البنوك والشمول المالى

أحمد الجمَّال
أحمد الجمَّال

سياسة‭ "‬الشمول‭ ‬المالى‭" ‬من‭ ‬التوجهات‭ ‬المهمة‭ ‬التى‭ ‬تسير‭ ‬الحكومة‭ ‬المصرية‭ ‬نحوها‭ ‬لتحسين‭ ‬أداء‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الوطنى،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬يتجه‭ ‬لإلغاء‭ ‬استخدام‭ "‬الكاش‭"‬،‭ ‬لكن‭ ‬هل‭ ‬البنوك‭ ‬المصرية‭ ‬استعدت‭ ‬بما‭ ‬يكفى‭ ‬لتطبيق‭ ‬هذا‭ ‬الشمول؟

لطالما‭ ‬شغلنى‭ ‬هذا‭ ‬السؤال،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وجدتُ‭ ‬الإجابة‭ ‬فى‭ ‬ضوء‭ ‬تجربة‭ ‬صعبة‭ ‬مررتُ‭ ‬بها‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬الفائت،‭ ‬حين‭ ‬أُصِبتُ‭ ‬بوعكةٍ‭ ‬صحية‭ ‬فذهبت‭ ‬للطبيب،‭ ‬وقبل‭ ‬أن‭ ‬أتوجه‭ ‬إلى‭ ‬صيدلية‭ ‬قُرب‭ ‬مقر‭ ‬عملى‭ ‬فى‭ "‬أخبار‭ ‬اليوم‭" ‬لشراء‭ ‬الأدوية،‭ ‬مررت‭ ‬بماكينة‭ ‬الصراف‭ ‬الآلى‭ ‬بفرع‭ ‬بنك‭ ‬مصر‭ ‬لأصرف‭ ‬راتبى‭.‬

انتظرت‭ ‬فى‭ ‬طابور،‭ ‬وما‭ ‬إن‭ ‬حل‭ ‬دورى‭ ‬حتى‭ ‬وضعت‭ ‬بطاقة‭ ‬الـ‭(‬ATM‭) ‬فى‭ ‬الماكينة‭ ‬فابتلعتها‭ ‬فورًا،‭ ‬وحين‭ ‬تحدثتُ‭ ‬لموظف‭ ‬الأمن‭ ‬الموجود‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬البنك‭ ‬أخبرنى‭ ‬بأن‭ ‬علىّ‭ ‬الحضور‭ ‬فى‭ ‬اليوم‭ ‬التالى‭ ‬الساعة‭ ‬الثانية‭ ‬ظهرًا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬البطاقة،‭ ‬وهو‭ ‬نفس‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬مدير‭ ‬الفرع‭ ‬الذى‭ ‬تحدَّث‭ ‬إلىّ‭ ‬من‭ ‬خلف‭ ‬باب‭ ‬زجاجى‭ ‬مغلق‭! ‬مؤكدًا‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬موظفٌ‭ ‬مسئول‭ ‬بالبنك‭ ‬عن‭ ‬فتح‭ ‬الماكينة‭ ‬لاستخراج‭ ‬بطاقتى‭ ‬الأسيرة،‭ ‬وأن‭ ‬الخدمة‭ ‬التى‭ ‬سيقدمها‭ ‬لى‭ ‬هى‭ ‬المجيء‭ ‬فى‭ ‬صبيحة‭ ‬اليوم‭ ‬التالى‭ (‬الساعة‭ ‬الثامنة‭ ‬والنصف‭) ‬لتحرير‭ ‬رقبتها‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬الأسر‭.‬

أمام‭ ‬دهشتى‭ ‬كمفلسٍ‭ ‬يقف‭ ‬على‭ ‬أعتاب‭ ‬بنك،‭ ‬كان‭ "‬الخمول‭" ‬سيد‭ ‬الموقف‭ ‬فى‭ ‬الداخل‭.. ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬أجد‭ ‬أى‭ ‬وسيلة‭ ‬لعبور‭ ‬هذه‭ ‬الورطة،‭ ‬وحين‭ ‬طلبتُ‭ ‬من‭ ‬مدير‭ ‬الفرع‭ ‬أن‭ ‬يصرف‭ ‬لى‭ ‬راتبى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬أجيء‭ ‬لاستلام‭ ‬البطاقة‭ ‬فى‭ ‬أى‭ ‬وقت‭ ‬لاحق،‭ ‬اعتذر‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬انتهت،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬عقارب‭ ‬الساعة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬الخامسة‭.‬

لا‭ ‬ألوم‭ ‬موظفى‭ ‬البنوك،‭ ‬بل‭ ‬أدعو‭ ‬لتسهيل‭ ‬آليات‭ ‬عملها‭ ‬للتيسير‭ ‬على‭ ‬المواطنين،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬توصلت‭ ‬لإجابة‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬كان‭ ‬يشغلنى،‭ ‬وهى‭ ‬أن‭ ‬تطبيق‭ ‬الشمول‭ ‬المالى‭ ‬يبدأ‭ ‬بتهيئة‭ ‬الأوضاع‭ ‬داخل‭ ‬البنوك‭ ‬أولًا‭.‬

Email‭: ‬[email protected]