إياد نصار .. المُبدع المُقنع

إياد نصار
إياد نصار

مايسة أحمد

رغم أنه حقق نجاحات كبيرة في مصر، بل ومتزوج من مهندسة ديكور مصرية، وإقامتها في القاهرة أكثر حاليا من إقامته في وطنه بالأردن، لكن إياد نصار بعمل واحد فقط حصل على هجوم شديد من المصريين.. فما سبب ذلك؟.

ولد إياد نصار في العاصمة الأردنية، عمان، وهو من أصل فلسطيني، وتخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة «اليرموك»، والأمر الغريب أنه التحق بهذه الكلية عن رغبة قوية، لكن بعد التخرج تغيرت أفكاره وميوله، حيث بدأ حياته كمدرس، ثم أتجه للفن وعمل في البداية كمساعد مخرج، وقال عن تلك الفترة: «استفدت جدا بهذه الفترة، وفي حاجات فهمتها خاصة بالتصوير والإضاءة»، ومشواره في التمثيل بدأ بمسلسل «عرس الصقر» عام 1998. 

لم يفضل إياد نمط الأدوار السهلة، وراح يبحث عن أعمال تترك بصمة وتعيش في وجدان المتلقي، لذا قدم أعمالا صعبة بحرفية شديدة، منها مسلسلات «امرؤ القيس، الطريق الوعر، آخر أيام اليمامة»، وتمرد أيضا على الأعمال التراجيدية، وراهن على الشكل الكوميدي في مسلسل بعنوان «شو هالحكي».

رحلته التاريخية

جاء مسلسل «الحجاج» عام 2003، ليمثل نقلة فنية له، عندما قام فيه بدور «طارق بن عمر» أحد قادة «الحجاج بن يوسف الثقفي» تلك الشخصية الأسطورية في التاريخ الإسلامي التي أشتهرت بقسوتها وجبروتها ودهائها، ولم يتردد إياد في دوره هذا في الظهور بشكل يختلف كثيرًا عن مظهره من أجل إضفاء مزيد من الواقعية على دوره. 

بعد ذلك قام بدور «الخليفة المأمون» في مسلسل «أبناء الرشيد» الذي تم عرضه في 2006، وفاز إياد عنه بجائزة أفضل ممثل في مهرجان «القاهرة للإذاعة والتليفزيون»، وأيضا فاز بذهبية أفضل مسلسل وقتها، وقرر أن يترك الأردن ويخوض التجربة في «هوليوود الشرق» ويغازل جمهورها.

ولأنه يمتلك رصيدا كبيرا من الموهبة لفت الأنظار في مسلسل «صرخة أنثى» أول أعماله في مصر، والذي تم إنتاجه عام 2007، وبعد مسلسل «الأمين والمأمون» شارك في مسلسل «الاجتياح»، وهو مسلسل يناقش الاجتياح الإسرائيلي لمدينة جنين الفلسطينية، وكشف المسلسل بشاعة الممارسات الإسرائيلية، وقدم فيه دور «خالد» الشاعر والمناضل الفلسطيني الثائر الذي يدرك الأبعاد التاريخية والسياسية للصراع العربي الإسرائيلي، وفاز المسلسل بجائزة «إيمي» العالمية لعام 2008، كما قدم مسلسل «خاص جدا» مع يسرا.

 

هوليود الشرق

بعد ذلك قدم إياد مسلسل «طريق الخوف» مع غادة عبد الرازق، وقدّم فيه دور مهندس معماري يحيط به كثير من الغموض ويحيا عشرات المشاعر والحالات المتناقضة قبل أن ينكشف الستار أخيراً عن سره، كما قدم مسلسل «أيام الرعب والحب» وهو مسلسل يتحدث عن مشاكل الشباب وقدم فيه دور «صلاح» طالب الطب ورئيس اتحاد الطلبة الذي يساعد زملاءه على التغلب على مشكلاتهم في الإدمان أو مشاكلهم الاجتماعية، كما شارك في مسلسل «أبو جعفر المنصور» وقدم دور الخليفة عمر بن عبد العزيز وهو العمل الذي عرض في رمضان 2008.

