التأديبية تعاقب مراقب حسابات بسبب استغلال نفوذه في تعيين بناته

المحكمة التأديبية بمجلس الدولة
المحكمة التأديبية بمجلس الدولة

منى ربيع

..أيدت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة في الطعن رقم 84 لسنة 55 قضائية عليا قرار رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بمجازاة نائب أول مدير إدارة من فئة وكيل وزارة بعد ثبوت قيامه بالتوسّط في تعيين نجلتيه  بإحدى شركات الكيماويات الدوائية والنباتات الطبية “ وذلك إبان عمله بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع الشركتين لمراقبته.

وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها إن الطاعن “م ع أ” يشغل وظيفة نائب أول مدير إدارة من فئة وكيل وزارة بالإدارة المركزية لمتابعة تنفيذ الخطة وتقويم الأداء لقطاعات الخدمات العامة بالجهاز المركزي للمحاسبات، ونُسب إليه التوسّط في تعيين كل من نجلتيه، وذلك إبان عمله بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع الشركة الأولى لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 3 لسنة 2010 وخضوع الشركة الثانية لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 5 لسنة 2013

ولم يُضمّن الإقرارات المقدمة منه بشأن الأقارب العاملين بالجهات محل رقابة الإدارة اسم نجلته وكذا ذكر بيانات مخالفة للحقيقة، مخالفًا بذلك التعليمات الصادرة في هذا الشأن، وجاء ذلك نتاجًا للتحقيقين الإداريين اللذين أجراهما الجهاز بمناسبة فحص الشكوى الواردة للإدارة المركزية الثانية للرقابة المالية على القطاعين العام والأعمال العام من بعض العاملين بإدارة مراقبة حسابات الأدوية بالجهاز، والتي أشّر رئيس الجهاز بالتحقيق فيها، حيث تم فحص أعمال الطاعن بمعرفة الإدارة المركزية للتفتيش الفنيّ بالجهاز والتي أودعت مذكرة بما انتهت إليه من نتيجة خلصت فيها إحالة ما تبيّن من عدم وجود بعض التقارير الخطيّة لأعضاء مجموعة المراجعة للإدارة المركزية للشئون القانونية لإعمال شئونها، وبنقل الطاعن من الإدارة، وبإبلاغ الإدارة بما تكشّف من ملاحظات على أداء الأعضاء لإخطارهم.

واعتمد رئيس الجهاز الرأي المتقدم، حيث باشرت الإدارة المركزية للشئون القانونية إجراءاتها فيما اُحيل إليها والتحقيق مع الموظفين المختصّين ومنهم الطاعن في التحقيق وانتهت في مذكرتها إلى التوصية بإعادة فحص أعمال الطاعن مع إرجاء البت في مسئوليته، وهو ما اعتمده رئيس الجهاز، ومن ثم أعيد الموضوع للإدارة المركزية للتفتيش الفنيّ بالجهاز لفحص أعمال الطاعن بمعرفة أعضاء مغايرين لمن سبق وأن أبدو رأيهم في أعماله.

وأودعت الإدارة تقريرها الذي أيّد مُجمل ما تضمّنه التقرير السابق الصادر عنها، موضّحًا أن الملاحظات المرصودة على أعمال الطاعن خلال فترة عمله مراقب حسابات شركة النصر للكيماويات الدوائيّة هي ملاحظات ترتبط بالأداء المهني ولا يُمكن اعتبارها تواطؤ من الطاعن بغرض تعيين ابنته نظرًا لانخفاض أهميّتها النسبيّة مقارنةً بما تم إبلاغه من ملاحظات، كما أوصت بإحالة بعض المخالفات الفنيّة للتحقيق وتحديد المسئولية بالنظر لاشتراك عدد من المراقبين في توقيعها مع الطاعن.

والثابت بالأوراق أن ابنة الطاعن قد عُيّنت بطريق التعاقد لمدّة ستة أشهر، وجُدّد تعيينها للستة أشهر التالية، ثم جرى تثبيتها مع احتساب مدة خدمتها السابقة، وذلك كلّه إبان عمل الطاعن مراقباً ثم مشرفاً بإدارة مراقبة حسابات الأدوية وخضوع هذه الشركة لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 2 لسنة 2010 ومباشرته للرقابة عليها.

كما ثبت بالأوراق أن ابنة الطاعن الاخرى قد عُيّنت بشركة دوائية أخرى بعقد عمل مؤقّت تواتر تجديده حتى تم تثبيتها، وكان ذلك إبان خضوع هذه الشركة لمراقبته بموجب الأمر الإداري رقم 5 لسنة 2013، كما ضمّن الإقرارات المقدمة منه بشأن الأقارب العاملين بالجهات محل رقابة الإدارة بيانات مخالفة للحقيقة بعدم ذكر اسم نجلته الموظفة بالشركة العربية للأدوية والنباتات الطبية.

وإذ كان ما نُسب للطاعن من مخالفات، قد ثبت من متون التحقيقات والتقارير المودعة بملف الطعن، وأقرّ الطاعن بحصوله، وإن دفع واقعتي تعيين ابنتيه بأنه تمّ بموجب طلب شخصيّ منهما، مضيفًا أنهما جديرتان بالتعيين من واقع مؤهّلاتهما وخبراتهما، وأنهما تُعاملان من قبل الشركتين المذكورتين معاملة غيرهما من الموظّفين ولا تتمتّعان بثمّة مميزات، وهي دفوع لا تجد صدىً في يقين المحكمة، ومن ثم فإن القرار المطعون فيه فيما تضمّنه من مجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه يكون قد صدر قائما على صحيح الأسباب المبررة لإصداره قانوناً بمنأى عن الإلغاء، ولهذه الأسباب قضت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعا.