كنوز | الذكرى 105 لميلاد أول عالمة ذرة اغتالتها يد الغدر والخسة

الشهيدة الدكتورة سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية
الشهيدة الدكتورة سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية

فى الثالث من مارس الجارى يكون قد مضى «105» أعوام على ميلاد الشهيدة د.سميرة موسى أول عالمة ذرة مصرية وعربية، فهى من مواليد 3 مارس 1917 بقرية « سنبو» بمركز زفتى بمديرية الغربية، انتقلت مع أسرتها للقاهرة لتلتحق بمدرسة قصر الشوق الابتدائية بحى الحسين.

ثم مدرسة بنات الأشراف الثانوية الخاصة التى أسستها الناشطة المعروفة «نبوية موسى»، وقد تميزت التلميذة سميرة موسى بنبوغ مبكر فى كل مراحل تعليمها، فكانت أول فتاة تحصل على المركز الأول فى الشهادة التوجيهية بالمملكة المصرية عام 1935.


التحقت بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول - جامعة القاهرة الآن - التى تخرجت فيها سنة 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على دفعتها، فكانت أول معيدة يتم تعيينها بإصرار من عميد الكلية العالم العالمى الكبير د. مصطفى مشرفة الذى كان له فضل كبير فى مشوارها العملى إيمانا منه بنبوغها وتفوقها وإصرارها على أن يكون لها أبحاث مهمة.

وحصلت بعد ذلك على الماجستير بامتياز فى « التواصل الحرارى للغازات »، ثم سافرت إلى بريطانيا فى بعثة لمدة 3 سنوات وحصلت على الدكتوراة فى أقل من عامين فى الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة فكانت أول طالبة مصرية تحصل على الدكتوراة، واستغلت الفترة المتبقية من البعثة فى دراسة الذرة وإمكانية استخدامها فى العلاج والأغراض السلمية. 


لم تكن اهتمامات د. سميرة موسى متوقفة على العلم فقط، فقد كانت مولعة بالقراءة، وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة تضم كتبًا متنوعة فى الأدب، والتاريخ، والسير الذاتية، وأجادت العزف على العود وكتابة النوتة الموسيقية، وبرعت فى فن التصوير والطبع والتحميض الذى خصصت له معملًا صغيرًا فى بيتها، واتقنت فن التريكو والحياكة وكانت تقوم بتصميم ملابسها وحياكتها بنفسها.


ولتفوقها العلمى وجهت إليها دعوة من برنامج فولبرايت لزيارة الولايات المتحدة الأمريكية عام 1951، وأتيحت أمامها الفرصة لزيارة المعامل النووية فى جامعة «سان لويس» فى ولاية ميسورى الأمريكية لأجل إجراء أبحاث فى معاملها، وهناك اطلعت على آخر ما توصل إليه الأمريكيون فى مجال الأبحاث النووية، وكانت علوم الذرة آنذاك سر الأسرار.

وقبل عودتها إلى مصر بأيام تلقت سميرة دعوة لزيارة مفاعل نووى فى ضواحى ولاية كاليفورنيا فى 15 أغسطس، وفى الطريق الجبلى الوعر إلى كاليفورنيا ظهرت فجأة سيارة نقل اعترضت طريق السيارة التى تستقلها، واصطدمت بها بقوة ملقية بها فى واد عميق على ارتفاع 400 متر فوق سطح البحر، وقفز السائق الهندى من السيارة قبل الاصطدام بثوان، ولم يعثر له على أثر إلى الآن، وبعد عمل التحريات تبين أن السائق كان يحمل اسماً مستعاراً، وأن إدارة المفاعل لم تبعث أحداً لاصطحابها.

وانتهت بذلك حياة عالمة عظيمة كانت لتغير الكثير فى مجال الذرة.

ونشرت جريدة «المصرى» صباح 19 أغسطس 1952 خبراً فى صفحتها الأخيرة تقول سطوره : « أعلن المتحدث باسم السفارة المصرية فى واشنطن أن الآنسة سميرة موسى، الطالبة المصرية التى تتلقى العلم فى الولايات المتحدة، لقت مصرعها فى حادث سيارة بعد أن أتمت دراستها فى جامعة «أدكردج الأمريكية».

تلقت د. سميرة  قبل اغتيالها عروضاً مغرية للعمل فى إحدى جامعات الولايات المتحدة لكنها رفضت قائلة: «ينتظرنى وطنى مصر الغالى»، وقالت فى آخر رسالة بعثت بها لوالدها: «استطعت أن أزور المعامل الذرية فى أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادى خدمات جليلة فى هذا الميدان، وسأخدم قضية السلام، ولو كان فى مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت استطيع أن أعمل أشياء كثيرة».

وقد علق مستشار مصر الثقافى فى واشنطن محمد الزيات الذى أصبح وزيراً للخارجية بعد ذلك موضحا أن سميرة كانت قادرة على اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحرارى للغازات.

وتصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف، وكان أستاذها البريطانى البروفيسور «فلينت» الذى درست على يديه فى انجلترا قد كتب خطاباً رسمياً إلى الجامعة المصرية قال فيه: «تجارب سميرة قد تغير وجه الإنسانية لو أنها وجدت المعونة الكافية»، وقد آمنت د. سميرة بمبدأ التكافؤ فى امتلاك الأسلحة النووية، كى لا تفرض دولة قوتها على الأخرى، فأى دولة تسعى إلى السلام يجب أن تسعى إليه وهى فى موقف قوة. 


بالتأكيد كان وراء مصرعها اغتيال مدبر لمنعها من نقل تكنولوجيا الذرة إلى مصر، وقد اعترفت «ريتا ديفيد توماس» حفيدة الممثلة اليهودية راقية إبراهيم فى حوار عام 2012 أنها عثرت بين أوراق جدتها التى كانت تخفيها وسط كتب قديمة بشقتها فى كاليفورنيا ما يدعم أنها سهلت عملية تصفية د. سميرة موسى، تخلصوا منها قبل عودتها لمصر، وقد رفضت العمل فى أمريكا قائلة: «هناك وطن غال ينتظرنى يسمى مصر»، اغتالوا من أطلقت عليها جامعة إكسفورد لقب «مس كورى المصرية»، وها نحن نتناول لمحات من سيرتها العطرة التى تشعرنا بالفخر عندما نحتفل بعيد ميلادها الـ 105، من فضلكم أوقدوا لها الشموع. 

اقرأ أيضاً|محافظ الدقهلية يكرم فريق الكونغ فو الفائز بـ11 ميدالية ببطولة العالم