قال نصار عن هوليوود الشرق: « حلم كل فنان عربي أن يقف بين فناني مصر سواء على أرضها أو في زيارة فنانيها لبلده وعندما كنت في لوس انجلوس لحضور ورشة تمثيل سألني زميل من كوريا هل رأيت الأهرامات؟ فقلت له يوميا أثناء ذهابي وعودتى من العمل.. رأيت الإنبهار في عينيه وهو إحساس اسعدني جدا.. ثم سألني هل تذهب للعمل على جمل؟ اعتقدت أنه يمزح لكنه كان جادا وهذه هى المشكلة الحقيقية فللأسف هذه هي الصورة النمطية التي صدرتها هوليوود عن العرب حيث تصور برج خليفة وبعدها صحراء وجمال فقط لا غير.. فقلت له لا وغيرت له هذه الصورة النمطية بأن عرضت عليه صور وفيديوهات تظهر مدى التطور الذى نعيشه».

أما عن حياته فى مصر فأضاف نصار: «أنا اتكحرت في الشارع ونزلت قهاوي وسط البلد أنا مكنتش عايز أمثل بالمصري أنا كنت عايز ابقى مصري من حبى ليها».

البريق

ولعب الكاتب الراحل وحيد حامد دورا رائعا في حياة إياد عندما رشحه لتجسيد شخصية «حسن البنا» مؤسس جماعة «الإخوان»، في مسلسل «الجماعة»، والذي تم عرضه عام 2010، وحقق نجاحا لافتا، كما وضع إياد في خانة البطولة المطلقة.

أما الدور الأهم والذي يعتبر بداية حقيقية لدخول إياد إلى تاريخ السينما في مصر، فهو دوره في أول فيلم سينمائي له وهو «أدرينالين» الذي قدمه مع عدد من كبار نجوم السينما، وعلى رأسهم خالد الصاوي وغادة عبد الرازق، وقدم فيه دور ضابط شرطة من طراز خاص، والفيلم من إنتاج «الشركة العربية للإنتاج والتوزيع السينمائي»، وإخراج محمود كامل.

ويحسب لإياد عدم انشغاله بمساحة الدور والرهان دائما على القضية التي يقدمها العمل الفني لذا لا يمانع من تقديم أدوار صغيرة المساحة، لكنها عميقة المعنى وتأثيرها صعب زواله، فيقول: «أنا ممثل قلوق جدا، فمثلا دائما أعلق الميكروفون في قدمي أثناء التصوير، ولا أشاهد ما قمت بتصويره بعد كل مشهد، لأنني عندما أراقب نفسي أرى العيوب، والتي من الممكن ألا يراها غيري، وبالمناسبة عندما تُعرض لي أعمال أشاهدها لمرة واحدة فقط».

وعن مشاركته ضمن لجنة تحكيم مهرجان «الإسكندرية المسرحي للمعاهد والكليات الخاصة»، قال: «كانت تجربة رائعة، ورأيت مواهب جيدة ومبشّرة قدّمتْ أفضل ما لديها في حدود الإمكانيات المتاحة، والمسرح يستطيع كشف حقيقة المواهب والقدرات».. مشيراً إلى أنه في الأصل ممثل مسرحيّ ونشأ بالأردن في وقت لم تكن هناك إمكانيات سينمائية وتليفزيونية جيدة، وكان المسرح هو المتنفس، لذلك فإنه يحبّ المسرح ويدين له بظهور وتبلور موهبته.

 

موازنة

إياد يحرص على تحقيق معادلة تجمع بين الأعمال النخبوية والأخرى التجارية، ورداً على ذلك يقول: «أنا ضد النخبوية في الفن وبالنسبة إليّ هناك مصطلح أؤمن به هو (المثقف العضوي)، أي الذي يستفيد المجتمع من ثقافته، وأنا أعمل على أن تصل ثقافتي وفكري الفني إلى المجتمع لأفيد أكبر عدد من الناس، والفكرة هي كيف أختار وسيلة التوصيل المفيدة لهذا الفكر، لذا أتعمد مثلاً إن كان العمل الفني للتسلية أن يكون فيه شيء مفيد، بمعنى آخر لابدّ لأي عمل أن يكون فيه أكثر من مستوى للإستفادة، وعموماً أكره النخبوية وأعتبرها ضعفاً، وهي تشبه عندي الأعمال التجارية الفارغة التي تحرم قطاعاً كبيراً من الجمهور من الإستفادة».

تصدر إياد «التريند» على «جوجل» بعد عرض فيلم «الممر» لأول مرة بسبب شخصية «ديفيد» الضابط الإسرائيلي التي قدمها خلال الأحداث، وقال عنها: «تفاعل الجمهور مع الشخصية وكمية الشتائم التي تلقاها (ديفيد) يستاهلها.. وأنا كمان كنت بشتمني مش الجمهور بس كل ما أشاهد الفيلم فعلا ربنا ياخدهم كلهم.. هما سبب البلاوي اللي إحنا فيها دلوقتي»، ولفت إياد أن طبيعة شخصية «ديفيد» جزء من العمل، فلابد من تقديم الغرور الذي يظهرون به والانكسار الذي كانوا فيه وقت إنتصارنا عليهم.  

يشار إلى أن المتابعين أشادوا ببراعة إياد في تقديم الشخصية لدرجة كرههم له، وجاءت التعليقات كالتالي: «أنت تستخبى في أي حتة اليومين دول عشان الشعب واخد الموضوع بجد»، «إنت فين يا إياد أوعى تيجي مصر المصريين هيقطعوك بسنانهم، دا أنت كرهتنا في الإسرائيليين أكتر وأكتر»، «استخبى من المصريين الفترة دي»، «تمثيل اياد نصار ده جبار لدرجة أنه كرهني فيه حرفيا وفي كل لحظة كان نفسي أروح اضربه»، «بجد ممثل بارع جدا».

وشارك فى بطولة الفيلم عدد كبير من النجوم منهم: أحمد عز- أحمد رزق - أحمد فلوكس - محمد فراج - أحمد صلاح حسنى - محمد الشرنوبى - محمد جمعة - محمود حافظ - أمير صلاح الدين - أسماء أبو اليزيد، ويضم هند صبرى-  شريف منير - إنعام سالوسة وحجاج عبد العظيم كضيوف شرف.

المرفوض

وعن سبب رفضه تقديم شخصيات دينية وسياسية يقول إياد: «أرفض إذا وجدت أن هناك حساسية في تقديم بعض الشخصيات، وغالباً أجد ذلك، لذلك أرفض تجسيدها، أما بالنسبة للأدوار السياسية فهناك محاذير من نوع آخر، إذ أحياناً أكون مختلفاً مع الفكر السياسي للمشروع، وحدث ذلك في أعمال عُرضت عليّ في الأردن، ورفضتها لأنني غير مقتنع بسياسة العمل، كما أنني أسأل نفسي (لماذا أقدّم هذه الفكرة حالياً وما هدفها الحقيقي؟)، ورغم ذلك لست ضد أن يكون للفنان موقف سياسي، فالفن شكل من أشكال المعارضة وليس الإعتراض، ومسئولية الفن تنموية وتطويرية للمجتمع ويقع على عاتق الفنان جزء كبير من مهمة تنمية المجتمع».

الوجه الآخر

أما عن حياته الشخصية، فقد تزوج إياد مرتين، الأولى من مخرجة مسرحية وأنجب منها ولديه «إيثار وآدم»، ثم أنفصلا وتزوج المرة الثانية من شيماء الليثي مهندسة ديكور مصرية في مارس 2014، بعدما تعرف عليها أثناء عمله في مسلسل «الوديعة والذئاب» عام 2009، وقررا الزواج بعد قصة حب طويلة، وأنجبا «نوح».

وقال عنهم إياد: «وجدت احتياجي للتركيز مع بيتي وأولادي أكثر، وأهتممت بفكرة ترك ذكريات مع أولادي، ونظرتي للحياة أصبحت مختلفة، ولابد ألا أنسى دوري كأب وزوج، فأولادي هم (إيثار 17 عاما يدرس سيكولوجي) و(آدم 14 عاما وهو مشروع مخرج)، أما (نوح آخر العنقود 7 سنوات فهو مشروع ممثل)».