قريباً من السياسة

موظفة واحدة!

محمد الشماع
محمد الشماع

أنفقت الدولة المليارات من الجنيهات على تطوير وتبسيط أداء الخدمات الجماهيرية والاستثمارية باستخدام أحدث أساليب التكنولوجيا «الرقمنة» لسرعة ودقة وسهولة أداء تلك الخدمات بكل مؤسسات الدولة، ومنها هيئة البريد المصرى التى حدثت جميع مكاتبها ومنافذ أداء خدماتها المتعددة التى أصبحت على مستوى حضارى لائق.

مكاتب البريد نموذج للتطوير الإدارى، أماكن انتظار مريحة للجمهور، وتعدد منافذ شبابيك أداء الخدمة، آلة إعطاء أرقام للجمهور لتحديد دور كل عميل، كل هذا جيد. دخلت أحد هذه المراكز، تقدمت للحصول على رقم وجدت الماكينة معطلة والمكان مزدحما بالجمهور، أشار إلى أحدهم بالجلوس فى نهاية المقاعد.. نظرت لمنافذ الخدمة «أربعة شبابيك»، كلها خالية إلا من شباك واحد تجلس خلفه موظفة ولا يوجد أى موظف آخر فى المركز. نتج عن ذلك تكدس الجمهور وحدوث مشاجرات بينهم لاثبات من عليه «الدور» ومن حضر أولا ومن هو آخر عميل، ويتدخل أحد العملاء للتهدئة، وسط توجيه اللوم والاعتراض للموظفة الوحيدة التى تؤدى عملها وهى تتحدث فى المحمول، ثم يدخل فجأة إلى شباك الموظفة الوحيدة اثنان من موظفى هيئة البريد لكى يتحدثا مع الموظفة فى أمور أبعد ما تكون عن خدمة العملاء، فترتفع الأصوات تستنكر تعطيل الموظفة وضياع وقتها الذى هو وقت الجمهور مع زملائها الذين انصرفوا بعد تعالى أصوات استنكار تعطيل الموظفة الوحيدة عن أداء عملها وأربكوها، وهى تحصى المبالغ النقدية التى تسلمتها، اضافة إلى استخراج ايصالات الاستلام، ومراجعة بيانات غاية فى الدقة، الخطأ فى إحداها يوقفها للمساءلة والحساب!

فجأة يقف عميل أمام شباك الموظفة ويطول الوقت والجميع أصابه الضيق والملل فتتعالى صيحات العملاء ويتضح أن السبب هو أن العميل يقوم بإنهاء عشرة عمليات باسماء مختلفة ومبالغ متعددة وبيانات رسمية لكل حالة من الحالات العشر، وفور انصراف هذا العميل دب الخلاف أمام الشباك على من عليه الدور!
وهذا المشهد هو حلقة من مسلسل يتكرر يوميا فى المكاتب البريدية وبعض الهيئات والمؤسسات ومنها الاستثمارية ومنها الجماهيرية هل هذا هو مفهوم الشباك الواحد؟!