خلع بطعم الحرية l “نورهان” خرجت من سيطرة الأب إلى جبروت الزوج

خلع بطعم الحرية
خلع بطعم الحرية

هبه عبد الرحمن

قضية هى الأغرب من نوعها ، أصر والدها على تزويجها رغمًا عنها، وبعد زواجها بشهور قليلة رحل والدها لتتمرد الزوجة الصغيرة على واقعها المؤلم، فقررت أن تتقدم بدعوى خلع ضد زوجها أمام محكمة الأسرة ، لتعود وتستأنف حياتها كما تمنتها مرة أخرى.

نورهان 18 سنة شابة مغلوبة على أمرها ، كانت ترسم لنفسها دربًا من التعليم والعمل وتحقيق الذات، لكن والدها عصف بأحلامها الكبيرة، واستغل إرادته القوية فى الإطاحة بما تمنته وأجبرها على الزواج وترك الدراسة.

منذ نعومة اظافرها لم تكن مثل سائرالفتيات تحلم بفارس الاحلام أو فستان الفرح والكوشة والزواج وإنجاب الأبناء، لكنها كانت تنظر إلى الطبيبات وتحلم بأن تكون واحدة منهن يومًا من الايام وكانت تنظر من نافذة غرفتها الصغيرة بالحى الشعبى، وتنظر إلى النجوم وتتمنى بأن يتحقق حلمها.

لكن لعب القدر دوره وكان له كلمة اخرى، ولم يضع الاب فى تفكيره احلام ابنته أو طموحاتها، كل ما كان يحلم به أن يزوج بناته ويتحقق المثل الشعبى القائل البنت لبيت زوجها، وألا يرهق نفسه فى الإنفاق على تعليمهن ، ويكفى أن تلتحق كل واحدة منهن بالثانوي التجارى وتخرج منه إلى بيت العدل.

رفضت نورهان البسيطة الرقيقة العريس الذى جلبه لها والدها، ووقفت فى وجهه وهى تصرخ معلنة رفضها لفكرة الزواج من الاساس وأنها لا تحبه أو تحب غيره، ولا ترفضه من أجل شاب آخر، لكنها فقط تحمل فى قلبها الصغير حلمًا كبيرًا بتحقيق الذات والكيان بعيدًا عن الزواج.

لكن إرادة الاب القوى كانت اقوى من رغبة الفتاة، وعناده ولإصراره على تزويجها كان اشرس من إصرارها على الرفض، واضطرت الفتاة الهادئة المطيعة فى النهاية للرضوخ لرغبة والدها ،لانها ليست من الفتيات اللائى ممكن أن تخرج عن طوع والدها أو تغضبه، لكن كان قلبها يعتصر ودموعها لم تفارق وجنتيها حتى ليلة زفافها.

كان الضيوف من الاقارب والاصدقاء يقفون على الصفين، يقدمون التهانى للعروس وهم لا يدركون أن قلبها الصغير ليس سعيدًا بل تعيسًا لدرجة لا يتخيلها عقل، وهى تتمنى لو الارض تنشق وتبتلعها فى تلك اللحظة قبل أن تقتل احلامها بيديها.

ولم تتمكن نورهان أن تكتم دموعها حتى امام المدعوين، لكن هذا الموقف لم يجعل قلب والدها يرق أو يضعف امام دموعها ،بل زاد من إصراره على تزويجها، وطارت بصحبة زوجها إلى بيت الزوجية.

الكارثة أن نورهان كانت بجانب سنها الصغير وعدم خبرتها فى كيفية إدارة بيت كانت ترفض الزواج فى هذا الوقت مما جعلها لا تجيد التعامل مع زوجها، وزادت المشاكل بينهما لكن بدون قصد من كليهما، ومرت الايام والشهور وهى تعيش حياة لم تكن تتمناها.

وكأن القدر يلعب دوره من جديد فى حياة نورهان، فجأة وبدون مقدمات وقع والدها فريسة للمرض ولم يكمل اياما حتى فارق والدها الحياة ، مات تاركًا خلفه إرثا من العذاب والالم، ورغم أن الحزن تملك قلبها على والدها، لكن شعرت بأن أحلامها قد تتجدد من جديد، وطموحاتها ممكن أن تعود الى النور، وتتمكن أن تغير مصيرها مرة اخرى.

وطلبت من زوجها أن تعود لتستكمل دراستها من جديد، لكنه رفض وبشدة، واصرت هذه المرة أن تحصل على حقها، وألا تترك عناد وجبروت رجل يقف فى طريق سعادتها، وطلبت منه الطلاق لكنه ايضا رفض، واستجمعت نورهان قوتها ووقفت للمرة الاولى فى وجه العقبات التى تقف امامها، وأسرعت إلى محكمة اسرة الجيزة، تقدمت بدعوى خلع ضد زوجها، معللة ذلك بأنها تزوجته رغمًا عنها بعد إصرار والدها على تزويجها.