، وشربوا من ماء النيل السلسبيل، فكانوا خير أجناد الأرض، تقف مصر البهية تفخر بهم وتتباهي أمام الأمم بوفائهم وولائهم، فالجندى المصري دائما يصنع المعجزات ويهوى التحدى، وتسطر تضحياتهم في سجل الأساطير.. إنهم أبناء الوطن دافعوا عنه أحياء، ومنهم من قضى نحبه ليحتضنة تراب مصر ليتخلط به ويصبح مقبرة لمن يحاول المساس به، ومنهم من ينتظر على العهد وقسم الولاء لتظل هامة مصر ورايتها عالية خفاقة.


تابعت مع كل المصريين احتفال الرئيس السيسي مع ابنائه من القوات المسلحة بيوم الشهيد، والتى كانت كلماته خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة من ذهب، وبردا وسلاما وتنبض بالوفاء لعظم وجلال تضحيات شهداء الوطن من أبناء مصر الأوفياء اعترافا بجميلهم وعرفانا بما قدموه فى سبيل مصر قائلا: "لقد قدموا أرواحهم ودمائهم والمصابين اللى قدموا جزء من أجسادهم علشان تفضل مصر هي مصر.. العهد مننا زى ما هما حرصوا أنها مش تضيع.. احنا كمان نحرص على أنها تفضل موجودة.. مش موجود بس كده.. لا.. موجودة بما يليق بدم وروح كل شهيد".


وأن يوم الشهيد ذكرى عزيزة على نفوسنا، نستحضر فيها بطولات رجال صدقوا الوعد وبذلوا كل غالي ونفيس من أجل أن يحيا هذا الوطن كريما آبيا مرفوع الرأس.. رجال رفضوا الاستسلام، وأثروا المقاومة بشرف وبسالة ضاربين المثل لأجيال من بعهدهم".


وأن مصر الحرة الكريمة تستحق منا كل فداء وتفانى وتضحية.. ويمثل الاحتفال بيوم الشهيد كل عام.. مناسبة متجددة لتكريم أبناء مصر المخلصين الذين ضحوا من أجل هذا الوطن الخالد، ليستمر نابضا بالحياة.. مثمرا بالخير والسلام والنماء، ونتذكر معا تلك التضحيات التي قد لا يشعر بحجمها الهائل، إلا ما قدم لمصر شهيدا أو مصابا روى بدمه تراب هذا الوطن" 


وهنا .. لنا وقفه مع كلمات الرئيس السيسي، عندما قال نتذكر معا تلك التضحيات التي لا يشعر بحجمها الهائل ، إلا من قدم لمصر شهيدا او مصابا روى بدمه تراب هذا الوطن.


معانى لها مدلولات غير عادية، واعتراف من رأس الدولة بقيمة ما قدموه من اجل بلادهم، كلمات خرجت من القلب من الرئيس السيسي، فوصلت لقلوب المصريين، فنحن نعيش على أرض مصر آمنين مطمئنين، وأسود قواتنا المسلحة على الحدود وأبناء الشرطة فى الشوارع دروع بشرية وجبال شامخة، اقسموا على حماية مصر وشعبها، اقسموا على الولاء والوفاء والتضحية، التى لا تقدر بثمن، هم من خيرة شباب الوطن، يواجهون الخطر والتهديدات بقلوب آمنة مطمئنة بربهم أنهم فى سبيل الله، ليسوا هم فقط من يضحوا فى سبيل الله، ولكن هناك أسرة مصرية حتى النخاع، وهبت فلذة كبدها فداء للوطن، وزوجة ضحت بسعادتها وراحة بالها بقبولها ان تكون زوجة تحارب فى بيتها وتربى أجيال المستقبل نيابة عن زوجها ، وتنتظر فى كل لحظة قدومه إليها من كتيبته العسكرية، فتسعد أيام وتنتظر بعدها أسابيع، ومع كل إشراقة شمس تعلم جيدا أن بشارة الشهادة لزوجها قد تطرق بابها، في أى لحظة، وهناك أطفال صغار ينتظرون والدهم لنزهة أو الإحتماء بحضنه، أو مداعبته وإبتسامته معهم، يحكون له ماذا فعلوا فى مدرستهم، ينامون بين ذراعيه وينعمون بدفء السند.


إنها يا سادة حياة من ارتضوا أن يكونوا "إحياء عند ربهم يرزقون".


فأى ثمن هذا الذى يضاهى التضحية، وأى مقابل الذى يعادل بذل الروح فى سبيل أن تحيا مصر آمنة مطمئنة، وأى نوع من البشر الذى حملوا أرواحهم على أكفهم فداء للوطن، إنهم نبت مصر الطاهر، خير أجناد الأرض، حائط الصد المنيع ضد من يحاول أن ينال من استقرار مصر، وزعزعة أمنها، والصخرة التى تتحطم عليها سفينة المخططات الخارجية، التى لا تريد الخير لمصر.


انها ليست وظيفة لكسب المال أو الوجاهه الاجتماعية، إنها رسالة ومسئولية، فعلى الرغم من أن هناك الكثير والكثير من الوظائف الأخرى التى عليها تبنى قواعد الوطن، ولها دورها المشهود له فى البناء والتنمية.


ولكن عذرا فكل وظيفية وكل عمل له مقابل مادى، أو راتب يتقاضاه صاحبه، قد يكون كثيرا أو قليلا، فهو فى نهاية كل يوم يعود لأسرته ويحيا فى دفئها، ويتمتع بزينة الحياة الدنيا، أطفاله يشبون أمامه يوما بعد يوم، يداعبهم يواجه مشاكلهم يراعاهم بنفسه.. لكن السؤال الصعب ما هو مقابل التضحية وثمن الروح فى سبيل الوطن، والراتب مقابل الدم لحماية أهل مصر؟؟


كرم الله الشهداء فى القرآن الكريم عندما قال: "ولا تحسبنَّ الذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربِّهم يرزقون * فرحين بما آتاهُمُ اللّه من فضله ويستبشرون بالذين لـم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خـوفٌ عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمةٍ من اللّه وفضلٍ وأنَّ اللّه لا يُضيعُ أجـر المؤمنين" صدق الله العظيم.


فما أعظمه من مقابل وما أعظمها من مكانه خص الله بها الشهداء، ولكن نحن كبشر كيف نعادل ثمن الشهادة وكيف نقيم صرخة أم ملكومة فقدت فلذة كبدها، وزوجة ترملت فى عز شبابها، وعيون طفل يبحث فى كل أركان منزله يبحث عن والده، فهناك خلف الباب توجد البيادة، إذن والده فى المنزل يتعب من البحث عنه، يرتمى فى أحضان أمه، "بابا فين" البيادة هنا ومش لاقيه، هو راح فين تانى .. عاوز أشوفه .. كم تساوى هذه الدمعة .


لا إجابة عن كل هذه الأسئلة، ومن يملك إجابة انتظرها، لعلنا نوفي من ضحوا بأرواحهم فى سبيل الوطن جزءا يسيرا من تضحايهم، أو نستطيع أن نحل محلهم نكون أبناء لأبائهم وأمهاتهم.. ونكون أباء لأطفالهم.. ولن نستطيع حتى ولو وضعنا بين أيديهم كنوز الدنيا.


ولكن اليوم .. يوم الشهيد كانت هناك يد حانية تمسح دموع الامهات وتقبل رؤوس الآباء،  وتقبل وجوه الأبناء،  الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى يحرص على رعاية أسر وأبناء الشهداء، وتلبية كل أوامرهم، ويمسح الحزن فى قلوبهم بكلمات خرجت من القلب تعبر عن قيمة ما قام به شهداء الوطن والتضحية فى سبيلة، فليس هناك ما يوفي أبناء الوطن ثمن الشهادة، ولا تقاس التضحية بثمن.